النرويج دولة ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية تجري فيها الأنتخابات البرلمانية كل اربعة سنوات وتسبقها الأنتخابات البلدية والمجالس البلدية ( kommunestyrevalg og valg til bydelsutvalg )

والمجلس البلدي هو الهيئة الأدارية المسؤولة عن اتخاذ القرارات الأدارية للبلديات وبما يكفل لجميع المواطنين حقوقهم المدنية كاملة ( الأسكان - التعليم-الرعاية الأجتماعية - الثقافة- الأهتمام بالبيئة- والصحة العامة ) التي ضمنها لهم دستور النرويج الذي صدر في 17/5/1814وكان حق التصويت محصور بالرجال حتى عام 1913حيث سمح للمرأة المشاركة في التصويت . يوم أمس 13/9/2015 بدأت عملية الأقتراع لأنتخابات المجالس البلدية حيث جرى قبل حوالي اكثرمن شهرتوزيع اوراق الأقتراع على المواطنين بالبريد الرسمي دون عناء او متابعة من قبل المواطنين كما يجري في بلداننا وما على الناخب الا ان يجلب معه ورقة تعريف رسمية ( جواز سفر- رخصة قيادة سيارة- بطاقة مصرفية نافذة او بطاقة الأقامة للأجانب الذين مضى على تواجدهم في حدود احدى البلديات اكثر من ثلاث سنوات ) ويحق لمن اكمل الثامنة عشر ان يشارك في عملية الأقتراع وهناك عدد من البلديات سمحت لمن عمره ستة عشر عاما المشاركة في الأقتراع .

يوجد في النرويج اكثرمن ( 30 ) حزبا سياسيا منها فقط تسعة أحزاب مشهورة وتمتلك مقاعد في البرلمان النرويجي وهي تتنافس اليوم للفوز بأنتخابات المجالس البلدية التي تمتلك صلاحية واسعة ومهمة ومؤثرة في حياة المواطنين وخاصة الأجانب منهم . وتمتلك هذه الأحزاب فرص متساوية في الدعاية والأعلان والترويج والمناظرات دون اي تدخل للدولة فيها فالكل له شعاراته واعلاناته وصور مرشحيه حيث اصطفت جميعها في احد الشوارع المهة في العاصمة اوسلو وبأمكان اي مواطن حتى اطفال المدارس شاهدتهم وهم يحاورون ويسألون عن طروحات الأحزاب ومبادئهم وبرامجهم السياسية صحيح ان الأطفال ربما لا يفهمون شيئا عن السياسة اليوم لكن وجودهم اليوم بين الأحزاب وممثليهم يتيح لهم فرصة الأطلاع والممارسة السياسية المبكرة وما ان يبلغوا سن الرشد حتى تكون مشاركتهم فعالة وواضحة ومؤثرة وقد شاركت عدد من الأصدقاء في جولة ما بين اكشاش هذه الأحزاب وكل منا يسأل ممثل اي حزب عن اي غرض يود الأستفسار عنه ويقابلك هو برد لطيف وجميل وهو يشرح بالتفصيل ما تود معرفته وكان من نصيبي حزب المحافظين النرويجي الحاكم والذي يقف ضد وجود الأجانب واقامتهم بالنرويج فوجدت في ذلك فرصة مناسبة لأنتقاد توجهات الحزب هذه وما كان من ممثل الحزب الا ان يشير الى بناية البرلمان القريبة من مكان تواجدنا قائلا هذه مسؤولية البرلمان فقلت له انتم من يحكم البلد وبالتالي تقع عليكم مسؤولية اي خطأ ترتكبه السلطات الحكومية . تم تقسيم هذه الأحزاب حسب مواقفهم وبرامجهم ووضع لون مميز لكل من هذه المجموعات فاللون الأحمر يرمز الى الأحزاب الديمقراطية والأشتراكية ومن أهم هذه الأحزاب :

1. الحزب الشيوعي النرويجي : وهو حزب يساري وبرامجه اشتراكية ديمقراطية انسانية يرأسه السيد ( بيورنرموكسنس ) ويسعى لتقليل الفوارق الطبقية والغاء المنافع الشخصية واستخدام اموال الدولة للتنمية ورفاهية المجتمع وله علاقات واسعة مع اغلب الأحزاب الشيوعية العربية والدولية ومن برامجه جعل التعليم مجاني للأطفال وايجاد اماكن رسمية لهم لقضاء اوقات الفراغ في اكمال واجباتهم واختيار الألعاب المناسبة لقدراتهم وهو يدعم تواجد الأجانب واللاجئين ويساند قضايا الشعوب التي تتعرض للظلم والأضطهاد في نضالهم لنيل حقوقهم المشروعة .

2. حزب العمال النرويجي وهو من احزاب وسط اليسار يراسه ( السيد يوناس كارستوره ) يهدف هذا الحزب حسب برامجه الى اقامة دولة الرفاهية واشاعة الروح الديمقراطية وايجاد فرص العمل والأهتمام بالطبقة العاملة وتوفير أجواء العيش السليم لهم ولعوائلهم والأهتمام بالطفولة والتعليم والصحة وقد قاد البلد في عدة مراحل خسرها في اخر انتخابات لصالح حزب المحافظين عام 2013 . يتمتع حزب العمال بشعبية كبيرة في عموم النرويج وله مواقف مهمة في مناصرة الطبقة العاملة وتنظيم أعمالها لنيل حقوقها الدستورية ورفع الحيف والظلم الذي تعرضت له سنوات طويلة . وله مواقف مشرفة ازاء كافة القضايا العربية المصيرية ويعمل على ضرورة توفير فرص العمل للاجئين والمهاجرين في النرويج وأستقبالهم وتأمين تواجدهم ولذلك يحظى هذا الحزب بدعم كبير من الجاليات العربية والأسلامية المقيمة في النرويج .

3. الحزب المسيحي الديمقراطي يرأسه ( السيد كنوت آرديل هارايد ) يهتم هذا الحزب بالأسرة والطفولة ويدعم توفير كافة الأحتياجات اللازمة لهم من خلال الأهتمام بالتعليم والمعلمين ورعاية الأطفال في روضاتهم ومدراسهم وانشاء مدارس نموذجية لهم ويضع هذا الحزب في خططه رعاية كبار السن وتوفير الدور الخاصة لرعايتهم وايجاد من يقدم الخدمات الطبية لهم وفي النرويج تتوفر لكبار السن دور رعاية اجتماعية وصحية وخدمية وحتى وهم خارج هذه الدور هناك من يرعاهم ويهتم بهم .

4. الحزب التقدمي النرويجي ويرأسه ( السيد سيف ينسن ) وهو حزب لبرالي يركز على التعليم والخدمات العامة وضرورة ايجاد اماكن سكن للمواطن حسب رغبته وعلى البلديات ان لا تجبره على السكن في مكان لا يرغب فيه والبلديات وجدت لتخدم المواطن وليس لجمع الأموال فالمواطن عليه ان يرتاح والبلدية تخدمه والدولة مسؤوله حمايته و تحقيق الأمن الغذائي بحيث يكون المطبخ النرويجي من افضل المطابخ في العالم والتقليل من فائض الطعام لدعم موازنة الأسرة وتوفير الفرص للجميع للعمل والمشاركة في النشاطات الأجتماعية أما اللون الأخضر فيشير الى الأحزاب التي تهتم بالبيئة والخدمات العامة والضمان الأجتماعي ومن هذه الأحزاب :

1. حزب الوسط : رئيسه ( السيد تركفي شلاكسفولد فيدوم ) يشدد هذا الحزب في برامجه الى توفير السكن الملائم للمواطنين على ان تتحمل المجالس البلدية المسؤولية في ذلك أضافة الى الأهتمام بالأمن الغذائي والرعاية الأجتماعية والمساواة في فرص العمل لكي يحظى الجميع بقدر معين من الحرية والسعادة والأمان .

2. حزب الخضر النرويجي: وهوأحد الأحزاب التي تهتم بالبيئة وتسعى جاهده من خلال برامجها الى التقليل من مخلفات المعامل والشركات وتقليل الأشعاعات الناجمة عن التصنيع لأنها مصدر كبير للتلوث والأضرار بالبيئة ويدعو الحزب الى ضرورة ايجاد موارد طبيعية غير النفط والغاز وتقليل استخدام السيارات الخاصة والتعويض بوسائط النقل الحكومية ويرأس الحزب ( السيدة هيلدا أوبوكو والسيد رسموس هانسن ) ويهدف هذا الحزب الى الأهتمام بالزراعة لأنها مصدر مهم للثروة ووسيلة مهمة لأيجاد مناخ صحي للأنسان وللمدن ويدعو الى اعطاء المجالس البلدية صلاحيات واسعة ودعمها اقتصاديا لتوفير حاجات المجتمع .

3. حزب اليسار الأشتراكي : وهو من احزاب وسط اليسار يرأسه السيد ( اودون ليكسبكن ) يهتم بالتعليم ويدعو الى تهيئة معلمين أكفاء ومدارس حديثة هادئة وجميلة يشعر فيها الطالب بالراحة التامة ليحسن الأصغاء ويكمل واجباته في المدرسة ويمارس هواياته والعابه بحرية تامة وهو الحزب الوحيد الذي يحمل اللونين الأحمر والأخضر ويدعو هذا الحزب الى الأهتمام برعاية كبار السن وتوفير الخدمات في بيوتهم كما يهتم بالبيئة وضرورة المحافظة عليها والعمل على جعل المدن رائعه تفوح منها رائحة الورود والعطور التي تبعث الأمل في النفوس .

ويشير اللون الأزرق الى الأحزاب المحافظة والرأسمالية التي تشجع القطاع الخاص وبعض الأحزاب التي تتحالف معها حتى وان كانت احزاب يسارية وهذه ميزة ربما لا نجدها في احزاب اخرى خارج النرويج فكيف لحزب يساري يتحالف مع احزاب تمثل اقصى اليمين ومن هذه الأحزاب :

1. حزب المحافظين النرويجي : وهو الحزب الحاكم في البلاد تراسه ( السيدة أيرنا سولبيرغ ) وهو من أشد الأحزاب المحافظة في النرويج ذات التوجهات الرأسمالية يهدف الى زيادة الملكيات الخاصة وتشجيع القطاع الخاص والتقليل من الأنفاق الحكومي وزيادة انتاج النفط وبناء اقتصاد رأسمالي نموذجي وله مواقف متشددة من المهاجرين واللاجئين الأجانب كما ان هذا الحزب يدعو الى الأهتمام بالخدمات العامة وتحسين طرق المواصلات وادامتها .

2. حزب اليسار النرويجي : بالرغم من يسارية هذا الحزب الا ان توجهاته وأفعاله تشير الى تماثل برامجه وأفعاله مع طروحات ورؤى وبرامج الأحزاب اليمينية وكثيرا ما دخل مع احزاب اليمين في تحالفات متعدده يرأسه ( السيد تريني سكي كراندي ) وفي برامجه يدعو الى تكافؤ الفرص وأهمية استثمار الطاقة المحدودة بشكل كبير اضافة الى الأهتمام بالتعليم وضرورة الحصول على المعرفة وان لا يكون هناك اطفال خارج الروضة بحيث تتكفل الدول بكافة مصاريفهم وبالتالي تتمكن الأسر من توفير المال المطلوب لرعاية ابنائهم .

ومما يلاحظ ان عملية الأقتراع تتم بشكل طبيعي لا يشوبها التزوير ولا الأنحياز لجهة دون اخرى ومن يفوز يحكم ومن يخسر عليه ان يغادر بكل محبة وسرور ويرضى بالأمر الواقع لأنها ارادة الجماهيروحسن اختيارها بمن تراه مناسبا للحكم وادارة السلطات وكثيرا ما يعرض التلفزيون النرويجي مناظرات سياسية يقدم كل حزب برامجه بوضوح ودقة لينال دعم وأصوات الناخبين وكلما كان ممثل الحزب بارعا في ايصال أفكار وبرامج وتطلعات حزبه الى الجمهور تمكن من كسب التأييد لأنصار ومرشحي حزبه في عملية الأقتراع . انها بحق ممارسة ديمقراطية سليمة وراقية نتمنى ان يجري ما يماثلها في بلداننا في القريب العاجل.