شبكة ذي قار
عـاجـل










" الأمن القومي أم مسائل السياسة العربية و أولويته تعلو كل الأولويات الأخري "

 

 بعد مرور ثمانية عقود  من الزمن علي تأسيس جامعة الدول العربية و ما اقترن بهذا التأسيس من معاهدات تمتد من السياسي الي الإقتصادي و الثقافي و الأمني ؛ الجامعة التي ولدت كتعبير عن طبيعة النظام الدولي الذي أفرزته نتائج الحرب العالمية الثانية بما يعنيه من ثنائية استقطاب .  ثنائية استقطاب انعكست سلوكا  في مختلف الميادين الضامنة للأمن ان كان في جانبه القطري الضيق أو القومي الأساس  تصريفا له بما جعل كل ما وقع من وثائق طيلة الثماني عقود عبارة عن تبذير مالي و زمني استخلص من جهد المواطن العربي دون ان يكون له أي انعكاس ايجابي لا علي أمنه الفردي و لا علي أمنه القطري و لا حتي حصنه قوميا من الإختراق الأجنبي ان كان مجاليا أو اقتصاديا أو فكريا ثقافيا ، فلا المناطق المحتلة تحررت و استعادت الدولة القطرية سيطرتها عليها ، لا بل انخرطت العديد من الدول القطرية في مزيد التفويت الإحتلالي لأجزاء أخري حد التفريط في أقطار بالكامل للإحتلال الأجنبي ... و كل ذلك تحت لافتة الظرفية التي ــ لا تسمح بهذا و القضية المركزية تستوجب كذا تنازل تكتيكي هنا ، و تعامل براغماتي هناك .

 

ثمانية عقود من الزمن و الدولة القطرية بقادتها لا تري في الأمن القومي الا تعبيرا خطابيا للمنافسة الإعتراضية بينيا بينها بصيغة الترويج للحماية الأجنبية من الآخر القطري الذي يسلك في بنائه القطري تجربة غير التجربة التي يسلكها الآخر ، ليتحول مفهوم الأمن القومي و من خلاله الأمن القطري الي منطلق لخدمة الآخر الأجنبي علي حساب الأمـــــة و مصالحها ... رغم أن الكل يفهم من ان لا سيادة تامة طالما أن الأرض محتلة مهما كان حجم المساحة المحتلة و ما تمثله من أهمية جيواستراتيجية ؛ و لا اعتقد من أن هذا الكل ممن يتصدرون القيادة في هذه الأمــــــة لا يستحضرون الخطر الذي يمثله احتلال أرضي لأشقائه أن لا تتحول الي قاعدة ضد أمنه " القطري " ، اذ لا أمن قطري في غياب الأمن القومي .

 

هذا الكل المتصدر للقيادة في هذه الأمة الآن يعي من أن قوة أي منهم منفردة بصيغة الدولة القطرية ليست قادرة علي حفظ أمنه منفردا خاصة و الكل يعرف من أن مجال الأمــــــة العربية الجغرافي هو بكل المقاييس يمثل "سرة العالم" تاريخيا و واقعا ماديا و معنويا معاشا ؛ و تشترك في ذلك كل ساحات هذا المجال ان كان بصيغة المفصل الفاعل ، أو بصيغة الجزء من مفصل هام فيها ؛ فهي تاريخيا في ما مضي ان كان بعيده أو قريبه و اليوم  بخاصــــــــة بعد احتلال العراق هي عقدة التناقضات الدولية و الإقليمية ؛ عقدة تناقضات بما تطرح من لافتات بائنة للكل " أمن الكيان الصهيوني ، النفط و الغاز ، الإسلام الجهادي " عناوين لافتات رئيسية تفرض نفسها علي الكل و تفسر مجمل النزاعات ان كان بداخل مجال الأمة أو علي مشارفه . بما يجعل هـــــــذا الكل المتصدر للقيادة أو المتطلع لها من أحزاب و حركات يعي من أن الأمن القومي للعرب واحد لا يتجزأ و أن من يتهرب من مسؤوليته فيه لا يمكن أن يكون في مأمن مهما إعتقد في نفسه من قوة من التذيل لهذه القوة أو تلك ان كانت خارجية أو اقليمية و بالضد من نفسه قبل أن يكون بالضد من شقيقه الذي يقاتل الإحتلال كما هو قائم و ممثل اليوم في ثورة العراق الذي يحاول الإعلام اختصارها في الأنبار ان كان حسن النية و اعتبارها مواجهة للإرهاب تحت لافتة " داعش " لمن حسم في تذيله و عمالته .

 

علينا أن نفهم من اننا أمام خيارين متلازمين ثلثهما لا يمكن تصنيفه الا بالتذيل :

أولا : اعتبار الأمن القومي أم مسائل السياسة العربية و أولويته تعلو كل الأولويات الأخري ؛ و هذا يفترض موقفا سياسيا متبني للثورة في العراق لكونها ثورة تقاتل لتحرير قطر محتل احتلال يستهدف تحويل القطر العراقي الي قاعدة انطلاق لتهديد أكثر من قطر آخر ان لم يكن التهديد قد باشر فعله بصيغ بائنة للكل .

 

ثانيا : اقلاع الكل المتصدر للقيادة عن أوهام السياسة التي حكمت فعلهم و المبنية علي نقيضتين في ظاهرها و لكنها موحدة في استهدافها الأمن القومي نقيضتين سياسيتين أولها نتائج حرب أكتوبر 1973 و ثانيها "مؤتمر مدريد 1991 " كنتاج لتحييد العراق بعد العدوان الثلاثيني  لفائدة سياسة تعتمد بعد استراتيجي بعنوان يجمع بين ثنائيتين " مقاتلة الإحتلال و الإرهاب " ... و هذا لا و لن يتحقق الا باعادة تأهيل جامعة الدول العربية و بخاصة تحريرها من دور " السرسري الإقليمي " لمجلس الأمن و البيت الأبيض الأمريكي . 

 

فهل يمكن أن نري هكذا تحول في رؤيتكم و ضمائركم و في فعلكم أيها المتصدرون لقيادة هذه الأمـــــــة التي خصها الله فيما خصها بكونها خير أمة أخرجت للناس  ؟

 

 

medsadokmansour@hotmail.com

 

 





الاثنين ١٠ ربيع الثاني ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / شبــاط / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطـة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة