شبكة ذي قار
عـاجـل










الثوار ينتفضون ولا يتراجعون عند منتصف الطريق، ولا يساومون على ثوابتهم، الثوار الحقيقيون تزداد إرادتهم إصرارا على مواصلة الكفاح مهما استعصى الأمر وشق المسار، ولا يرفعون راية الاستسلام قبل بلوغ الغاية، وأمامهم مقولة المختار “نحن لا نستسلم، نموت أو ننتصر” ومعارك التحرير كر وفر، يوم لك ويوم عليك، الثوار هم الأقدر على التضحية والفداء مهما طال الأمد وبعد المدى، ثوار سوريا انتفضوا وهم يعرفون طبيعة النظام الإجرامية، وللنظام سوابق منظورة غير خافية ولا مخفية، ويعلمون أنهم سيدفعون من دمائهم وأموالهم ثمنا باهظا، وليس من السهل إزاحة الطاغوت الذي تمترس بوسائل المكر والخبث، طائفية وعنصرية وحزبية ضيقة فضلا عن آلة القتل والدمار التي لا يتورع عن استخدامها، وليس لهم إلا مواصلة الدرب مهما ارتفع سقف التضحيات.


مشيناها خطا كتبت علينا ومن كتبت عليه خطا مشاها...
ماذا كان بيد الثوار أن يفعلوا، لقد انتفض آباؤهم قبل ثلاثين عاما 1980-1982؟ ودفع الكثير منهم حياته على يد الأسد الأب والأسد العم؟ ولم يتعظ النظام؟ ولم يغير الأسد الابن سلوكه بل عصى وتجبر أكثر؟ فماذا عليهم أن يفعلوا ولم يجدوا سبيلا للتفاهم مع من لا يفهم غير لغة القوة حوارا، فحملوا السلاح اضطرارا للدفاع عن أنفسهم وقارعوا السيف بالسيف وجها لوجه:


ومن لم يجد غير الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلا ركوبها...
النظام هو النظام، منذ تسلمه السلطة في سبعينيات القرن الماضي، فرض القهر بقعقعة السلاح، نظام فردي دكتاتوري دموي، صفى قيادات الحزب مرتين واتخذ الحزب غطاء لستر عورته، لم يرحم رفاقه الذين تعهدوه فزج بهم في غياهب السجون فكيف يرحم الآخرين؟ وبلغ الأمر أن تصارع الأشقاء حافظ ورفعت بينهم على السلطة ليطيح احدهم بالآخر؟ نظام كاذب بكل ما يدعيه، ألم يدع النظام المقاومة ضد الأطماع الصهيونية، وهو ضالع في العمالة؟ لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل ولم يسمح لأحد بذلك؟ وتعاون مع الصهاينة عام 1973 وأعلن سقوط القنيطرة بيد الإسرائيليين قبل يوم من دخولهم إليها بدلا من الدفاع عنها ومهد لهم احتلال الجولان وهي الحصن الطبيعي الواقي لحدود سوريا وحماها، وأوقف الحرب مع إسرائيل بعيد وصول الجيش العراقي إلى ارض المعركة وتحديد ساعة الصفر للهجوم؟.


النظام كاذب أفاك طالما رفع شعار العروبة وهو يزحف بسوريا راكعا أمام القيادة الإيرانية الصفوية، وفتح للفرس أبواب سوريا مشرعة ليتغلغلوا في مفاصل الدولة، وجعلها عمقا استراتيجيا للنظام الفارسي العنصري، ألم يمد إيران بالعتاد والسلاح ابان الحرب مع العراق بلا خجل ولا حياء. وأسهم في سحق فصائل القوى الفلسطينية في لبنان، ودك مواقعهم ومعاقلهم بالمدفعية متعاونا مع جماعة أمل الطائفية، قبل ان يبرز حزب الله إلى الوجود، وتحالف مع الجناح المسيحي المتطرف ليوهن المقاومة في وجه إسرائيل، وسعى في تدمير لبنان والعراق، ألم يتبن التوجه العلماني سياسيا، بينما بنى المؤسسة العسكرية والأمنية القمعية على الفرز الطائفي وسخرهما وقفا للبيت العلوي الطائفي يحميه ويدعس به على ظهور السوريين؟ النظام السوري جمهوري رئاسي انتخابي شكلا، وفي الجوهر استبدادي فردي وراثي لا مجال فيه لتداول السلطة سلميا، ولم تكن له نية التخلي عنها مهما كلفه الثمن، وشعاره المتداول “آل الأسد أو نحرق البلد”.


النظام السوري يتبنى التغيير والإصلاح إعلاميا واجهة تروج لقياداته منذ ولادته، وهو في حقيقته نظام أسري جامد تحجر وتصحر بقي كما هو لم يتغير ولم يتبدل واستمر على نهجه قمعيا متجبرا. يعد سوريا مزرعة لآله، وشعبها عبيد بالسخرة.


ثورة الربيع ضد نظام الأسد الدموي لم تكن الأولى فقد سبق للسوريين أن ثاروا على النظام في مطلع ثمانينيات القرن الماضي واشتبك الثوار مع النظام بمواجهة عسكرية غير متكافئة في حلب وحماة، دك فيها الأسد الأب المدينتين بالمدفعية والدبابات والطائرات كما يحصل اليوم وأشد، ودمر أحياء مسح ببيوتها الأرض، قتل وشرد عشرات الآلاف من الشباب وردم على المعتقلين سجن تدمر بالقصف الجوي وجعله أثرا بعد عين، ولم يتعظ ولم يعدل سياساته ولم يبال بمطالب الشعب وحاجاته وتطلعاته، فهو نظام لا وعد ولا عهد ولا يلتزم بشريعة ولا قانون، ولا يراعي أخلاقا ولا ثوابت إنسانية، وكل السوريين ومعهم العالم اجمع يعرفون طبيعة النظام السوري الفاشية، وأن لا فرصة أمامه للتغيير وتعديل سلوكياته وإصلاح ذاته، ولذلك ترفض المعارضة الجلوس معه، وتشيح عن محاورته، ولا تثق بالرئيس ولا تريد لقاءه، ويقينها من المحال تغيير الحال من داخل النظام وتسعى لإزاحته. فلا يلومن أحد الثوار فهم ألوا تجربة ومن جرب المجرب ثانية لا عقل له وللحديث صلة.

 

 





السبت ١١ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عمران الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة