شبكة ذي قار
عـاجـل










حرص حزب البعث العربي الاشتراكي على أن يكون حزب الحرية كما هو حزب الوحدة والاشتراكية , وقد ركز البعث في نضاله على حرية الإنسان العربي والشعب العربي وتحريره ليس فقط من السيطرة الاستعمارية البغيضة وإنما من كل الآفات والممارسات التي تجعله أداة بيد الغير, أو تحرمه من حقه الطبيعي كفرد في المجتمع مثل حق الفكر والاعتناق الفكري سواء كان ذلك في مجال السياسة أو الدين أو أبواب المعرفة الأخرى , فعندما يكون البعث قائدا للدولة والمجتمع فليس من الديمقراطية أن لا يسمح للإنسان في قطره أو في إطار أمته أن يختار طريقه , أو ينتمي إلى تجمعات وأحزاب فكرية أو سياسية خارج إطار فكر البعث خاصة وان هذه الأفكار أو الأحزاب لا تتناقض مع مفاهيم الدين أو تستند إليه أو مع الصفات الوطنية أو القومية الحقة , وأدناها حب الوطن والدفاع عنه ككيان مستقل ذي سيادة لكنها أي الأحزاب تمتلك الرؤى والطريق القويم لخدمة شعوبها وتحقيق رفاهيتها الاجتماعية بما يضمن لهم السعادة وتحقيق ما يصبون إليه , وعلى وفق النظرة التي تؤمن بها تلك الأحزاب ,

 

ولهذا لم نجد في أدبيات حزب البعث ما يشير إلى انه أكد مبدأ إن على الجميع أن يلبسوا ثوبه , أو أن الجميع ليس لهم الحق في الإدلاء أو المطالبة بان يكونوا شركاء حقيقيين في بناء العراق أو أي قط عربي آخر, وصولا إلى تضامن عربي يكفل للأمة أن تلعب دورا مهما في الحياة السياسية للمنطقة وللعالم , وفي هذا الإطار أكد البعث على أهمية العمل الجبهوي ودعا إلى قيام الجبهة الوطنية والقومية الشعبية سواء على مستوى القطر الواحد , أو على مستوى الأمة العربية , فقيام الجبهة يأتي من إيمان البعث بالديمقراطية ومشاركة جميع عناصر الأمة الفاعلة أو عناصر القطر الواحد الفاعلة في تركيبة الدولة القطرية , التي تشكل نواة للدولة العربية عندما ترى القوى المؤتلفة أن الضرورة التاريخية بمداها العسكري والسياسي والاقتصادي تقتضي الإيمان بوحدة الأمة العربية , ولابد من العمل بخطوات جدية نحو هذا الهدف , وبهذا لا يكون البعث وحده هو الحزب القومي الداعي لوحدة العرب , بل نرى أن جميع القوى الوطنية التي شاركته العمل السياسي الموحد للوصول إلى الأهداف الكبرى تدعو إلى ذلك أيضا , واقلها وحدة التضامن العربي الذي يشكل خطوة على طريق وحدة الأمة , وعلينا ونحن نتحدث بهذا السياق أن لا ننسى إن أعداء الأمة وفي مقدمتها الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية المرتبطة بالأجنبي سيسعون بكل جهودهم إلى تعطيل أية خطوة جدية على طريق الديمقراطية ووأدها في زمانها ومكانها , لأنها تشكل خطوة مهمة على تقويض مصالحهم وإنها تجعل الشعب العربي يعي الدور الخبيث الذي يلعبه أعداؤه لحرمانه من حقوقه المشروعة ومنها قيام نظامه الديمقراطي الصحيح , ولهذا وجد البعث إن هذا المسار ( أي مسار الديمقراطية ) حساس وعليه أن يتعامل معه بدقة وان يخلق له عوامل الحصانة التي تمنع اختراقه وحرف مساره على يد أعداء الأمة المذكورين آنفا,

 

ومن أهمها الإيمان بالمنهج الديمقراطي واستيعاب خطواته في الزمان والمكان , ومن هذا كانت خطوات البعث وئيدة وبقي حزبا قائدا للسلطة على مدى خمسة وثلاثين عاما دون منازع , يقود الرفاق فيه جميع مفاصل الدولة العراقية كبيرها وصغيرها , ولا يوجد من ينافسه من كيانات سياسية أخرى غير مجموعة من المستقلين التي نالت عضوية في مجالس الشعب للمحافظات ونسبة ضئيلة في البرلمان ( المجلس الوطني) وأعداد من المستقلين كرؤساء للدوائرالمركزية أو أقسام فيها , وهناك الجبهة الوطنية والقومية التقدمية التي كانت إلى حد بعيد شكلية في الانتماء وفي التكوين, ولم نسمع مبادرة واحدة لأحد أطرافها سوى الذكر الإعلامي وتأيدها لهذا القرار أو ذاك , وعندما وضعت الحرب العراقية الإيرانية أوزارها في آب / 1988 كان هناك اجتماعا لمجلس قيادة الثورة وقيادة القطر حول الديمقراطية والتعددية الحزبية في شباط / 1989 لكن هذا الاجتماع لم يفض إلى شيء غير كراس صدر بوقائع الاجتماع ومادته , وقد أعقب ذلك تحضيرات في تموز من العام 1990 لمناقشة مسودة الدستور الجديد المقترح والذي تعطل بسبب اجتياح الكويت في 2 / آب / 1990,  ومن ذلك التاريخ وليوم احتلال العراق على يد أمريكا المجرمة بقيت الديمقراطية تراوح في مكانها بسبب الظروف التي ترتبت على العراق لاجتياحه الكويت ودخول الأمم المتحدة ومجلسها طرفا في النزاع من خلال القرارات الجائرة التي أصدرها مجلس الأمن والتي كبلت العراق وهيأت المسرح السياسي لغزوه وثم احتلاله , إن للديمقراطية وجهان الوجه النابع والمترشح من الحركة التاريخية للأمة والشعب والذي ينشد الديمقراطية الحقيقية التي تتأطر بالوحدة الوطنية والاستقلال الكامل والسيادة غير المنقوصة وان بنائها يجب أن يكون على أساس احترام كل مكونات الأمة أو مكونات الشعب في القطر الواحد ,

 

ولا مجال للإقصاء والتهميش بل إن الجميع من القوى الوطنية تتبارى في طريقة خدمة الشعب ورفاهيته وتكون هذه الديمقراطية ضد الجهل بمفاهيمها وضد التفرد والتعسف والاحتكار وظهور الدكتاتوريات التي كانت سببا في مأساة الأمم والشعوب , وتكون صناديق الاقتراع هي قول الفصل في من يكون حاكما بل خادما لشعبه , ويكون الدستور الذي ترشح من قناعات الشعب وممثليه واستفتى عليه الشعب نفسه , هو الحكم في تطبيق هذه الديمقراطية لأنه هو الضامن لها والمحافظ على عدم انحرافها وبابه مفتوح لتعديلها , أما الوجه الآخر للديمقراطية فهو الديمقراطية المستوردة أو المفروضة بالقوة من الغير من الدول الطامعة وصاحبة النفوذ والتي تجعل من الديمقراطية جسرا تعبر عليه لتحقيق مصالحها والوصول إلى غاياتها , وهذا ما حصل في العراق وما سيحصل في دول الربيع العربي , وفي ظل هذه المفاهيم وبما آن العراق لازال محتلا وان البعث حركة تعمل لمئات السنين , كان على القيادة أن لا تعيد النظر في الموقف الفكري ألبعثي تجاه الديمقراطية , فقد زخرت أدبيات الحزب ومنذ نشوئه بكتابات منصفة وجوهرية وحقيقية للديمقراطية مفهوما وتطبيقا سواء على مستوى الحياة الداخلية للحزب أو على مستوى نظام الحكم , لكن على القيادة أن تجري تقييما للتجربة الديمقراطية في ظل حكم الحزب على مدى خمسة وثلاثين عاما وما هي مواطن الضعف والقوة التي شابت تلك التجربة الفتية ؟ وما هي المؤثرات التي جعلت التجربة الديمقراطية تنكفئ على مدى أكثر من ثلاث عقود ؟؟؟ فالبعث في الأساس كان وسيبقى ديمقراطيا ,

 

ولم يرفع الديمقراطية شعارا بعد الاحتلال كرد فعل له , بل هي استحقاق لابد منه وإذا ما شاء الله وبإرادة قوى الأمة والعراق المجاهدة و وتم تحرير العراق , فما هي أحكام الديمقراطية وصفاتها في مرحلة ما بعد التحرير ؟ وكيف يتم التعامل مع القوى التي قاومت الاحتلال وساهمت بطرده ؟ كيف تكون العلاقة مع القوى الوطنية والقومية والإسلامية العراقية الصاعدة ؟ كيف يتم هندسة نظام الحكم في العراق بعيدا عن الاحتراب الذي قد يظهر على طاولة التمثيل في قيادة البلد بعد التحرير ؟ كيف يكون نظام الجيش ؟ هل يكون الجيش على عقيدة من سيشكل الوزارة  ؟ أم يبقى مستقلا خارج إطار الأحزاب السياسية ؟ لان الديمقراطية تقتضي أن تتبدل الوزارات بالمدة أو الدورة الانتخابية المقررة لها , كيف يكون نظام الحكم في العراق رئاسي أم برلماني؟ وقد تظهر الكثير من التساؤلات عندما يجلس الفرقاء المحررين للعراق على طاولة النقاش , وكيف تتصرف قيادة البعث في الوصول إلى ما يحفظ للعراق وحدته وديمقراطيته ونظامه السياسي بظل هذه المتغيرات وطبيعة التحالفات  ؟
 

 

 





الاثنين ٢٦ محرم ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ياسين شاكر عبد الله نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة