شبكة ذي قار
عـاجـل










يتحدث البعض عن قدرات إيران في مسألة الردع ، إذا ما تعرضت لهجمات صاروخية عنيفة .. كما يتحدث عن عدم القدرة على اختراق الشعوب الإيرانية على خلاف غيرها من الشعوب التي تقع غربها ، وينفي وجود حركة وطنية إيرانية تعارض ولآية الفقيه، كما ينفي وجود مقاومات عربية وكردية وتركمانية وآذرية وغيرها من القوى والأحزاب اليسارية الإيرانية التي تعاني من الإقصاء والتهميش والقمع الصفوي !!


ونظريات الحرب ، ليست كلها واحدة من حيث الطبيعة الإستراتيجية والتكتيكية، ولو أن بعض ملامحها تكاد أن تلامس بعض صفحاتها المعلومة، إلا أن أسلوب العمل وتكنيك التصرف الإستراتيجي قد يدفعان صوب التعجيل بإشعال فتيل الحرب على غرار الحروب التقليدية الأخرى .


إن تأزيم الوضع الداخلي أو زيادة الضغط الخارجي قد يدفع الدولة المعنية إلى أن تجعل ميدان في خارجها، فتندفع صوب الخارج على وفق ما يسميه البعض بطريقة (الانبعاج) ، بمعنى دفع قوة إيران إلى الخارج الذي سيصبح مسرحاً لعمليات الحرب.. والتلميح هنا الخليج والعراق وسوريا .. ويبدو أن واضعي الاحتمالات أو التوقعات يرون في الأفق الآتي :


-  أن هناك من يدفع بإيران صوب العراق لاحتلاله عسكرياً ، وذلك لتخفيف الضغط ولإبعاد الأراضي الإيرانية عن أن تكون مسرحاً للعمليات الحربية، إذا ما تعرضت إيران لضربات صاروخية..ويقع هذا المدخل في باب الردع.


-  إن دخول إيران إلى العراق عسكرياً سيضعها تحت طائلة القانون الدولي، الأمر الذي سيرتب أوضاعاً من شأنها أن تكون استخدام القوة له ما يبرره على وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .


-  التلويح بغلق مضيق هرمز لا يخرج عن الأسلوب المراوغ، طالما أن المضيق الدولي هذا من الصعب على إيران غلقه، كما أن أمام هذا التلميح خيارات أخرى ستجعل إمدادات النفط الخليجية بعيدة عن الضغوط الإيرانية .. ومع ذلك فأن التلويح الإيراني بغلق المضيق ، والتلويح الأمريكي بالحرب القادمة لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان تحصد من خلالها كل من إيران وأمريكا صفقات السلاح ، وزيادة معدلات إنتاج النفط وانخفاض الأسعار، وتدوير (البترو دولار) في عجلة الاقتصاد الرأسمالي وبالتالي :


  إيران تؤسس لنفوذها في العراق والمنطقة .
وأمريكا تؤسس لمصالحها النفطية في العراق .. والباقي كله لا قيمة له، لأن السياسة لا تتعامل بالمطلقات حتى لو سحقت الشعوب وأبيدت أجيال، إنما تتعامل بالمصالح ولا غيرها في عالم السياسة .


-  مسوغات احتلال إيران للعراق عسكرياً على وفق (نظرية الانبعاج) المقحمة في قاموس علوم السياسة، والتي تفترض (أن أي قوة لا يمكنها أن تُضْغَط ْ داخل حدودها، وكلما ما أزداد الضغط ، كلما نمت احتمالات (انبعاجها) صوب الخارج .. أي احتلال محيطها القريب !!


والمثل الذي أورده هذا البعض (حين حصل على قوة العراق الضغط الشديد انبعجت هذه القوة في الكويت ) !!


والمعروف هنا، على مستوى الجيو- سياسة ، إذا كانت الدولة تتبنى عقيدة قتالية محكومة بواقع الجيو- بوليتيكس الصارم ، الذي يعاني من نقص (العمق في الدفاع)، فلا أظن أن إيران تعاني من هذا النقص .. بيد أن جغرافية فلسطين المحتلة تعاني من نقص حاد في الدفاع في العمق، لذا نرى الكيان الصهيوني يحرص منذ عام 1984 وحتى الآن على أن تكون الحروب خارج فلسطين المحتلة سداً للنقص الجيوبوليتكي، فيما أعطى لطيرانه ولقدراته الصاروخية أهمية قصوى في معادلة الصراع بما يتلائم والعقيدة الأمنية التي يؤمن بها هذا الكيان .


لو كانت كل دولة من دول العالم تتعرض للضغط الشديد (تنبعج) على جوارها وتحتلها دفاعاً عن نفسها تبعاً لهذا المنطق المحدود ، لباتت العلاقات الدولية قائمة على الفوضى التي تحتكم لنظريات القوة المطلقة في العلاقات الدولية، ولكن هذا الأمر محدود للغاية ويرتبط بالواقع الجيو- بوليتكس للدولة من جهة وبعقيدتها القتالية من جهة ثانية !!


فالمعنى من مصطلح (الانبعاج) المراد إقحامها في قاموس علوم السياسة هو تصوير الحالة الراهنة ومسرحها الخليج والعراق والمشرق العربي، وعلى أساس اشتعال نيران إقليمية إذا ما فكر الغرب بعملية جراحية يقوم بها في الجسد الإيراني، فتلك مغالطة كبرى يصعب تقبلها في ظروف غابت عنها القيم وتكرست المصالح !!

 

 





الاربعاء١٥ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٨ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د . أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة