شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا حاول بعض المعلقين الغربيين جعل الربيع العربي من نتائج ما حصل في العراق، ورغم أنه يعكس عقم التفكير في التحليل الذي لا يخلو من بواطن التحريف المقصود تجاه الحقائق، فأن هذا العقم نجده قد طال رئيس حكومة الاحتلال الخامسة نوري المالكي الذي أشار في مؤتمر الصحفيين العرب المنعقد في بغداد هذا اليوم السبت المصادف 17-12-2011، حيث أشار إلى: أن العراق مر عليه الربيع قبل الدول العربية.


الواقع أن إنسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من العراق بعد أن ألحقت به المقاومة الباسلة هزيمة أجبرته على الرحيل خائباً ومندحراً. فأن سنوات وجوده التسع تقريباً في العراق ليست لها أدنى صلة بالثورات التي تحققت في تونس ومصر وليبيا، أو التي في طريقها نحو الإنجاز كما في سوريا واليمن. ولم يشهد العراق ربيعاً ثورياً طيلة سنوات الاحتلال الأمريكي المُعلن، وكذلك حليفه المتزامن معه الاحتلال الإيراني غير المُعلن.


أن ما مر بالعراق ومازال يمر فيه للآن هو القتل والدمار والتشريد والتقهقر المتواصل في كافة مناحي الحياة، وعلى مدار فصول السنة تلو الأخرى؛ حتى قبع العراق في أسفل الدرك للدول الفاشلة سياسياً وأمنياً وإقتصادياً، ويتصدر القائمة العربية والعالمية بالفساد المالي والإداري.


إذاً عن أي ربيع تحدث المالكي؟
ولماذا الإصرار على عقم التفكير؟


أن مرور سنة على إحراق الشاب التونسي محمد البو عزيزي إحتجاجاً على الفساد المستشري، فقد شعل في بلاده براكين الثورة التي أمتدت لظى حممها سريعاً إلى بلدان عربية أخرى. حيث أن الأسباب والمسببات واحدة تجاه الإستبداد والإضطهاد والحرمان، ليولد في العالم العربي ربيعاً تتفتح فيه آفاق المستقبل نحو الحرية والمساواة والأمان والعيش الكريم.
وهنا علينا تكرار السؤال على ما طرحه المالكي:
ما هو الربيع الذي مر فيه العراق؟
وأين ملامح المستقبل بعد تسع سنوات؟


عندما تتناول بعض الصحف الغربية مثل واشنطن بوست الأمريكية، والتايمز البريطانية وغيرها، عن الربيع العربي في تحليلات ومتابعات فهي بالقدر الذي تبدي فيه وزنها وثقلها الإعلامي، فأنها أيضاً تحترم عقول قُرائها لكي تحافظ على مستواها المميز. ولا ندري كيف سيواجه الصحفيون العرب في مؤتمرهم ببغداد ورئيس حكومة الاحتلال الخامسة نوري المالكي يشير إلى: أن العراق مر عليه الربيع قبل الدول العربية. تُرى هل سيحترمون مهنتهم ويقولون الحقيقة في كتاباتهم؟ وهل ستحترم صُحفهم عقول القُراء ويقرون بعقم التفكير عند المالكي؟ أم تراهم سيكونون رقماً من أرقام الصحافة المصفقة؟


أن من يقول أن الربيع العربي نتاج ما حصل في العراق، لا يُعبر فقط عن عقم التفكير، بل أنه يستهتر بالدماء العراقية التي تُسفك على مدار سنوات الاحتلال وحكوماته الملطخة أياديهم بهذه الدماء الزكية. أن ما مر به العراق لاسيما في السنوات الخمس من زمن الاحتلال لهي الجحيم المستعر الذي أُريد منه تدمير العراق وهلاك روحه الوطنية بتمزيق نسيجه الاجتماعي على أُسس طائفية بغيضة ومقيتة، وكذلك الإجهاز على المقاومة بضرب حاضنته بوحشية تجلت بالفسفور الأبيض على الفلوجة، وأرتكاب المجازر البشعة ومنها في حديثة والمحمودية، وما جرى في سجن أبو غريب وبوكا، وغير ذلك الكثير والكثير.


إلا أن شعب العراق بتاريخه المجيد وحضاراته التليدة ورجاله الشرفاء المخلصين مازالوا يجاهدون من أجل ذلك الربيع الحقيقي الذي يننظره عموم العراق. وما إنطلاقة ثورة 25 شباط/فبراير السلمية والمدنية والتي أيدتها جبهات وفصائل المقاومة المسلحة، إلا حلقة متصلة بما فعله البو عزيزي ضد الإستبداد والفساد والطغيان. وأن النصر الذي حققه الشعب التونسي ثم المصري والليبي سيحققه أيضاً الشعب العراقي بعون الله تعالى.

 

فالمقاومة التي هزمت المحتل الأمريكي ومزقت أوراق مشروعه، لقادرة كل الإقتدار على تتمة المشوار الجهادي وتشارك الشعب والعرب في ربيعهم التاريخي.

 

 





الاحد٢٢ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة