شبكة ذي قار
عـاجـل










الربيع العربي لم يصل مداه إلى مصر أو تونس ويبدأ بنخر بنيتهما الحكوميّة والاجتماعيّة باسم "الانتفاضة العربيّة الكبرى" فوقف عند هذا الحدّ .. لكن هذا الربيع امتدّ ليدمّر ليبيا تدميراً كبيراً وأدخلها في فوضى وأنفاق مظلمة واحتراب لا نهاية له .. كذلك وليبقى هذا الربيع على البحرين معلّقة في الهواء بانتظار نهايتها الحتميّة البادية للعيان وزوال حكم "المملكة" ولتكن بعدها ما تكون , ثمّ لينتثر عبق الربيع هذا إلى زوايا وأركان دولة اليمن "السعيد" وليطيح ببنيته العشائريّة المدجّجة بالتسلّح حدّ الأسنان فرديّا وجماعيّاً .. كما ولم يقف الربيع عند اليمن بل سبقها إلى سوريا الّتي بدورها بدأت لهزّات أغصان وروده الحمراء تهتز لها جدران حكومة الاحتلال المنصّبة في بغداد المتهرّئة البالية أصلاً , وهو موضوعنا هنا ..


حكومة الاحتلال هذه كشف عن شكلها ولونها وطعمها بشكل أوضح ربيع الفساد والدماء الّتي عانا منها شعب العراق كثيراً " المالكي وشخوص من بطانته يعترفون بهذا النوع من الربيع ولكن بشكل معكوس !" قبل أن تنتقل عدواه إلى البلدان العربيّة ومن ثمّ ليطال عواصم مهمّة من بلدان العالم , فعند تتبّع خطوات التغيير الّتي تسلّلت إلى ملامح الوطن العربي وإلى بنيته الاجتماعيّة بعد احتلال العراق نجد أنّ هذه الحكومة هي الّتي صدّرت ثمار فسادها وطائفيّتها بعد أن نضجت وأينعت في العراق طوال سنوات الاحتلال الثمان , ليس للبلدان العربيّة وحسب ولكنّ تخطّتها مسيرة التسلّل تلك إلى شوارع ومدن أوروبّا وإلى وول ستريت وإلى شوارع موسكو ..


أعضاء حكومة بغداد تعوّدت على ممارسة الفساد ولن ينفعها إصلاح , وفي نفس الوقت تعوّدت على من يقف إلى جانبها وهي تمارس تدمير العراق بفسادها المسرطن لكلّ ركن من أركان الحكم في العراق , لذلك فليس بالمستغرب علينا أن نستمع لصيحات وصراخ أعضاء هذه الحكومة الفاسدون بين آونة وأخرى وهم يستغيثون بالمحتلّ مع كلّ خطوة اقتراب من موعد رحيله من العراق , وما صرّح به أخيراً أحد أعضاء الحكومة الخضراء النائب عن تحالف "الوسط" المنضوي في "القائمة العراقية" عيفان العيساوي قائلاً : الانسحاب الأميركي من العراق نهاية العام الحالي بأنه "خطأ فادح وكبير" !! إلاّ نموذجاً لما نقول , مع أنّ  العيساوي قد اتّهم الاحتلال بتدمير العراق ولكنّه نسي في تصريحه هذا أنّ الخطأ الأميركي الحقيقي الفادح والكارثيّ المتعمّد الّذي ارتكبته الإدارة الأميركيّة المجرمة هو عندما أتت هذه الإدارة بالعيساوي وأتت بمن معه من هم مثله ممّن أتوا خلف الدبّابة الأميركيّة لتنصّبهم حكّاماً على شعب العراق لتذيق هذا الشعب بعمالة هؤلاء المزدوجة وبتخلّفهم وبأحقادهم وبطائفيّتهم , ومنهم المالكي نفسه , جميع صنوف وجميع ألوان وأشكال العذاب والآلام , والّتي يتذوّق زبدها حالياً العرب جميعاً بربيعهم هذا , استمرّ يعاني من كوارثها شعب العراق طيلة حكمهم الأفسد عالميّاً ..


الشأن السوري وما وصلت إليه أزمته لم يكن بعيداً في الافصاح أكثر بما بات يصرّح به أعضاء هذه الحكومة وليس العيساوي وحده , تصريح بعد تصريح , كشفت ازمة سوريّا بشكل كامل عن الجهة الّتي تقف وراء مثل هذه المواقف الّتي اتّخذتها الحكومة المنصّبة لتبرير "عدم موافقتها" للانضمام إلى طوابير الحكومات العربيّة الّتي كانت وراء اتّخاذ قرار "العقوبات" الّتي صدرت ضدّ سوريا , ودفعتهم سياسات تلك الجهة أو تلك الجهات لأنّ يعلنوا موقفهم الرافض لأيّة عقوبات "اقتصاديّة" على أيّ بلد "في العالم" ! لأنّها , بحسب قناعات الجهة الّتي تسيّسهم بهذا الاتّجاه ستمسّ وستطال "الشعوب" ولن تطال الأنظمة !! .. نسوا أعضاء هذه الحومة الخضراء تأييدهم المستمرّ سابقاً لاستمرار حصار "بلدهم" العراق !!! ..


النظام الإيراني بمعطياته المعروفة على أرض العراق بكلّ تأكيد هو من يقف خلف قرارات هذه الحكومة العميلة المزدوجة الولاء بما يخصّ الشأن السوري بدون أدنى شكّ ... كما وأنّ حكومة إيران هي أيضاً من كانت تقف خلف التحريض لاستمرار العراق ؛ إمعاناً من إيران ومن عملائها "حكّام عراق اليوم" في ذلك الوقت , في زيادة خنق الشعب العراقي والضغط عليه بمزيد من العقوبات الاقتصاديّة كلّما شعروا أنّ العقوبات لا تأتي مفعولها الكامل على الشعب العراقي وطالما أنّ العراقي قد وصل به الجوع لمن كان يتمتّع من العراقيين ببعض الميّزات في سنوات الحصار ؛ لأن يبيع شبابيك بيته ومروحته وأبواب وأثاث البيت طالما لم يصل به الجوع بعد لبيع جدران بيته ولبيع أولاده ! رغم أنّ هنالك من فعلها! .. نسوا هؤلاء المجرمون كلّ ذلك ..


النظام السوري , بحسب ما تصوّره إيران عبر وكلائها للشعب العراقي , إذا ما تمّت الإطاحة به , سيتعرّض الحكم في العراق لميليشيات "المجاميع المسلّحة السوريّة" ! فيصيب العراق "الخراب والدمار" على أيدي تلك "الميليشيّات" !!! .. يطرحها  المالكي وأعضاء حكومته بدون خجل ظنّاً منهم أنّ مثل هذه الأقاويل ستمرّ بسلام وستتجاوز مُدركات شعب يعيش يومه بطوله لا هاجس له سوى اتّقاء شرّ المليشيّات الّتي تغذّيها إيران وما ارتبط بها من فساد ودماء طيلة ثمانية أعوام من احتلال بلد هذا الشعب , في وطن يُعتبر من أغنى بلدان الكون "بحسب توصيف ميتيران رئيس فرنسا الأسبق" هذا الشعب الّذي يعي تماماً أنّ بلدهم يعيش حالة من الخراب والدمار والإذلال والتدهور والتخلّف والمصير المجهول والفساد والدماء والأمّيّة والبطالة ما يجعله دوماً يتراوح في صدارة قائمة أكثر بلدان العالم تخلّفاً وإفلاساً وجهلاً وفساداً , حيث لا ماء نقي ولا كهرباء ولا تعليم تربوي صحيح ولا بنى تحتيّة ولا طبقة وسطى ولا قرار سيادي مستقلّ ولا آليّات أو ستراتيجيّات حقيقيّة تفرغ التدفّق السنوي للخريجين أو الأيدي العاملة عموماً وتنتظمهم في مسارات توظيفيّة صحيحة.. بعد كلّ ذلك ؛ ويريد  المالكي أن يخوّف شعب العراق من "الميليشيّات" السوريّة !..


رئيس حكومة الاحتلال ,  المالكي , يريد أن يستمرّ بحكم العراق رغم تخلّي المحتلّ الّذي نصّبه , عن العراق ! , وهو ما يشير إلى وجود خلل محوري عضوي في العقليّة القياديّة الّتي تحكّمت بمصير العراق وما آل إليه من دمار شامل طيلة وجود المحتلّ .. وهذا الخلل العضوي في البنية "الحاكمة" هو الّذي يدفع بالتصوّر المُدرك لمثل هذا النوع من العقليّة القياديّة الفاقدة للتحسّس البايلوجي القيادي المستقرء للمحيط لأن تكون بالتالي تصوّرات تلك البنية الفاسدة ذات آفاق مموّهة غير مُدركة إدراكاً حقيقيّاً لمسارات واتّجاهات الزمن السياسي المقبلون عليه بعد رحيل المحتلّ حين سيُتركون في العراء بدون غطاء متين حاضن ! , وهذا ما دلّل على وجود مثل هذا الخلل المالكي نفسه عندما طرح تصوّرات مغلوطة لا تصلح من الآن فصاعداً , غير مُدرَكة , ترفضه مَلَكَة المخاتلة الّلاجئة لديه ولدى أعضاء حكومته دوما باتّجاه الاعتماد في الحماية على الآخر ؛ عندما طرح من جديد , وكأنّه لا زال يعيش زمنه "السايكوباثي" توّجه بصولة فرسانه "إلاّ إذا كان هناك سرّاً لا نعرفه بينه وبين المحتلّ!" , قائلاً : أدعو الجماعات المسلّحة للانخراط في العمليّة السياسيّة ! ..


المالكي عضو من أعضاء حكومة الاحتلال الّتي نصّبها المحتل ودخل في :


1 . انتخابات بغير ما يقرّه القانون الدولي , ومع أنّها جرت كذلك اعترف منظّموها أنّها انتخابات مزوّرة " بما لن ينفعه معها اللفّ والدوران أو التزوير في حرف حقائق التأريخ !..


2. ثبّته المحتلّ عنوةً رغماً عن إرادة العراقيين كرئيس حكومة للمرّة الثانية في انتخابات سيذكر التاريخ مستقبلاً ويردّد أنّ المالكي خسرها ! ..


و المالكي "رئيس حكومة غير شرعي , وهو بالتالي وفق ضميره المُنتهك لا همّ له سوى إرضاء المحتلّ لا إرضاء الشعب ! حتّى أصبحت العلاقة بينه وبين المحتلّ علاقة "أيْضِيّة" لا غنى له عنه , وطروحاته المرتبكة الأخيرة والّتي صدرت عنه , فبدا وكأنّه لا يستطيع مغادرة الماضي , بعد أن يأس من بقاء المحتلّ يحميه ويحمي أمثاله حتّى ولو بصيغة مدرّبين , أو حتّى بصيغة "حمّالين" في الشورجة أو باعة متجوّلون ! ؛ توّجها بمحاولة تسليط الأضواء عليه وإبقائها كذلك وكأنّه هو من يطلب "إزاحة تمثاله من على منصّة المنطقة الخضراء وإبقاء عدسات التصوير مسلّطةً عليه بالتزامن مع خروج المحتلّ من العراق وليس دخوله إليه !" عندما ادّعى أنّه هو المستهدف من "تفجير البرلمان" لا النجيفي ! وكأنّه بنفس الوقت أراد إبعاد الفاعل الحقيقي ( والّذي هو من فعلها وليس غيره وبتخطيط إيراني ) وليس ذلك بالأمر المستغرب أو المستبعد لمتخبّط وصولي غير بعيد عن طموح "سيناركي" وسلطوي مثله , خاصّة مع كون مقتل النجيفي "ذو الميول التركيّة" تصبّ في مصلحته هو قبل غيره ..


من المستحيل , وبعد أن خرج المحتل من أرض العراق بهمّة رجاله المقاومون وبعنفوان شعبه الصابر الحرّ الغيور .. من المستحيل من الآن فصاعداً أن يتعامل شعب عظيم وعي مسيرة الزمن وأظمها بصوت اخترعه اسمه "تاريخ" أن يقبل بمثل المالكي أو بمثل من هو مثله ومثل أعضاء حكومته .. وليفهم المالكي ذلك وليفهم كلّ من يرهن إرادته وإرادة العراق بجهة خارج العراق ..

 

 





السبت٢١ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٧ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة