شبكة ذي قار
عـاجـل










ربما سأكون الوحيد الذي لا يكتب في هذه الساعات عن ليبيا وسقوط نظام العقيد معمر القذافي ومجمل التطورات اللاحقة أو المصاحبة لهذا الحدث الهام جدا. وبما أننا حكاما وساسة وشعوبا يجمعنا قارب واحد ونبحر وسط أمواج عاتية نحو شواطيء تبدو للبعض آمنة نوعا ما وللبعض الآخر محفوفة بالمخاطر , فقد أردت أن أعرّج على موضوع آخر لا يحظى مع الأسف الشديد , ربما لكثرة وتصارع وتشابك الأحداث , بما يكفي من تسليط الضوء عليه. وهو تعرّض العراق أرضا وسيادة وبشر , بسكوت ولا مبالاة و ضعف حكومته الحالية , من إعتداءات وإنتهاكات وتجاوزات لسيادته وأرضه من قبل العساكر الأتراك ونظرائهم الايرانيين.


في مصر مثل , يتظاهر المواطنون بالآلاف منذ عدّة أيام أمام سفارة الكيان الصهيوني في القاهرة , مطالبين بطرد السفير وقطع كافة أشكال التعاملات مع العدو الصهيوني وإلفاء أو إعادة النظر بمعاهدة "كامب ديفيد" المشؤومة. ويمارسون شتى أنواع الضغط على المجلس العسكري الحاكم في مصر لأتخاذ أجراء حازم ومناسب بعد مقتل أربعة عناصر من قوات الحدود المصرية على يد طائرات الكيان الصهيوني الغاصب , الذي لا يحترم معاهدات ولا يلتزم باتفاقيات حتى مع أقرب الحلفاء. ويمارس البلطجة وإرهاب الدولة ويرتكب الجريمة تلو الأخرى منذ تأسيسه والى يمنا هذا.


وهنا يأتي السؤال بشكل عفوي , أليس بامكان المواطنين الأكراد في شمال العراق , والذي يتعرّض يوميا لقصف الطائرات والمدافع التركية والايرانية فضلا عن التوغلات الى عشرات الكيلومترات في أراضي العراق , القيام بالتظاهر وبالآلاف أيضا مطاليين رئاسة وحكومة "إقليم كردستان العراق"بغلق القنصليات التركية والايرانية المتواجدة على أرض الاقليم وقطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع تلك الدولتين. تلك العلاقات التي حوّلت العصابة المحيطة بفخامة مسعود البرزاني وجلال الطلباني الى مليارديرات وأباطرة مال وبيزنس.


بل والضغط على العميل مسعود البرزاني ليكف عن وضع أراضي الاقليم وخيراته تحت تصرّف منظمات وحركات , بغض النظر عن إتفاق المرء أو إختلافه معه , تمارس أعمال عسكرية ضد دول الجوار ويدفع المواطن الكردي البسيط تبعاتها الغير محمودة تاركا بيته وقريته وحقله الذي يعيش من ورائه عرضة للقصف والتخريب. ثمّ على"القادة" الأكراد عموما أن يتخلّصوا من عقدة النقص التي لديهم عندما يتعلّق الأمر بدول الجوار وإعتداءاتها وتجاوزاتها المتكرّرة مكتفين بكلمات التنديد والشجب التي سرعان ما تتبخّر في الهواء قبل أن تصل الى المعني بها.


فعلى سبيل المثال , صرّح محتجّا المدعو عارف طيفور , النائب الكردي لرئيس برلمان العراق "الفدرالي" المحتل قائلا "ندين بشدّة القصف بالطائرات الحربية التركية للمناطق الحدودية والقرى الآمنة في إقليم كردستان العراق". ولا ندرى متى إستطاعت شدّة ونوعية ومضمون الادانه هذه منع طائرة حربية تركية أو إيرانية من إختراق الأجواء العراقية وقصف أي هدف تشاء؟ هذا السؤال نطرحه لجناب طيفور أفندي. ونشير في الوقت ذاته الى أن حزب العميل مسعود البرزاني أرسل قوات من عصابات "البيشمركة" الكردية الى محافظة ديالي العراقية "لحماية الأكراد المقيمين هُنا" حسب التصريح الرسمي الذي صدر عن الساسة الأكراد. والمقصود حمايتهم من العراقيين!


وباختصار شديد يبدو إن عيون "القادة" الأكراد وعلى مختلف المستويات "مكسورة" عندما يتعاملون مع إيران أو تركيا أو أمريكا والكيان الصهيوني. لأنهم يعلمون علم اليقين أنه لولا هذه الدول لما كان لهم أي موقع من الأعراب لا في العراق ولا في غيره. لكنهم , أي الساسة الأكراد , سرعان ما يتحوّلون الى أسود بل وحوش كاسرة عندما يتعلّق الأمر بشأن علاقتهم مع العراقيين , حتى وإن كانوا على خطأ ألف بالمئة. فكل قواتهم وأسلحتهم بمختلف الأنواع جاهزة للحركة فور , يكفي أن يكون الخصم أو "العدو"عراقي , عربي أو تركماني أو من أقليّة أ×رى.


ثم أن طيفور عارف هذا طالب الحكومة المركزية , وليس حكومة الاقليم المعنية مباشرة بالموضوع "باتخاذ إجراءات فورية ورادعة لمنع تكرار مثل تلك الاعتنداءات والتجاوزات" وبالرغم من أن الحكومة المركزية مشلولة اليد , لأنها تابعة لأمريكا وإيران بشكل مباشر ولا تملك حرية أو إستقلالية إتخاذ أي قرار سيادي , كان يُفترض بقوات العميل مسعود البرزاني أن تُبادر الى الاشتباك أو الردّ على مصادر النيران أو إطلاق مضادّات جوية ولو نحو سماوات مجهزلة أو جبال جرداء , على الأقل من أجل ذرّ الرماد في العيون.


ومن ثمّ يحقّ لها أن تطلب مساعدة عسكرية أو سياسية من قبل الحكومة المركزية. ولكن بما أن "قادة" إمارة البرزاني لا يهمّمهم أو يعنيهم مصير أو حياة أو ممتلكات المواطنين الأكراد , لأن كراسي السلطة ورفاهية وترف العيش في القصور الفارهة , فليس غريبا أن تستمر تركيا أو إيران في قصف المناطق الحدودية العراقية. لأنهما تعرفان حقيقة وطبيعة وتاريخ الساسة الأكراد العراقيين , وخضوعهم وإنبطاحهم أمام أية قوة أجنبية , ناهيك عن سهولة وبساطة بيعهم وشرائهم , كبنادق للايجار أو كجواسيس مخلصين , في أي مزاد أو سوق سياسي.


mkhalaf@alice.it

 

 





الجمعة٢٦ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة