شبكة ذي قار
عـاجـل










شهدت جميع بلدان ومناطق وأقاليم الشرق الأوسط , مدنه وأريافه وقُراه وحواريه , مظاهرات صاخبة وثورات عارمة وإنتفاضات مزلزلة شملت جميع والشعوب والأقوام والأجناس في المنطقة. أسقطت عروشا وقذفت حكّاما الى مزابل التاريخ وها هي ماضية , رغم التلكأ والتباطي والتضحيات الجسام , في إقتلاع المزيد منهم. الاّ في الضفة الغربية المحتلّة. فلا شيء يحدث ولا أحد يجيء!


فلا مظاهرات ولا إحتجاجات ولا عصيان مدني ولا هم يحزنون. فكأن الناس هُناك خضعو العملية تخدير جُماعية. مع أنهم أكثر البشر حاجة وضرورة للتمرّد على واقعهم المزري الذي أوصلهم اليه "قادة" إلتصقت مؤخراتهم بكراسي السلطة , رغم علمهم أن هذه"السلطة" وهمية ولا قيمة لها حتى على الورق. لأن بامكان أي ضابط إسرائيلي صهيوني إلغائها والحجِر على جميع أفرادها بمن فيهم رئيس السلطة بعينه.


وكأن الفساد المالي والاداري , وإستغلال النفوذ والمناصب , لم يتغلغل الى مفاصل"السلطة الفلسطينة" التي أصاب يدها الوهن والشلل من كثرة التوسّل والاستجداء من أبناء الخير , رغم قلّتهم في هذا العالم , وأبناء الشر وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل , وبعض ذوي القربى من الحكّام العرب الذين إصبحت القضية الفلسطينية بفضلهم"سلعة"رائجة يمكن المتاجرة بها دون عناء كثير , في أسواق العهر والسمسرة السياسية.


وبعد أن كانت أخبار النضال الفلسطيني , بكلّ أنواعه بما فيها النضال السلمي تملأ الأرض لعشرات السنين ما عاد العالم يسمع شيئا عن شعب الجبّارين غير أخبار محمد دحلان وفلان إبن فلان من الفاسدين والمفسدين الذين ألحقوا بسمعة الشعب الفلسطيني وتاريخه المشرّف وقضيته العادلة الكثير من الأضرار. وأصبح الصراع على السلطات الوهمية والمناصب المغرية والامتيازات السريّة والعلنية يتقدّم على الصراع مع العدو الصهيوني الغاصب. وتحوّل أتباع "اوسلو" وأخواتها من مناضلين يُشار لهم بالبنان سابقا الى مروّجي مبادرات وخطط وشاريع لا طعم ولا رائحة له , وجميعها تصبّ في خدمة العدو الصهيوني الذي يستمر رغم كل ّذلك في التبوّل عليها تباعا والضحك على ذقون وعقول المروّجين لها.


ويبدو أن جعبة "السلطة الوطنية" الفلسطينية لم تخلُ بعد من الألاعيب والحيَل. ولذا فقد كثّفت وركّزت كلّ الاهتمام على آخر بضاعة مبتكرة , وهي الذهاب الى الأمم المتحدة من أجل طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية المتخيّلة في ذهن السيد محمود عباس رئيس السلطة. مع علمه وعلم قبيلة أوسلو الفلسطينيّة , التي لا تملّ ولا تكلّ بحثا عن أضواء الصالات الكبرى وعدسات التلفزة العالمية , إن مصير الدولة القادمة حتى وإن إعترفت بها ثلاثة أرباع دول العالم , سوف لا يكون مختلفا عن مصير"السلطة الوطنية" الفلسطينية , لسبب بسيط هو أنه لا يمكن إقامة دولة , مستقلّة ذات سيادة وقابلة للحياة , دون أرض محرّرة , أو وطن خالٍ من الاحتلال.


ناهيك عن أن هذه الدولة عاجزة عن التخلّص والى الأبد من"عادة"التسوّل والاستجداء للحصول على لقمة العيش. وإذا كانت "السلطة الوطنية" حاليا مفلسة وغير قادرة على دفع رواتب 150 ألف موظّف , يجهل غالبية الفلسطينيين العمل الحقيقي لمعظم هؤلاء , فكيف ستكون عليه الحال عندما تكون هناك دولة مسؤولة عن ملايين الفلسطينيين في الداخل وفي المنافي المنتشرة في أرض الله الواسعة , يطمحون كأي شعب آخر الى العيش بكرامة وعزّة نفس وكبرياء , لا شحّاذين أو عالة على المجتمع الدولي المنافق الذي كان وما زال السبب الرئيسي في كلّ ما مرّوا به من مآسي ومعاناة وظلم وهدر كامل لأبسط الحقوق , على مدىأكثر من ستّة عقود .


mkhalaf@alice.it

 

 





الاربعاء٠٣ رمضـان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة