شبكة ذي قار
عـاجـل










لم تعد عقدة المؤامرة على العروبة ونهجها وفكرها هي التي تحرك الهواجس والظنون، وتضع الاحتمالات والتكهنات. الاستهداف صار علنيا وسافرا وهو تحد يضع ارادة الأمة العربية ومستقبلها برمته بمواجهة شُهرت فيها كل السيوف وكُشفت فيها كل الصفحات ووصلت الى نقطة حرجة اما تموت فيه مكونات الروح والنهج القومي وتنتصر خطط التمزيق الجديدة وتدفن القوى السياسية القومية في مقابر ربيع عربي امريكي الصنع أو ان تتدارك هذه القوى حالها وتنهض من سباتها وتلتقي بوحدة مصير مع الوطنيين والاسلاميين الشرفاء المعتدلين وترفع السيوف المقابلة لتوقف زحف الزمن الأغبر على جسد العروبة.

 

لم يعد من قبيل التحليل والاستنتاج ان نقول ان استهداف العراق قد كان هو النعش الذي اعد لقبر العروبة بدءا من حاضنتها في العراق وأرضها المحررة التي استخدمت بكفاءة ونيات قومية خالصة لايجاد الوسائل السياسية والاقتصادية والعلمية والتربوية لتثبيت مشتركات العمل القومي ولو في حدها الادنى. ان احتلال العراق كان نموذجا تجريبيا لانتاج النظام الجديد في المنطقة كلها بقوة السلاح الذي كان من المخطط ان يتوسع باتجاه سوريا طبقا لأفواه القادة الامريكان وليس استنتاجا منّا غير ان مقاومة العراق المسلحة البطلة قد اجبرت التحالف الامبريالي الصهيوني الفارسي على تغيير الاسلوب ومغادرة النهج العسكري الذي اثبت فشله وجسامة الخسائر المترتبة عليه، واستبداله بعملية سياسية مخابراتية. اننا نؤمن ايمانا مطلقا ان العملية السياسية في العراق لم تؤسس للعراق وحده، بل أُُعدت لتكون نموذجا يطبق في كل العواصم العربية لتوضع هذه الاقطار كلها على حافات التقسيم او التقسيم الفعلي تماما كما حصل في العراق.

 

ان اسلوب العمل السياسي المخابراتي ليس جديدا على الامبريالية وسواندها، بل قد طبق بكل حذافيره في الحرب الباردة. كما ان اسلوب الفوضى او ما هو قريب الشبه به قد استخدم هو الاخر في اسقاط الشيوعية الماركسية ونظمها الاشتراكية بدءا من بولونيا وعبر تظاهرات وفوضى نقابة التضامن solidarity  المشهورة. ثم ان نموذج البلقنة والتفتيت بالحرب الاهلية هو الاخر معروف وشاخص امام العرب وقواهم الوطنية والقومية والاسلامية. بكلمة اخرى, ان المزاوجة بين التظاهرات والاحتجاجات وبين استخدام السلاح بالنيابة عن اميركا وحلفاءها، هو اسلوب يعاد تطبيقه في عدد من الاقطار العربية التي كانت ضمن خطط التغيير بالغزو قبل ان يسقط الخيار العسكري في اوحال العراق.

 

الحرب الباردة لم تكن باردة تماما، بل ان بعض صفحاتها كانت تصل الى درجة الغليان اينما اقتضى الحال الذي تتطلبه خطة تاسيس القطب الواحد وسيطرة المنهج الامبريالي.

 

ان استهداف العراق لم يكن عبثا او صدفة، بل لأنه السد القومي والارض المحررة للمشروع القومي وذبح التجربة العراقية قد مهد الطريق وجعله سالكا امام اجندات ذبح المشروع القومي العربي وإبعاد شبح الموقف العربي المتوحد على قدرات اقتصادية عملاقة وفضاء جغرافي عظيم, أي دولة عملاقة, تجعل الوجود الصهيوني وكل الدول المعتدية على ارض العرب امام هزيمه مؤكدة.

 

ان اول واجبات رد فعل النهج القومي ازاء خطط اجتثاثه التي تنفذها اميركا الان تتمثل في اسناد المقاومة العراقية البطلة وتوفير ارضيات وحدة فصائلها الباسلة ودعمها بكل الوسائل المطلوبة لدعم هكذا مقاومة كهدف استراتيجي تتوقف على تحققه وبأسرع وقت ممكن اولى خطوات الرد القومي العروبي واحباط المشروع الامريكي الصهيوني الفارسي بشقيه المدني المخابراتي والعسكري. ان ثورة العرب الحقيقية النقية الصافية كماء زلال هي التي تتحزم بمقاومة العراق وتتبنى استراتيجيتها في التحرير وهي النبع الصافي الذي منه تنطلق شلالات التغيير الذي يحقق اماني وتطلعات العرب بعيدا عن اذرع اميركا والغرب المعادية للأمة ومنها يشرق الربيع العربي الحقيقي. ان مشروع الامة القومي التحرري يجب ان يدرك ان طوق نجاته ونجات الأمة كلها يقف على اعتاب ثورة العراق المسلحة وحواضنها ضد الاحتلال المركب ومشروعه التفتيتي المجرم والمقاومة العربية القومية التحررية في كل مكان.

 

ان من بين المهام العاجلة للقوى القومية ان تتفاعل بقوة مع الحراك القائم على الساحة العربية الآن لتضمن اما سلامة ارض العرب من التشظية التي تعمل على تحقيقها اميركا او ان تقود وتوجه وتضمن مردودات صحيحة وسليمه لانتفاضات الشباب العربي ولا تتركها عرضة للسرقة والركوب فوق اعصارها من قبل القوى المشبوهة التي تستخدم الان كل الوسائل لاستلام السلطة لتنفذ مشروع التشظية والتفتيت بالتعاون وبالدعم الامريكي الصهيوني الفارسي.

 

كما ان واجبات تنوير الأمة وتوجيه ثورتها نحو بدائل تضمن عروبة اقطارنا ووحدة الشعب العربي في كل مكان وقطع الطريق امام التحدي السافر الهادف الى تغييب الموقف والفكر والتوجه والنهج القومي العروبي. ان القوى القومية والوطنية تكاد تكون غائبة ومنكسرة وخائرة القوى حتى في قطاعات ومنافذ اعلامية متاحة, وهذا الغياب يجعلها غير قادرة على الانغماس العضوي في حراك شعبنا العظيم. ان التصرف خارج جسد الحراك الثائر أمر خاطئ كما ان الخضوع لانتفاضات غير معلومة الاهداف والادوات هو الاخر أمر خاطئ وغير جائز والموقف السليم هو ان تكون قوى الامة الخيرة في خضم الحركة توجه وتصحح وتقوم وتنتج الحالة العربية السليمة.

 

ان بقاء القوى القومية والقوى القابلة للتحالف معها من الوطنيين والاسلاميين تتفرج وتنتظر معطيات الحراك المسلح او السلمي على ارض العرب والسكوت عن التوجه المشبوه لاحتلال ارض عربية او تغيير انظمة دون ان يكون في الافق ما يدل على ان البدائل لهذه الانظمة افضل منها وبضمانات تمسكها بالحق العربي والتحرير والعودة والنماء والتنمية الحقيقية التي تستند الى تاميم ثروات الامة واستثمارها استثمارا سليما. ان حشد القدرات والامكانات الوطنية والقومية في هذه الفترة من الزمن أمر لا عذر ولا اعتذار ولا تسويغ ولا مماطلة فيه. اننا ندرك تماما ان اميركا وحلفاءها قد دفعت القوى الطائفية الى واجهات التغيير بعد ان ضمنت خضوع هذه القوى وضمنت توافقها وقبولها الكامل بمشروع الشرق الاوسط الجديد وقبولهم بمشروع الاستسلام للصهيونية وسقوط هذه القوى الطائفية في سلتي النموذج التركي والنموذج الايراني المتفاهمة والمتوافقة مع اميركا وبرامج امبرلة العالم. ان الحلف الجديد هدفه الاول ذبح المشروع القومي واجتثاث الروح القومية وتيئيس شعبنا بانتكاسات جديدة.

 

ان الصراخ في واد سحيق يصبح عويلا ان لم يجد الصدى الذي يمثل الاستجابة .. نحن ابناء العراق الحر العروبي المقاتل منذ عام 1980 دفاعا عن العراق والأمة نصرخ, ونحن نقاتل ولسنا نيام في اسرة النعام والريش وان لم نجد صدى مناسبا لصرختنا المدوية فاننا سنضطر لفتح كل ملفات التغافل.

 

 





الجمعة٠٨ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة