شبكة ذي قار
عـاجـل










 

أثار تصريح الراجحي سواء من حيث المحتوي أو التوقيت أو طريقة الاخراج جملة من التساؤلات ذات علاقة بالخارطة السياسية بالبلاد غداة الثورة و اتجاهات تطورها طبقا للآليات المستخدمة تصورا أو فعلا ميدانيا من مختلف الأطياف تاركا باب الحلول مفتوحا أمام كل الاحتمالات فما هي ملامح المشهد السياسي بالبلاد غداة 14/01/2011؟ و ما هي الآليات المستخدمة ولماذا أخفقت في تفعيل استحقاقات المرحلة؟ و ماهي الحلول حسب تصريح الراجحي؟

 

الخارطة السياسية للبلاد غداة اسقاط رأس سلطة النظام

 

أفضت الثورة في وحدة شعاراتها و ما تميزت به من انسجام و تلقائية في التضحية و غياب الخطية الي ذهول النظام و الأطراف الخارجية ذات العلاقة به مما شل قدرتهم علي الفعل المضاد و دفعهم للتنازلات المتتابعة آخرها تخلي رأس النظام بشكل مؤقت عن السلطة ( بيان الغنوشي الرئاسي ) و من ثم التضحية النهائية به تحت ضغط الثورة يوم 15/01/2011 لتبدأ مرحلة تشكل الخارطة السياسية. التي تبلورت في ثلاث اتجاهات تحكم المشهد السياسي الراهن:

 

ـ الأول. خط مرتبط بما كان قائما قبل 14/01/2011 تتجاذبه قوي غربية رئيسية يري أن استمراره و بقاء امتيازاته و مواقعه مرهون بتنفيذ مشيئة العواصم الغربية .. و يصطدم سواء من حيث الفعل أو التعبير عن نفسه بمسألة الاخراج تحسبا لرد فعل الشارع الذي لا زال محتقنا لذلك يعمل بصيغة التسويف و كسب الوقت ..

 

ـالثاني. خط لا يحرص علي السيادة الوطنية و الاستقلال و قد اصبح مرتبطا بقوي عالمية و اقليمية ( شرق أوسطية ) تحت ذرائع عقائدية لا يمكن أن تغطي حقيقته التابعة لتلك القوي مستعجلا ملأ الفراغ حتي و لو كان باستخدام أسلوب النظام الذي أسقطه الشعب.

 

ـ الثالث. خط وطني قومي تقدمي مستقل مؤمن بتغليب مصلحة الوطن و الشعب علي ما سواها و الدفاع عن الحقوق و الكرامة و التحرر و الانعتاق من أية قوالب فكرية جامدة أو شروط سياسية مسبقة تكبل ارادته الاستقلالية متماهي مع القاعدة الشعبية و يفتقد امكانات التعبئة المادية.

 

خطوط وضفت جملة آليات لتفعيل دورها في استحقاقات المرحلة طبقا لتصورها لمدايات الثورة و اتجاهات تقدمها فما هي تصورات هذه الخطوط و الآليات المعتمدة

 

التصورات و الآليات المعتمدة

 

ـ الخط الثالث. بحكم تماهيه و انسجامه و القاعدة الشعبية فان تصوراته لفضا و ممارسة منسجمة مع الفعل الشعبي الذي قاد الي اسقاط رأس السلطة يوم 14/01/2011 و العمل علي تطويره باتجاه اسقاط النظام برمته و احلال نظام ينسجم وتصوراته الفكرية للثورات الشعبية لذلك نراه بادر مباشرة الي طرح العمل الجبهوي ضمن منظور توافقي يأخذ بعين الاعتبار حداثته في الفعل البنائي و بشكل منفتح علي ما يمكن أن يفرزه الحراك السياسي من اصطفاف علي مستوي سقف المطالب المراد انجازها فكانت

 

جبهة 14/01/2011 التي مثلت أول بادرة عمل تنظيمي هادف الي حماية الثورة و العامل علي صياغة رؤية مرحلية آلية تطورت بفعل الحراك الشعبي و السياسي لتفرز المجلس الوطني لحماية الثورة الذي كان بمثابة الآلية الشعبية و السياسية من خلال مكوناته  سواء منها السياسية أو المهنية ( الأحزاب و منظمات المجتمع المدني ) أو من خلال امتداده الي الجهات آلية دعمت سقف المطالب ووضعت الساحة فعليا علي مسار الثورة في علاقة تامة بحركة الشارع ممثلة في اعتصام القصبة دون اغفال لتحسس الشارع من مسألة الوضع الاقتصادي و حالة الانفلات الأمني السائدة. و هو ما أثمر مزيدا من التنازلات منها استقالة عديد الوزراء في حكومة الغنوشي الأولي و استقالة حكومته الثانية الذي ارتبط بتغير في كيفية ادارة المواجهة المفتوحة و المتداخلة بين مختلف الخطوط و مكوناتها الذي مثلته فترة حكومة السبسي و التي غلب عليها

 

تراجع حالة احتقان الشارع من ناحية و من ناحية أخري تراجع دور الاتحاد العام التونسي للشغل تحت طائلة التهديد بوضع ملفات هيئته التنفيذية تحت طائلة المراقبة أو كنتيجة منطقية لما تعرض له من تفريغ لجماهريته التي تجاذبتها مكونات الساحة السياسية.

 

ـ الخط الأول و الثاني. و ان اختلفا من حيث قراءتهما لما عرفته البلاد منذ 17/12/2010 فانهما انطلقا في التعامل مع الوضع الجديد من خلال آلية موحدة في مرحلة حكومة الغنوشي الأولي و الثانية أو في الفترة التي تمثلها حكومة الباجي قايد السبسي مع افتراق في التصور و المصلحة

 

أ ـ التهدئة المتوافقة. حكومة الغنوشي الأولي و الثانية

كان الخط الأول يبحث علي التوافق و التهدئة من منطلق الذهول و الصدمة و العمل علي استعادة هيكلة نفسه من جديد مستخدما الأطراف الملتحقة كواجهة اعلامية لمخاطبة الشارع انطلاقا من افتقاده لكيفية الاخراج الجديد للنظام دون أن يكون معرضا للقطع مع ما كان عليه قبل 14/01/2011 لذلك تميز اداءه بالمراوحة و تتابع التنازلات التي في معضمها كانت شكلية و في عديد الحالات ذات طابع استفزازي لعل أبرزها طريقة الاستقالة و ما واكبها من تصريح تحريضي يؤشر اكتمال الهيكلة المضادة للثورة ( أين الأغلبية الصامتة؟ ) من ناحية و من ناحية أخري بداية مرحلة جديدة. في حين كان الخط الثاني و الذي تتعارض مكوناته فكرا و تصورا و تصريفا مع الخط الأول و بين بعضها البعض فجماعة الشابي و أحمد ابراهيم حكمتهما القراءة الخاطئة لمسار الثورة التي رأيا فيها مجرد أحداث سرعان ما يستوعبها النظام و لذلك يجب عدم التفريط في اللحظة التي أوصلتهما الي السلطة لتوظيفها بما يمكنهما من الانفتاح علي أوسع القطاعات الشعبية مما جعلهما أكثر الأطراف المدافعة علي حكومة الغنوشي من الناحية الرسمية.أما من الناحية الشعبية فقد فعّلا هذا التوجه من خلال الاندفاع في تأسيس ما سمي بلجان حماية الثورة بهدف التأطير الحزبي موظفين لأمكانات مادية تتجاوز حجمهما التنظيمي المتعارف عليه في المناسبات النضالية التي عرفتها الساحة ما قبل 14/01/2011 مما أوحي بدخول البلاد في مرحلة من الحملة الانتخابية السابقة لأوانها هذا في الجانب الأول من التصور أما الجانب الثاني فهو نوع من الابتزاز السياسي للنظام في حالة استعادة عافيته .. أما بالنسبة لحركة النهضة فقد مارست التهدئة بالرغم من التقابل في التصور مع التوجهين لعدة اعتبارات منها ما هو تنظيمي داخلي ( استعادة الهيكلة ) بما يضمن لها اكتساب الشرعية القانونية و منها ما هوسياسي يتعلق بالاحترازات المرفوعة في وجهها نتيجة غيابها علي الساحة طيلة الفترة ما بين 17/12/2010 و حتي14/01/2011 لذلك تميز خطابها بالاعتدال علي مستوي الهياكل العليا تحسبا في أن الوضع لن يفضي في أحسن حالاته لأكثر من استبدال الشيطان بابليس و محاولة الانخراط في حركة الشارع الضاغط علي حكومة الغنوشي لتحرير قواعدها من نظرة الشارع لهم و مع بداية العد التنازلي لهذه الحكومة انتقلت ظاهريا نحو الخط المعبر عن نبض الشارع بانضمامها للمجلس الوطني لحماية الثورة ( عاملة بالمثل القائل أنا معكم فلا تنسوني ) أما عمليا فقد عملت علي استيعاب الباحثين علي غطاء شرعي من المخزون العام لماكان يسمي بالتجمع الدستوري الديمقراطي مستخدمة في ذلك أسلوبه و تقنياته عمل استفزت من خلاله الخط الأول الذي بادر بارسال رسالة و اضحة ومباشرة بعد استبدال الراجحي ( الذي قبل الأمر دون تعليق ) بالصيد علي رأس وزارة الداخلية في علاقة مع شعار مرحلة التهدئة لضمان هيبة الدولة في ضل حكومة الباجي قايد السبسي.

 

ب ـ التهدئة لأجل استعادة الدولة لهيبتها و التهديد بالوضع الاقتصادي

ابتدأت برفع شعار الصدق في القول و الاخلاص في العمل ( شعار ذاق التونسيون منه الأمرين ) و تبني منطق الشارع لا بل المزايدة عليه ( تطوير التهمة لرأس النظام من المحاسبة الي تحديد التهمة بالخيانة العظمي ) مما مكن الحكومة من ايجاد أرضية قبول و ارتياح وظفتها بما يجعل من استراتيجية الحكومةالمستقيلة قابلة للتنفيذ ( التسويف وربح الوقت والمراهنة علي رغيف الخبز و تراجع احتقان الشارع ) من خلال جملة من الاجراءات أبقت الوضع يراوح في مكانه دون اجراءات حاسمة تقطع مع تلهية الشارع بأمور ثانوية معتمدة الاعلام السمعي البصري و عودة كورة القدم الي الملاعب لتحويل الاحتقان السياسي الي احتقان من طبيعة أخري يمجها المواطن و يحول وجهة نظره عن ترتيبات وضعه المستقبلي الي مناقشة تافهة تنتهي عند حدود الاستنكار لهذا الفعل أو ذاك. فمقابل حل التجمع سمحت لقيادات بارزة منه بتأسيس أحزاب ينطبق عليها مفهوم ( الشركات الأخوات ) أي بعد أن كان التجمع يخضع لمفهوم التركز العمودي أصبح يخضع لمبدأ التركز الأفقي ليشكل في النهاية كارتل سياسي متخذا اجراء احترازي ظاهره تكريم معنوي يستحقه الجيش الوطني ( رئاسة أركان موحدة تلغي حالة الحيف التي لحقته في ضل ما كان سائدا في السابق ) و لكنه لا يخلو من دلالات عميقة أثارت حولها نقاش و مقابل مشروع المجلس الوطني لحماية الثورة طرحت الهيئة العليا لحماية الثورة في مناورة لا تخلو من دهاء سياسي و معرفة بطبيعة الأطراف بعد أن حيدت الاتحاد العام التونسي للشغل استنادا لعدة اعتبارات ذات علاقة بقيادته .. مستدعية أطراف وشارطة تقديم طلبات علي أطراف مستخدمة مبدأ فرق تسد من ناحية و مدعية استقلالية هذه الهيئة ( أنا ليس لي دخل في تعيينها أو في من يمكن أن يكون فيها حتي أنني سئلت عن وجهة نظري و رغم أنني كمواطن من حقي ابداء ذلك الا أنني قلت لسائلي أحتفظ برأي الي ما بعد انهاء أعمالها التي تكون ملزمة للجميع ـ معني الكلام الذي ذكر في اللقاء الصحفي الضيق بالقصبة ) الا أن ذلك الكلام كان للتهدئة لا غير فما ان صرحت بمشروعها حتي تمت عرقلته و من نفس المصدر الذي أكد علي استقلاليته ( المراوحة و كسب الوقت ) واكب ذلك اتجاه حلفاء التهدئة الي التعبئة علي حساب المخزون العام خاصة جماعة السيد نجيب الشابي و جماعة الشيخ راشد الغنوشي مهددا الرصيد بالتشتت لتدخل كل الأطراف مرحلة نقاش ثوابت مرحلة لم تحسم الأرضية لدخولها بعد ممثلة في الصراع المفتعل حول هوية البلاد و كأننا نزلنا من أصول غير أصولنا و في محيط غير المحيط الذي كنا ننتمي له قبل 14/01/2011 فاتحا الباب أمام طائفية ايديولوجية بعد أن فشلت لعبة الجهويات ليصبح التفكير في ندوة أو أي نشاط سياسي موسع يستوجب التفكير في حمايته مما يعني بداية ضرب جدار المجتمع من أسفله أي الاتجاه نحو الفوضي بما يبررعودة سياسة الهراوة للشارع الا أن ادانة الشارع و رفضه لذلك استوجب وثيقة تحضي بمصداقية لدي الشارع فكان التصريح المثير للسيد الراجحي.

 

البلاد التونسية 06/05/2011

 

 





الاحد١٢ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة