شبكة ذي قار
عـاجـل










قد يتصور البعض بان الوقت غير مناسب للدخول في مماحكات ونقاشات لا تقدم ولا تؤخر ,عن الوصف الواجب إطلاقه على ما جرى ويجري من تغييرات في الساحة العربية ,هل هي ثورة أم انتفاضة ,وبالرغم من توفر التعاريف العلمية لهذه المفاهيم ,إلا إن محاولة الحكم على ما يجري استنادا إلى هذه التعاريف ,يوقعنا في مأزق ,حيث سبق وان أطلقنا وصف الثورة على الكثير من الحركات التي تبتعد عن المفهوم العام للثورة ,بل إن ما يجري من أحداث يعتبر من اقرب ما يمكن إلى الوصف العلمي للثورة من جميع الثورات في التاريخ الحديث ,وخصوصا في المنطقة العربية ,وللعلم بان تسمية أو وصف ما يجري بغير الثورة لن يؤثر على تلك الثورات بقدر أنملة ,بقدر ما تؤثر على من يطلق هذه الأوصاف عليها ,لأنه سيؤثر على سمعته وعلى مصداقيته أمام التاريخ وأمام الجماهير فالموضوع يتعدى المصطلح والتسمية إلى تقييمنا لهذه الحركات والى ما يجري ,وما إطلاقنا تسمية الانتفاضة عليها إلا هو تعبير عن موقفنا منها ,فهل نحن على صواب في موقفنا هذا ؟ وما هي الأسس التي استندنا إليها في هذا التقييم ,ولنأخذ النظامان المصري والتونسي ,والذي اكتملت المرحلة الأولى من الثورة فيهما كمثال ,وسنبدأ من ماضي هذين النظامين ,فهما نظامان عميلان قاما بادوار اقل ما توصف بأنها قذرة مكنت الصهيونية العالمية والامبريالية الأمريكية من إحكام سيطرتها على الوطن العربي وتدمير كل ما بنته القوى الثورية العربية طيلة عقود من خلال التحالف مع بقية الأنظمة الرجعية لضرب حركات التحرر العربي وإنهاء القضية الفلسطينية بما يرضي الصهاينة والأمريكان وعلى حساب الحق العربي والفلسطيني ,ولم تكتفي بل ساعدت ومهدت لاحتلال بلد عربي وجعله خارج معادلة الصراع العربي الصهيوني ,أما على المستوى الداخلي فالفساد وحده كافي للحكم على أي حركة مغايرة لهما بأنه ثورة ,وبالتالي فان واقع هذان النظامان هما اللذان يحددان نوعية الوصف والتسمية لأي مصطلح يوصف التحرك ضدهما ,أما الركون إلى إن مصطلح الثورة يجب أن لا نستعجل بإطلاقه لان نتائج هذه الحركات لم تحقق أهدافها ,أي إن النتائج هي التي تفرض التوصيف فاعتقد بان ذلك منهج غير صحيح ,لان الكثير من نتائج الثورة قد لا تظهر إلا بعد عشرات السنوات على المجتمع ,فهل إن الوصف الذي أطلق سابقا وعلى جميع الثورات كان خطأ؟ وإذا كانت الشعارات التي يرفعها القائمون بهذا التغيير هو الحكم ,فهل إن الشعارات التي رفعها الشعب التونسي أو المصري هي شعارات غير مقبولة أو لا تجسد مفهوم الثورة ,أم إن محاولة سرقة الثورة من قبل الامبريالية والصهيونية من خلال بقايا النظامين هما اللذان دفعانا للتخوف من إطلاق مصطلح الثورة عليهما ,وهل هذا مقبول ,فلم تقم ثورة في التاريخ إلا وحاولت قوى الثورة المضادة أن تسرقها أو أن تحتويها ,ولكن ذلك لا يقلل من شان الثورة بل يزيدها صلابة ,وحتى لو نجحت هذه القوى من احتواء الثورة فهل إن ذلك يلغي ثوريتها عند قيامها ,فنحن نعرف الكثير من الثورات قد حرفت أو انحرف مسارها الثوري لاحقا من قبل بعض قادتها أو من قبل قوى أخرى قفزت إلى قيادتها ,أو لأسباب أخرى ومع ذلك فان الوصف الصحيح لها بقي لأنه أطلق عليها عند قيامها استنادا إلى نيات وأهداف وأفكار القائمين بها ,وليس إلى ما ستحققه لاحقا ,لان تحقيق تلك الأهداف لاحقا ستحتاج إلى زمن والى إمكانيات وأي مشكلة ستكون لها أسبابها ولا نريد الخوض في هذا الموضوع .


لقد سبق وأطلقنا مصطلح الثورة على الكثير من الانقلابات العسكرية استنادا إلى شعارات القائمين بها ,فلماذا نبخل بهذا التسمية على ثورة شعبية استنادا إلى نفس الشعارات .


أما من يتصور بان ما جرى وما سيجري من أحداث في المنطقة العربية وحدها بل ربما في الكثير من دول العالم هو نتيجة لإرادة خارجية فيكفي الإجابة عن التساؤلات التالية لمعرفة الحقيقة _


هل إن بوعزيزة كان له ارتباط بقوى أجنبية أقنعته بحرق نفسه حتى الموت لكي بشعل فتيل الثورة التونسية ؟
هل إن ما جرى في تونس يمكن أن يكون مخطط له حتى ولو في الأحلام؟
من كان يمكن أن يتصور أن تنتقل حمى الثورة التونسية وبهذه السرعة والكيفية إلى بقية الأقطار العربية ؟
من كان يتصور بان سقوط نظام حسني الخفيف سيكون بهذه البساطة ؟
هل يوجد نظام بديل لنظام الخفيف يمكن أن يقدم أكثر مما قدمه هذا النظام طيلة عقود للصهيونية والامبريالية ؟
من الذي يتحكم في اللعبة الآن هل هو بقايا الأنظمة أم الصهيونية والامبريالية أم الشعوب ومن سينتصر في النهاية ؟


وحتى لا أطيل في طرح العشرات من الأسئلة التي لا إجابة قاطعة لها ,اطرح سؤال أخير ومهم بنظري ,وهو إذا كان ما جرى قد خطط له من قبل الامبريالية والصهيونية حسب نظرة الفوضى الخلاقة وليس عفويا ,فمن يضمن النتائج لصالحهم ,واستنادا لأي منطق مقبول أن يضحون بنظام قوي يضمن مصالحهم في ذلك القطر وفي المنطقة على أمل غير مضمون للحصول على نظام قد يضمن مصالحهم بنفس المستوى ,مع تغيير الوجوه أو طريقة وأسلوب الحكم .

 

 





السبت٠٧ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابو محمد العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة