شبكة ذي قار
عـاجـل










كل التجارب الديمقراطية الحقيقية تاتي بل تفرض نفسها من خلال نضوج ثوري كامل للواقع,ونضوج الواقع يعني تطور في كامل لعوامل الاستغلال والاستعباد والظلم, ويقابله إرتفاع في معدلات الغضب الشعبي الذي لايمكن أن تقف امامه أعتى الانظمة الغاشمة ومهما ما أمتلكت هذه الانظمة من قوة بوليسية أو امنية ,وأمام هذا الغليان الجماهيري تتراجع الانظمة التي تقف بوجه إرادة الشعب الثائرة وتسقط بل تتهاوى بعد فترة ,وتعتمد هذه الفترة على النضج الجماهيري للثورة,بمعنى شمولية حالة الرفض الجماهيري وتحول الحالة من الرفض الى الانتفاضة ومن ثم ترتقي لمستوى الثورة,وبغير هذه المسببات والعوامل والطرق لايمكن لاي تحرك يرفع شعارات الرفض لاية حالة أو واقع ان يسمى إنتفاضة أو ثورة,لان القوانين التي تتحكم بالثورة تتجاوز حالات الاعتصمات والاحتجاجات ,ويماأن مسببات الثورة تبدأ بتفشي حالة الظلم والقهر سواء كان إجتماعياً او سياسياً أو إقتصادياً وأيظاً ضياع سيادة الوطن, فإن الثورات كلها تاخذ شرعيتها من التحرك الداخلي اي الوطني فقط ,ولان عوامل الثورة تكمن في وجود النضج الجماهيري ووعيه لحقوقه وواجباته فتكون الثورة في حقيقتها تخليق وتثوير للواقع الوطني الى واقع يستجيب للحاجة الوطنية أولاً القومية ثانيةً,و يتسارع هذه النضج الثوري في حالة وجود قيادة ثورية للجماهير,والتي تفعل فعلها الثوري في الجماهير والعملية الثورية برمتها في توضيح الحقائق والارتقاء بالجماهير الى مستويات جديدة تدرك من خلاله لمسؤوليتها التأريخية تجاه الوطن, وتحقيق الحرية الكاملة للشعب لممارسة كل حقوقه التي يتكفل بها الانتماء والهوية الوطنية,وبالتاكيد هذا لا يكون إلا بإقامة ديمقراطية شعبية يكون الشعب فيه مصدراً حقيقياً للكل السلطات ولايقتصر تأكيد هذا المصدر على تثبيته فقرة في الدستور,لانه ثبت وبحكم العديد من التجارب المختلفة والذي عاشتها أكثر الشعوب والامم وحتى التي تدين بالديمقراطية الليبرالية إن الحكومات تجمد الفقرات الدستورية بقوانين أو تشريعات تمكنها من تعليق الحريات التي تستحقها الشعوب ,فعلى سبيل المثل وليس الحصر إصدار قوانين الطوارئ ورفع حالات التأهب للمحافظة على الامن القومي! ووقف الكثير من حقوق المواطنة كالسماح بالتنصت الامني على كافة الاتصالات الشخصية والعامةوأيظاً المداهمات والاعتقالات اللاقضائية والكثير من الحبكات الامنية التي تستطيع الالتفاف من خلالها السلطات أن تلتف على بعض مفردات الديمقراطية,وحقيقة الامر لا تتعدى كون هذه الممارسات جزءاً من القفز على بنود الحريات الشخصية وحرية المجتمع لتجاوز العجز الامني للسلطة بل في بعض الاحيان تكون جزءاً من ستراتيجية النظام لفرض حالة القبول بوضع يخدم السلطة الحاكمة ويحقق لها سيطرة أكثر لتحقيق ستراتيجيتها التي تصب في قعر مصالحها, وهذه الاجراءات ليست محصورة في الانظمة الديكتاتورية والاوتوقراطية بل حتى في احكم الدول التي تدين بالليبرالية..


ولكي نحقق بعض النجاح في توضيح العلاقة بين الديمقراطية وحقيقة الثورات الشعبية نقول الاتي:

1- الثورات الشعبية تكون شعبية بالقدر الذي تمثل طموحات الاغلبية وليس شعارات الاغلبية وفي نفس الوقت تكون شاملة وعامة في تمثيلها لقوى المجتمع,و في إعتقادي إن التمثيل للطموحات الاكثرية شئ وشعارات الاكثرية شئ أخر في الثورات الجماهيرية,لان الطموحات تعني المصالح والغايات الحقيقية للاكثرية وهي تكون واضحة من خلال حقيقة التكوين الاجتماعي والطبقي والسياسي معاً في بنية الثورة وبدون فصل بين هذه التكوينات,وأما شعارات الاكثرية أو الاغلبية فقد أصبحت في وقتنا الحالي عرضت للمتاجرة بها وإستغلالها للتخفي خلفها من قبل الكثير ( أحزاباًأو أفرادا أو مؤسسات )  من الانتهازيين والوصوليين,بمعنى أدق لايمكن الحكم على ثورية أي مظاهرة أو مسيرات إحتجاج أو إعتصامات من خلال الشعارات المرفوعة لانها لا تكون بالمطلق تعبر عن هوية الثورة الحقيقية وخاصة في عالمنا الحالي الذي أستطاعت فيه الامبريالية الصهيونية والرجعية أن تدفع بأدواتها أن تتخفى وراء الشعارات الثورية بل في كثير من الاحيان ترفعها وتنادي بها بكل ما تحمله الميكافيلية من إنتهازية في الرأي و الموقف,و تبقي على هذه المواقف لحين حلول اللحظة المناسبة وتركب موجة الثورة الشعبية وتدفع بها بإتجاهات غير أهداف الثورة الشعبية, وهذا ما يجب أن تفطن اليه وتدركه ثورة شعبنا في مصر وتونس والثورات الشعبية المتلاحقة أيظاً في وطننا العربي.ولان الثورات الجماهيرية هي ظاهرة مهمة في التأريخ السياسي للشعوب,أيظاً اهميتها تكمن في قدرتها على تحقيق الاصلاحات الجذرية سواء كانت السياسية أوالاجتماعية أوالاقتصادية وحتىالثقافية والتي يتضمنها منهاج وشعارات الثورة,وهذا يترتب على الثوار أن بنتخبوا او ينتقوا قيادة  ( حزباً أو أفراد )  لهم تاريخ وطني وقومي أولاً ,وثانياً لهم وعي و دراية أي خبرة كاملة في ممارسة الادوار القيادية في موضوعة الثورة وهذا الموضوع مهم وجوهري لابقاء الثورة على تأججها وفي نفس المحافظة على أهداف الثورة والتصدي لحرفها عن مسيرتها.ولان المفروض بالنظام الذي تفرزه الثورة يكون ممثلاً لكل قوى الثورة الشعبية فتكون شرعية الثورة تُسمتد من من وطنيتها ,ويكون النظام المنبثق من الثورة يمثل الارادة الشعبية الشاملة ولكل مكونات الشعب دينيةٍ أو سياسيةٍ أو قوميةٍ, إن أي نظام لا يقدر أن يمثل شعبه فالحق وكل الحق للشعب أن يغيرأي نظام أو ديمقراطية تفشل في تمثيل الشعب طموحاً وتركيباً,أي في تحقيق أهداف الجماهير ومن خلال تشريعات و قوانين تتيح للانسان أن يمارس حقوقه ويلتزم بواجباته وهذا ما جاء في تأكيد الفيلسوف الكبير جان جاك رسو حين قال: ( إن الحكومة تقوم على إرادة المواطنين العامة، وإذا لم يحصل النظام السياسي على رضاء هذه الإرادة العامة فإنه يحق للمواطنين الثورة عليه، ولهذا يجب على القوانين أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب، والإنسان يمتلك حريته بإطاعته للقوانين، وهو بقوة القوانين لا يطيع البشر فالكل متساوون أمام القانون )  .


وأيظاً من حقائق الثورات الحقيقية في تمثيلها للمواطنين هي خلوها من أي إصطفاف أيديولوجي أو لوجستي أجنبي! وأما في حالة تبلور موقفاً معارضاً لاي شكل من أشكال الانظمة السياسية وحضى بدعم قوة لا وطنية فإنه يندرج تحت مفهوم التمرد أو المؤامرة, ومهما كانت الشعارات المرفوعة ثوريةً وتحمل من مطالب واهداف جذرية وشاملة ووطنية,لان الاصبع الاجنبي يلوث الملايين من الايادي الوطنية, وايظاً يحول أي تحرك جماهيري من إنتفاضة أو ثورة الى تمرد,لان هذا الاصبع مهما يكون صغيراً بجانب الايادي المتمردة فإنه يعطي إشارة لوجود أجندة أجنبية وتحمل في طياتها مصالح الاجنبي وليس مصالح المتمردين.لذلك على الثورة الشعبية أن تحافظ على بكوريتها الوطنية وبكل الوسائل الثورية المشروعة. ولان الاجنبي يتربص ويتحين الفرصة لسرقة ثمار الثورات لكي يستغلها ويحولها لصالحه الخاص وهو قادر في حالة الثورات الغير اصيلة ( الاصالة تتطلب وطنية الثورة ووجود قيادة وطنية مخلصة لشعارات الثورة )  وبذلك تخسر الثورة هويتها ومن ثم جماهيريتها كما حصل في كثير من الثورات في العالم.

 

 





الاثنين٠٢ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة