شبكة ذي قار
عـاجـل










فتاة مصرية شاركت في تظاهرات يوم الغضب الثاني في القاهرة، في منتصف العشرينات من عمرها سألها مراسل الفضائية عن مطالبها قالت له وبالحرف الواحد " إحنا مش عاوزينو- تقصد حسني مبارك- إحنا عايزين راجل! إحنا عايزين راجل!" ويكفي "الرجل" عاراً أن شعبه لا يراه رجلاً قدر المسؤولية...


فما الذي سلب حسني مبارك رجولته؟ هل كان السبب أنه ارتمى في حضن الأجنبي ينفذ له كل رغباته وأوامره؟ أم كان السبب أنه سلب من مصر كل عناصر قوتها ومنعتها وأخرجها- وكما ظن إلى الأبد من معادلة الصراع العربي الصهيوني؟ هل أن رجولته ضاعت عندما أنتزع من الجيش المصري البطل كل أمجاده وبطولاته وتاريخه المجيد ليجعله جيشاً من ورق لا يصلح إلا للاستعراضات؟ وهل فقد حسني رجولته عندما باع مصر أرضاً وتاريخاً وحضارة للصهاينة والأمريكان؟ أم أن رجولة "الرجل" ضاعت عندما ضاعت الريادة المصرية في كل مجالات الحياة، واصبحت الحضارة المصرية العريقة حضارة واجهات زجاجية ومطبوعات سياحية، أم أن الرجولة أختزلت عندما أختزلت الديمقراطية بمرشحي الحزب الحاكم، وعندما أختزل صوت الشعب برزم من الجنيهات توزع كرشوات يتم بها شراء ذمم الناخبين؟


هل أنتهت الرجولة عندما أصبح مبارك عراباً لكل المشاريع الأمريكية المشبوهة للمنطقة وسمساراً للصفقات المعجونة بدماء وعرق الشعب العربي؟ هل دُفنت رجولته مع أشلاء الضحايا الأبرياء من العراقيين في العدوان الأمريكي الذي روج له وهيأ له ورتب أرضيته ومسرحه في القمة العربية الطارئة في آب/أغسطس 1991؟ هل بقي شيء من رجولته وهو يشرب نخب دماء العراقيين ويبيعها ببضعة مليارات من ديون مصر؟

هل أصبحت رجولة الحاكم العربي هذا أثراً بعد عين حين دَمَّرت الطائرات المعتدية كل رموز الحضارة في بلاد الرافدين بعد أن ناوروتأمروسَهَّل هو ومن على شاكلته غزو العراق وإحتلاله؟ وهل أندثرت رجولته وهو يخطط مع المخططين لتقسيم العراق وتحويله إلى دول طوائف وملل ونِحل؟ ألم يعلموا أن إستساغة شرب دماء الشعوب ستكشف سوأتهم وتقتل رجولتهم؟ ألم يعلموا أن ذاكرة الشعوب لا تموت كما ماتت فيهم رجولتهم؟ أم أن رجولتهم ماتت مع موت ضحايا العدوان على غزة من الأطفال والنساء والشيوخ؟


كلنا يعلم أن رجولتهم ماتت يوم أصطفوا إلى جانب الشيطان، وباعوا أوطانهم وشعوبهم ودينهم بدنيا زائفة زائلة، سيستبدلونها قريباً بمنفى يكاد أن يضيق بهم هو الآخر.


فما هي الرجولة إذن؟ وماذا تطلب تلك البنت المصرية الأصيلة التي ربما ولدت مع ولادة معاهدات الخنوع والتبعية وبيع القضية؟ لم تطلب رغيف خبز، ولم تطلب وظيفة أو عملاً، بل كانت تطالب برجل يعيد لمصر كرامتها، ويعيد لشعب مصر عزته ويسترجع لجيش مصر دوره القومي الرائد... كانت تريد رجلاً يستطيع أن يقول لا للتطبيع مع قاتلي الأشقاء والأحبة، وأن يقول بصدق نعم لمطالب الشعب العربي المصري... كانت تأمل برجل يحمل إيمان الصحابة ونقاوة المؤمنين... فهل عدمت مصر مثل هذا الرجل؟ وهل توقف رحم الأمة عن أنجاب العظماء؟


كلا وألف كلا... فهذه أمة ولودة ولدت بين ليلة وضحاها وحين ظن الناس كل الناس أن الرحم قد جف والنسل قد نضب، مائة ألف أو يزيدون من الأبطال الذين ملأوا ميدان التحرير بالقاهرة متحدين حظر التجول وغازات الشرطة المسيلة للدموع ورصاصاتهم المطاطية والحية،،، وقبلهم كانت قد ولدت وعلى غفلة من الجميع الآلاف الذين جابوا شوارع تونس والذين اسقطوا زين العابدين بن علي ،،، ولكي لا ننسى فهي نفس الأمة التي أنجبت رجال المقاومة العراقية الأبطال الذين أجبروا القوة العظمى في العالم على لملمة جراحاتها والرحيل من أرض العراق ملعونين هم وأعوانهم...


فأنتظري يا أبنة العم،،، فالرجال كثيرون ونهاية الظلام والظالمين وشيكة...


إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
 

 

 





الاثنين٢٧ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣١ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أمير البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة