شبكة ذي قار
عـاجـل










(أولاً) - لكي لا ينجحوا في تحويل الحرب على الارهاب الى حرب على الثقافات والاديان


إن الذي دفعني لطرح هذا الموضوع هو قيام البعض بطرح أفكاراً وتبني مواقف إنفعالية متشنجة تتسم برد الفعل السريع واللامسؤول عن موضوع الارهاب وربطه بالاديان وهم بذلك يُسوقون للامبريالية الصهيونية ثقافةً تُريد ان تنشرها في إلعالم وفي منطقة الشرق الاوسط بالخصوص, كالمقالة الموسومة(إذا كان هناك إرهاب إسلامي ألا يوجد إرهاب يهودي ومسيحي أيضا ؟)فإن هذا النوع من المقالات يصب في تأكيد الدوائر الامبريالية الصهيونية على أن الصراع القادم أو المتحقق اليوم في العالم هوديني. إنه تشويشاً وتحريفاً للحقيقة ومن يقول إنه هنالك إرهاب إسلامي فهوتشويهاً وتحريفاً وجهالةً من يرد بالقول بأن هنالك إرهاب مسيحي أو يهودي فإنها لغة البسطاء والسطحين,فالذي يريد أن يفهم الاسلام لابد له من أن يقرأ من القران الكريم كل اياته ولايجوز له أو حتى أن يحق له أن يتعامل بإنتقائية مع اياته الكريمة,ويحكم على هذا الدين الحنيف بجزئية,فالذي يريد أن يفهم الاسلام ليقرأ كل الايات الموجودة في 114 سورة والبالغة 6236 آية ويستوعبها بشكل جيد,أنذاك يستطيع أن يفهم ما هو الاسلام,وهذا الأمر ينطبق تماماً على المسيحية واليهودية فالكتاب المقدس واحد ولايجوز أيظاً تجزئة أياته,والذي يريد أن يفهم المسيحية لابد أن يستوعب الايات بدءً من سفر التكوين وإنتهاءاً بسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي,وعلينا أن نفهم أن الله سبحانه وتعالى يكمل في دينه ورسله وهوالذي يقول لم اتي لانقض الناموس بل لاكمل.إذن لكي نفهم الاسلام لابد أن نفهم القران الكريم كله وبدون إنتقائية ومن يقرأ ويفهم كلية الايات القرانية فهو بإمانة وصدق سوف يسخر من أي مدعي كاذب إن الاسلام يدعو للارهاب..وإن لصق الاسلام بالارهاب اليوم هو وسيلة عقيمة للامبريالية الصهيونية وفي نفس الوقت فضيحة للذين يدعون الحرص على الاسلام زوراً.


(ثانيا) فبعد إنتهاء الحرب الباردة التي إنتهت بتفكك المعسكر الاشتراكي,كنا أمام الحقيقةالواحدة والمتمثلة بتنمية ثقافة الصراعات أما صراعات دينية أو حضارية,وبوجهيها الاول وهي أن الامبريالية الصهيونية لا يمكنها من الاستمرار بدون وجود صراع أو تهديد دولي يبقي العالم وخاصة أوروبا مشغولة في إيجاد ترتيبات عسكرية أو إقتصادية لمواجهته وحتى لو كان مختلقاً ,وبعكسه سوف تتوقف كل الموارد التي تمول الة العدوان والاحتلال وفي مقدمتها الماكنة العسكرية للامبريالية العالمية ! والوجه الاخرللحقيقة هومحاولات الحركات الدينية المتطرفة بالدفع باتجاه تنمية هذه الثقافة أي ثقافة الصراعات الدينية والحضارية والتي تهدف منها تنضيج الظروف لتنفيذ أجندتها المتخلفةأو أجندة مرجعيتها السياسية لاقامة دولة دينية تظمن لها سلطة تستطيع بها الامتداد الى العالم كله متخيلةً وبكل تخلف في العقلية والافكار إنها قادرة على أيقاف تطور ووعي الإنسان في إنفتاحه وتعاونه مع أخيه الإنسان وإدراكه لحقيقة الخلق القائمة على محبة الله للانسان وليس على التسلط عليه وفرض أحكامه, لان القدير نفسه يتعامل مع الإنسان على أساس احترام إرادته في الحياة وطريقة إختياره للعيش,فكيف الحال بالانسان مع أخيه الإنسان,وإن من يدعي تمثيله لاحكام الخالق يتطلب منه اولاً التمثل بالقدير في طريقة التعامل مع الآخرين, وأيضا هنالك جهل مطبق على عقلية كل الاحزاب والتيارات السلفية بعدم إرتقائها لحقيقة مؤكدة بأن الإنسان لايمكنه أن يتبنى أو يعنتق مبداً أو ديناً بالقوة ويكون في نفس الوقت عاملاً لتطوره أو لخدمته,ولكن قوة الاقناع هي السبيل الوحيد للوصول بالانسان المعاصر خاصةً للانظواء أو الالتزام بأية مبأديٍ أو معتقدات ووصايا ,وهذا مالم تستطيع أي من الحركات الدينية أن تستوعبه أو ان تفهمه أو أن تتعامل معه.وقد يكون من الأسباب المهمة التي دفعتني لطرح هذا الموضوع وبهذا الشكل هو تبني موضوع الارهاب بإتجاهاته المختلفة وخاصة باتجاه ربطه بالاديان, في تقديري لم تكن مغلوطة وحسب بل إنها تحريف كامل للحقيقة وخاصة عندما يحاول البعض ربط الارهاب بأي دين سواء بالشكل أو المضمون,وان أي نقاشاً ديمقراطياً مع أصحاب العقول المتخلفة هو مفيد لخدمة الوصول للحقيقة ,ومع علمي بان نقاشاً أو حواراً مثل هذا النوع لدى الجماعات التي تحمل فكراً سلفياً أو مشوهاً لأي دين يكون شبه عسيراً وربما قد يكون مستحيلاً في بعض الأحيان وذلك لسببين في تقديري,اولهما هو عدم توفر النية الحسنة والصادقة في إجراء الحوار أو النقاش لتبيان حقيقة الدين وخاصة الدين السماوي الذي لايؤمن بأي أُسلوب من أساليب القتل والانتقام وهذه الحقيقة إذا ما تم إقرارها فإنها تعني ترك الاسلوب الانتقامي وما يحمله من حقد وبغضاء وقتل,وهذا بالضرورة سوف يتسبب في زوال كل مبررات وجود هذه الاحزاب والحركات والتنظيمات,وثانيهما يترتب بمدى الاستقلالية التي تتمتع بها هذه التشكيلات أحزاباً أو تجمعات,فبمقدار إرتباطها بإجندات سوف تتفاعل بالحوارات والنقاشات,و مع ذلك اعود لاقول نحن بحاجة للحوار مع هذه الجماعات بالرغم من صعوبته..إننا يجب أولاً أن نؤمن يأن كل الأديان السماوية لاتقر بأي أُسلوب من أساليب الانتقام والقتل والمعبرة عنها بالارهاب,لان الله سبحانه وتعالى هو مصدر كل ما تحويه الاديان السماوية من وصايا وتعاليم ولاتوجد لهذه الأديان أية مرجعية فكرية أو فقهية روحية غير رب السموات والأرض,ولكن توجد إجتهادات لمجموعات بشرية تنتقي من أياته وتعاليمه ما يخدم تصوراتها وأهدافها الدنيوية وتضعها في إطارات تحرف بها حقيقة أياته ووصاياه,فالحقيقة وكل الحقيقة لا يوجد دين سماوي يحرض على القتل والارهاب ولكن توجد إجتهادات تفسيرية بشرية تبرزالذي يخدم أفكارها وإرهاصاتها وتقدمه للمؤمنين على إنه فرض أو واجب أو وصية!والى جانب ذلك إن كل ما يقوله الإنسان ومهما كانت درجته الفقهية أو علمه بشأن دعوات الله للحرب أو القتل ولأي دين سماوي هو تحريف لأن الكتب المقدسة لاتؤخذ في أيات منفردة وتبنى عليها مواقف وأحكام على هذه الجزئية والانتقائية من الايات, ولكن يؤخذ أي كتاب مقدس بمجموع اياته ومن خلال توجهاتها و توصياتها تتحدد المواقف أو الأحكام,أي من الكفر أن يجزأ كلام الله ويبنى عليه موقف أو يحدد إتجاه ولكن توخذ الايات كلها وتدرس بالتحليل والاستنتاج وعندئذ توحد المواقف والاحكام.وبغير ذلك لا نستطيع ان نضع قواعد حوارية في تحديد علاقة الدين بالحياة وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان وبغض النظر عن الدين أو الطائفة والمذهب أو القومية والعرق.منطلقين من قاعدة إن الله خلق البشر من قبائل وشعوب مختلفة في الشكل واللغة والقومية ومنح البعض فرصة للتطور في مرحلة زمنية هو حددها وأيضا ارسل لهذه البشرية في أزمان مختلفة أنبياء ورسل هو حدد مهمة كل واحد منهم ولم يفرق بينهم بل لكل واحد منهم كانت له مهمة وأوصاهم بالمحبة والسلام فيما بين المؤمنين بالله وبغير ذلك لا يمكننا أن نفهم الخالق,وكل المؤمنين بالله سبحانه وتعالى لابد أن يؤمنوا بان الطريق للخالق يوحد كل البشر مهما إختلفوا فيما بينهم, وأما الذين لا يقبلون بهذه الحقائق ويندفعون حانقين ويطرحوا أشرطة للحوار وبث غضبهم من شركاء الحوار ووصمهم بكل ما يملكون من صفات التكفير فتحسب عليهم وليس على دينهم من مفردات الشتيمة والانتقام وتكفير الآخرين,فهولاء ليسوا مع دين الله وإنما مع دين الشيطان.وطبقاً لهذا التصور تكون الحقيقة أو الصدق ليست مرتبطة بمن يتدين بل تكون مرتبطة بإدراك الإنسان لخطة الله الخلاصية للبشر وطريقة إختياره للايمان الحقيقي به وبأنبيائه,نحتاج لهذه الثقافة وليس للترويج لها بل بذل الجهود لنشر ثقافة المحبة والسلام والتاخي وتقبل الآخرين وهذا ما تدعوا اليه كل الاديان.


إن أي توجه للقطيعة بين أبناء البشر نتيجة التمايز الديني أو القومي أو العرقي لايمكن أبدا ان يكون مصدره من مخزون الايمان بالله الواحد وهو بالضرورة من إختلاق بشري يراد منه تحقيق غايات شيطانية منها الاستغلال والسطوة والاحتلال وقتل الخير الذي زرعه كل انبياء ورسل السماء.و نتيجة لهذه الخلاصة لابد للبشر أن يقبلوا واحدهم للاخر وإن اختلفوا تُحترم الارادات والخيارات البشرية بمعنى أن الإنسان له الخيار والحرية الكاملة في إختياره لطريقة عيشه وتحديد علاقته بأخيه الإنسان فما بال حريته التي يجب ان تحترم في علاقته بالله,وإن وجدت خلافات فيكون الحوار هو الطريق لتصحيح الخطأ والاقناع وسيلة حية في المواجهات وتغير قناعات الآخرين لان هذه الطرق والخيارات تبعدنا عن المقايسات الذاتية وتحول مفاهيمنا بنسبية في المقارنات وليس بالمطلق الذي يؤدي الى العمى العقائدي,إن طريق الحوار يقربنا من الحداثة في التبادلية الثقافية والفكرية والعقائدية ويبعدنا عن الاطر الاصولية التي لاتقبل بالاخر وتحول عقائدنا لقوالب جامدة وتجعلنا نلجا الى الضعف الإنساني يإستخدام القوة والقهر والقتل والارهاب بدلاً من الخيار القوي الإنساني وهوطريق الحوار وقبول الآخرين وبكل تعقيداتهم وإنفعالاتهم وحتى هوجائيتهم في الحياة...

 

 





السبت١١ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة