شبكة ذي قار
عـاجـل










خسئ – كل من قال أنك رحلت عنا.
سنقطع لسان كل من يقول أنك تركتنا ورقدت هناك في البعيد تترقب بؤسنا بعدك ، هانئاً مطمئناً تنام في العليين تحفّ بك ملائكة الله بينما تحوم الشياطين والأباليس حول قاتليك وهم رقاداً ، نياماً.


لم ترحل عنا ياسيدي الرئيس ... لم تسافر ، لم تهاجر .. لم تمت ، لم تنتقل من هذه الدار إلى تلك الدار بل أنت سكنت في أغوار قلوبنا ..
لم تبتعد شبراً ولا سنتيمتراً واحداً .. أنت قاب قوسين وادني من قلوبنا ، من أرواحنا ، من عقولنا..
لم تغادرنا بل سكنت في جوارحنا ، كتبت بدمائك أبجديات موتنا وحياتنا جميعاً..
لم تتركنا ، لم تحط رحالك في غير وأدينا ....
نعم ياصدام حسين ،أيها الخالد إلى مابعد فنائنا وفنائهم .
كلمة الرئيس لم تعد تليق بأحد بعدك .


كل العراق الذي تعرفه .. العراق الذي سهرت عليه ليالياًُ وليالي -تبنيه ، تحميه ، تعزه ، تنهض به – اليوم في ذكرى استشهادك الرابع .. يشتاق إليك .. يحن إليك .. يفتقدك : يفتقد سيماء وجهك رغم انك لم تغادره ، ضحتك ، يفتقد دكتاتوريتك ، عافيتك ، حلمك ، غضبك .. اكتشفنا أننا كنا نحتاج كل صفاتك هذه لنعيش .
نشتاق إلى كل شي جميل فيك..


إلى وجهك الباسم ، الضاحك ، البشوش..
إلى لسانك العذب ، وصوتك الممتلئ رجولة .. إلى شموخك ، إلى عنفوانك ..
نشتاق إلى قامتك المديدة التي كانت تعانق مهابة العراق وشموخه وسفالة أعداءك ..
لم تتركنا وتغادر يا عراق .. لأنك أنت العراق فيكف يغادر العراق عراقه...


كل رحلة في مدارسنا .. كل شجرة في حدائق بيوتنا ، كل سرير من آسرة مستشفياتنا ، كل شوارعنا وطرقاتنا الخارجية ، وبساتين أهلنا ونخلات حقولنا .. كل أبواب بيوتنا ، كل دفاتر أبناءنا ، كل واجهة محلتنا ...
كل شي في العراق ياعراق يحنّ إليك ياسيدي ويبكيك دماً ودماءاً..
ليتك لم تكن العراق لنحب العراق حتى الموت..
لا زلنا نومئ بكل أصبعنا : هذه المدرسة أنت بنيته ، وهذه الشجرة ٌزرعت في عهدك ، هذا الشارع بلط في عهدك ، هذه البناية بنيت بإيعاز منك ، هذا المعهد أسس بأمر منك ..


هذه المساحة من الصحراء شجرّ وخضرّ بتوجيه منك ..
ذلك المشروع الاروائي أنجز في عهدك ..
كل شهر ونحن نستلم البطاقة التموينية نترحم عليك ونلعنُهم ..


كلما نفذ السكر أو الزيت أو الرز في البيت ، نرفع اكفنا إلى السماء ونسأل الله تعالى أن يزلازل الأرض تحت إقدامهم ويكصف أعمارهم ..
كلما تمرضنا وأحسسنا بالوجع والألم ونرى جيوبنا خاوية بلا مصرف – نرفع أيدينا إلى السماء ونترحم على أيامك كم كانت أعمارنا زاهية ، ممتعة ..
كل أول شهر ونحن نلعنهم ونترحم عليك وكل عشرة بالشهر نبصق في وجوهم وكل أواخر الشهر نشتمهم " تبخر الخير كله عندما دخلوا العراق..
كنا نحبك بصدق وبجدية وبعفوية .. كنا سعداء معك .. كنا عظماء بك .. كنا كرماء ، اصلاء .. نحب حياتنا وأعمالنا ومستقبلنا ..
نحن جوعى .. نحن عطشى .. نحن مرضى .. نحن سكارى .. نحن موتى – بدونك ياسيدي _ أجساد بلا أرواح ..نبكي ولا نبكي ، نضحك ولا نضحك ، نهذي ولا نهذي .. نتوجع ونئن ولا نئن ..


لو كنا ندري أنىّ نعشقك حتى الموت لما كنا قد سمحنا لك أن تختار وطنا لك بدوننا..
لو كنا ندري أننا سنحنّ إليك حتى الجنون لقبضنا عليك بأسناننا...
لو كنا ندري أن رحيلك سيدمي قلوبنا مابقي لنا من العمر لأخفيناك باحشاءنا..
لو كنا ندري أن العراق سيفيض دما ويغرق بالدم بعدك لما تركناك تودعنا بابتسامة الموت تلك ..
كفانا وجعاً .. أبكيتنا بما فيه الكفاية وسنبكيك مابقي لنا من العمر..لأننا نحنّ إليك ، ونشتاق إليك حتى التوسل ..
أنت سعيد في مثواك .. ونحن حزانى وبؤساء في عراقك المدمى بالوجع والدم والنار ..
عزائنا انك رحلت والابتسامة ملء وجهك ، وأنك تركب فينا ما تحب .. تركت خلفك رجالاً حملوا عنك الكبرياء والشموخ والذود عن الوطن حتى الموت ..
عزائنا أنك شهيد القضية ، شهيد التحرير والمقاومة ..
شهيد الحرية التي تفتقدها كل الأمة بعدك.
سلاماً عليك يوم أحببناك ، يوم أحببتنا.


سلاماً عليك يوم لقنت اعدءك أروع الدروس في الشهامة والبطولة والنبل والقوة والشجاعة .
سلاماً عليك حين تبعث مع الأنبياء والصالحين والشهداء وربك راضًٍ عنك ونحن راضون عنك ، نحبك وأن كره الغاصبون .
الكبرياء والنصر والعزة للمقاومة العراقية التي مرغت أنوفهم في التراب .


 

Golahanalbayaty2005@yahoo.com
 

 





الخميس٢٤ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كلشان البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة