شبكة ذي قار
عـاجـل










من المتوقع أن يهرول غدا خرفان المنطقة الخضراء الى أربيل شمال العراق في ضيافة شاهنشاه زمانه وحلاّل المشاكل مسعود البرزاني رئيس أمارة, أو ما يُسمى باقليم كردستان العراق . حيث إكتشف بعبقريته النادرة جدا الوصفة السحرية لتشكيل حكومة جديدة لعراقهم الجديد. وإذا حالف الحظ فخامة العميل البرزاني وتمكّن من إقناع ضيوفه الغير محترمين في إخراج حكومة جديدة من بئر تفاهتهم وإنحطاطهم وإنانيتهم المفرطة فانها سوف تكون أسوء وأتعس حكومة في تاريخ الدول والبلدان على مرّ العصور والأزمان.


نعم, ليس بسبب أنها ستشكّل من نفس قِطع الغيار المستهلكة والصدئة والتالفة فقط وإنما لأنها جاءت بعد ثمانية أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية التي قيل أنها ديمقراطية ونزيهة وشرعية وشارك فيها ملايين العراقيين, بما فيهم الأموات والأجنّة في بطون أمّهاتهم. ولو كان لدى ساسة العراق المحتل ذرّة من الشرف والرجولة والشعور بالسؤولية أزاء مَن يدّعون أنه إنتخبهم ومنحهم ثقته لقدّموا إستقالتهم بشكل جماعي وإعتذروا للجميع عبر شاشة التلفازة بدل هذا اللف والدوران والضحك على ذقون أتباعهم الذذين تآكلت ذقونهم من كثرة الضحك عليها.


من المعروف إن مقاصد وغيات العميل البرزاني أكبر وأعمق مما تتصوّره عصابة المنطقة الخضراء واللاهثين للحصول على منصب أو مكسب أو كرسي وثير في حكومة لا تحكم ولا يعترف بها أحد غير المحتلّين الأمريكان وحلفائهم المجوس الايرانيين وبعض الحكام العرب. فالبرزاني يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف لأنه تلميذ وفيّ ومخلص لعتاة الصهاينة الحاقدين على العراق وشعبه وعلى العرب جميعا. ومهما إمتدّ بصره وتفتّحت بصيرته فانه لا يرى فيما يحيط به غير الجانب العنصري المتعلّق به. وقد صرّح قبل أيام قائلا "لا مساومات على رئاسة الجمهورية - ويقصد جمهورية المنطقة الخضراء - لأنها إستحقاق قومي ودستوري للأكراد". وهل توجد في عالم اليوم ديمقراطية, ولو بالاسم والشكل فقط, يكون فيها منصب رئيس الدولة حكرا على قومية أو طائفة أو مذهب, باستثناء لبنان؟ إعطونا مثالا واحدا الله يعطيكم العاقية.


إن العميل مسعود البرزايني كما أشرنا سابقا, يدرك بفطنة ونباهة التاجر والسمسار والمقامر ,القيمة الشرائية لأصوات كتلته البرلمانية الكردية. فانتهز الفرصة, وهي فرصة قد لا تتكرّر أبدا, لوضع ما يملك من أصوات في سوق النخاسة أو السياسة في عراق اليوم. وراح يرفع من سقف مطالبه وشروطه مدركا أن ثمة أكثر من مشترٍ وراغب ومتحمّس لدفع الثمن ولو أدى ذلك الى تفكيك العراق جزءا بعد آخر وتمزيق شعبه الى ملل ونحل وطوائف تتقاتل فيما بينها من أجل أن يبقى مسعود البرزاني ومن هُم على شاكلته ملتصقين على كراس السلطة.


أمّا الشعب العراقي بهمومه ومشاكله ومعاناته التي جلبوها له فهو آخر ما يُفكرون به. بل أنه, أي الشعب العراقي, خارج حدود تفكيرهم الذي يزداد يوما بعد آخر ضيقا وإنسدادا وتحجّرا. إنهم سوف يلتفون حول طاولة مسعود البرزاني المستديرة كالخرفان التي تبحث عن الماء والكلأ. أي النفط والسلطة. وسوف يدور بينهم, ربما للمرّة الخمسين أو المئة, نفس الحوار. أي حوار الطرشان الذين ينفون أنهم طرشان بل يتهمون الآخرين بالصم والبكم والحقد على عراقهم الجديد والعداء للديمقراطية الوليدة. ديمقراطيتهم التي لوّنت العراق, عراقنا الجميل الزاهي لا عراقهم المشوّه المفتعل, بالأحمر القاني: دم ألاف الشهداء والقتلى والمُصابين.


لا أحد يعلم, حتى هذه اللحظة, نوعية الصفقات وحجم التنازلات والثمن الذي يتوجّب على كل كتلة في عراقهم الجديد تقديمها هدية لفخامة الصهيو كردي مسعود البرزاني لقاء موافقة "سموّه الكريم" على تشكيل الحكومة "العراقية" الجديدة التي أصبحت, بفضل هذه الحثالة من البشر, نكتة ومهزلة لم تعد تثير إهتمام حتى المجانين والبلداء. وسبق للبرزاني وقال قبل يوم واحد "إن عدم مشاركة أي مكوّن سياسي في الحكومة الجديد سوف يؤدي الى عدم إستقرار العراق". والحر تكفيه الاشارة.


لكن ّيبدو إن مسعود البرزاني العميل يسعى جاهدا لأن لا يكون وحيدا في عملية نهب وسلب ثروت وخيرات العراق وشعبه, والجارية على قدم وساق وذراع منذ اليوم الأول لاحتلال العراق, وعلى أيدي نفس اللصوص المحترفين. كما أن غاية مسعود وهدفه الأساسي هو أن يبقى العراق من شماله الى جنوبة تحت تصرّفه. يد ممسكمة بقوة الحديد والنار بشعبنا الكردي المغلوب على أمره هو الآخر في شمال الوطن, ويد أخرى تمارس, على بقية العراقيين, كل أنواع السمسرة والرشوة والابتزاز والتهديد والوعيد بشتى السبل والوسائل.


mkhalaf@alice.it

 

 





الاحد٠١ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة