شبكة ذي قار
عـاجـل










الدستور العراقي الجديد


إن أكثرية دول العالم تتحدد بالفلسفة العامة للمؤسسات الدستورية المتمثلة بالسلطات الثلاث التشريعية  ( البرلمان  )  والتنفيذية  (  الرئاسة والحكومة  )  والقضائية  (  المحاكم بمختلف درجاتها وتخصصاتها  ) . ان لهذا التصنيف الدستوري غاياته وشرعيته من حيث استناد القوانين والقرارات الصادرة عن تلك المؤسسات الي القاعدة الدستورية الشرعية . فأي قرار تتخذه السلطات الثلاث يجب ان يكون دستوريا وإلا يعد باطلا ولا ينتج أثرا ملزما للشعب وللدول الأخري ,وبمعنى أخر أن نظريات المؤسسة والدستور يمكن الرجوع لها في بناء وولادة دولة جديدة,وقد قال بعض رجال القانون الدولي (  إن الدولة لا يمكن أن ترقى الى الحياة القانونية الامنذ اللحظة التي يصبح لها دستور ) .أي أن النظام الدستوري يعطي أجهزة وأدوات للنظام يكون فيها قادراً على حماية وحدة إرادتها  ( لا أن يمزقها الى كانتونات طائفية ومذهبية وعرقية ) ويقدم الدولة للعالم بشخصية تجعلها مقبولة ومحل ثقة من قبل اخرين, ويمكن بناء علاقات دولية مع الدولة عبر مسلك سياسي واحد وبسياسة موحدة للدولة المعنية تأتمن دول العالم من خلالها على مصالحه ( لا أن يتحول كيان دولة الى مجموعة من الكيانات مجزءة ومقسمة الى مصالح لا يمكن النظر اليها من مسلك سياسي أو إقتصادي واحد, فالاحزاب الطائفية في العراق لها أجندة أقليمية والاحزاب العشائرية القومية لها أجندة تختلف في بعضها وهذا ما ظهر واضحاً في عقود النفط وفي التصريحات المتناقضة للساسة الحالين وفي مختلف القضايا التي تخص العراق سواء الاقليمية أو الدولية ) إنهم يهتدون بسياسة أحزابهم وتكتلاتهم وليس بسياسة تخص المصالح الوطنية العراقية وهذا مما يصب تماماً في ستراتيجية المحتلين ببقاء العراق مجزء ضعيف ومتشتت في سياسته, وبالمناسبة تعيش السياسة الخارجية العراقية الان في تناقض بين سياسات متعددة للاحزاب,فاللحكومة رأي وللخارجية العراقية الحالية رأي وللوزارات رأي ولرؤساء الكتل النيابية رأي وهذه الاراء تنبع من رؤى مختلفة للاحزاب المتصارعة على السلطة والكل يستند في مواقفه وأرائه على الدستور المثير للجدل في كل جوانبه. إنهم يدعونها ديمقراطية وهي فوضى وتهدف لتميزق الموحد في العراق, .وعندما جاءوا بدستور عراقي جديد وهو بحد ذاته مثير للجدل من خلال سرعة إنجازه في وقت قياسي لم يكن لاي دستور في العالم قد أُنجز بهذه السرعة وبهذه الطريقة ومن حيث أن كثر فقراته تشير الى تجزئة العراق وليس لوحدته وأيظا كانت معظم فقراته تحمل طابعاً سياسياً وليس قانونياً,وهذه العجلة سمة المحتل الامريكي,حيث تريد الادارة الديمقراطية الحالية مثلاً أن تحقق شيئاً في العراق لم تستطع الادارة الجمهورية السابقة عل تحقيقه وفي نفس الوقت تريد أن تؤكد لمواطنيها في الداخل ولدول العالم أن الخطأ بل الجريمة التي أقترفها الجمهوريين في العراق بقرارغزو في عام 2003 يمكن أن يكون في جوانبها بعض الايجابية ولذلك كانت سريعةً في إعلان إنتهاء المهمات القتالية لقواتها في العراق وهذه القوات لا تزال تقوم بمهمات قتالية في العراق وسريعةً وحاضرةً دائماً في دوامة تشكيل الحكومة وبغض النظر عن الاستحقاق الانتخابي أو حجم الجرائم التي أُرتكبت بحق الشعب العراقي خلال السبع السنوات العجاف,وتغافلها تجاه التدخل الايراني في الشأن الداخلي العراقي وهذه السرعة في إنجاز طبخة بقاء الحكومة الحالية ومهما الثمن الذي سيدفعه الشعب العراقي لا يعني شيئاً للادارة الديمقراطية الامريكية أمام تحويل ذلك منجزاً لها وهي على أبواب الانتخابات التشريعية في كانون المقبل,إنه قدر العراقيين في ربط مصيرهم تارةً بالانتخابات الرئاسية وتارة بإنتخابات الكونغرس الامريكي ,المهم يستطيع المحتل أن يكذب بإن ديمقراطية التي جاء بها قد تحققت في العراق ومن المثير للسخرية أن موضوع تشكيل الحكومة العراقية قد تجاوزت كل التوقعات من حيث طول الفترة المحصورة منذ الانتخابات ولغاية اليوم والتي مضى عليها وقت قياسي تخطى كل الاوقات التي أستغرقها لتشكيل اية حكومة في العالم! والمحتل الامريكي يلصق لها عنوان كاذب بأن هذه الديمقراطية الحقيقية ولا يريد أن يقر إنها فوضى تسبب بها الاحتلال ,أي ضحك على الذقون وأي إستخفاف بعقول الناس عندما يقولون إنها ديمقراطية و هي في حقيقتها جزء من إفرازات الاحتلال وهي حقيقية لايريد المحتل أن يقر بها هل هنالك ديقراطية في العالم مثل هذه التي يطلق عليها المحتل؟ ولكن المشكلة في طبيعة النظام السياسي في العراق بأن السلطة التنفيذية قد فرضت سيطرتها على السلطتين القضائية والتشريعية من خلال تغير أغلبية الكادر القضائي النزيه في العراق بكادر قضائي أما ضعيف ولكنه يدين بالولاء لاحزاب السلطة أو تعرض البعض منهم للتهديدات من قبل المليشيات وبذلك أحكمت الاحزاب وميليشياتها على السلطة القضائية وأفقدتها لاهم سمة لها في الانظمة الديمقراطية وهي إستقلالية القضاء.والسلطة التشريعية هي بالاساس تمثل احزاب السلطة,وقد أدى هذا الوضع لان يفقد الدستور لدوره بل تجاوزه من قبل السلطة التنفيذية وبمصادقة السلطة القضائية وكما حدث في تفسيرات لبعض مواد الستور فيما يخص قوانين الانتخابات وبدعة الجلسات المفتوحة للبرلمان والخ,ويضاف الى ذلك ان الدستور الجديد فيه الكثير من العيوب والاخطاء و طبيعة الظروف الغير طبيعية التي كُتب بها هذا الدستور وهو يمثل كل الطرق الشريعية والقانونية التي تحدد مسيرة الشعوب والامم,فالدساتير الجديدة تكتب أما:


1 - قيام دولة جديدة وبنظام يختلف عن كلياً عن بنية النظام السابق أو في حالة تكوين الدول الجديدة وكما هو الحال مع الولاياة المتحدة الامريكية وبعد إعلان قيام النظام الاتحادي فيها ونفس الشئ في الهند وباكستان ويوغسلافيا.


2 - هي في حالة إنهيار النظام السياسي وتكون الضرورة لاعداد دستور جديد,ولكن خطورة هذه الخطوة تكمن في هل أن القوة التي قبضت على الحكم وطنية وفي هذه الحالة سيكون الامر ليس بتلك الخطورة لان التغير الذي قد يحصل في وضع الدستور الجديد لا يمس مبادئ أساسية كتحديد هوية الدولة وتكويناتها وشروط المواطنة ونوع السيادة .وأما إذا كانت القوة القابظة غير وطنية  ( سلطة تشريعية أو قضائية )  كقوة إحتلال وهي المسؤولة عن إدارة الشؤون العامة والامن في البلاد ,وهنا تكمن الخطورة في خطوة يطلق عليها ديمقراطية كوضع دستور جديد في ظل هذا النوع من القوة التي تمسك بالبلاد  ( الاحتلال ) وقد تذهب في تزييف الديمقراطية بإجراء إستفتاء على دستور يحمل الكثير من تدخلات القوة الاجنبية ويطرح في ظرف لا يخير به الشعب وتحت حملات إعلامية مكثفة كاذبة ومظللة كأن لا يعطى فرصة للمصوت أن يطلع على فقرات الدستور وهذا هو بالضبط ما حصل في العراق في التصويت على الدستور الجديد,ولم يخير المحتل وعملائه الشعب العراقي في إعتماد طرق جديدة كتأجيل التصويت لحين إستقرار الوضع الامني في العراق وإعطاء فسحة من الوقت للعراقيين أن يطلعوا على مواد الدستور,لكي يستطيع الشعب أن يبدي بصوته وهو مطئمن لاختياره,ولان المحتل وأتباعه يعرفون أن إيجاد أي مصدر تشريعي وطني  ( عراقي )  في ظل الاحتلال لا يمكن تحقيقه مالم يوضع دستور يتوافق مع فلسفة المحتل من تشتيت لوطنية العراقي وإضعاف لمؤسساته الدستورية,لهذه الاسباب كانت العجلة لكتابة الدستور وبنفس العجالة تم عرضه على الاستفتاء,وأجزم أن لا احد في العراق يعرف مواد كل الدستور وبضمنهم اللذين كتبوه,فهم قد اطلعوا على ما كتبوه فقط وبقدر تعلق الامر بهم,فما بال الشعب العراقي الذي هو الطرف الاساس في هذا النوع من العقد.ومن الجدير أن ذكر أن ماحدث مع قائد فرنسا الرئيس الاسبق تشارل ديغول عندما كان الجنرال ديغول رئيساً للحكومة الفرنسية المؤقتة بعد سقوط حكومة فيشي التي أنشأئها ألاحتلال النازي ,فقد قرت حكومة الجنرال ديغول المؤقتة دعوة الشعب الفرنسي الى ان يختار عن طريق الاستفتاء واحداً من ثلاث حلول وهي حلولاً وطنية لم يكن لأي قوة خارجية تدخلاً فيها :


1 - العودة الى دستور عام 1875 أو
2 - إنتخاب جمعية تاسيسية ذات صلاحيات غير محدودة.أو
3 - أو إنتخاب جمعية تأسيسة ذات صلاحيات محدودة مسبقاً.


إن هذه الخيارات في الضرف الصعب تدل على وطنية وإخلاص و نزاهة ديغول و حكومته تجاه الشعب الفرنسي.وهو ظرف لايقل  ( أفتراض )  تعقيداً عن ظرف وضع دستور جديد في العراق ,ولكن الفرق في القوة القابضة على الحكم ففي حالة ديغول تؤكد نزاهته وامانته تجاه شعبه ومنذ أن كان يقود المقاومة الفرنسية ضد الغزو الالماني, وفي حالة العراق بعد الاحتلال تؤكد الخدعة وسرقة صوت الشعب وتضليل إختياراته.أقول هذا لاعتبارات تتصل بالحقيقة التي لا تتوافق مع إدعاءات المحتل عن خديعة سماها الديمقراطية والتزامه بمجاميع كانت لا تتوفر فيها ولا بعملها ولا بأهدافها لاي شكل من أشكال المقاومة و مع ذلك منحها الكونغرس الامريكي صفة المقاومة.والامر الاخر الذي لابد أن نقف عنده أن تطور المجتمعات الحديثة تعطي إعتباراً مهماً للخطوات الدستورية ولازدياد أهمية التشريع أيظاً,وأغلب الفقهاء في الغرب يعتبرون أن التشريع هو ما تسنه السلطة التشريعية الاصلية أي السلطة صاحبت الولاية العامة في التشريع , وعلى هذه القاعدة القانونيةهم ينكرون صفة التشريع على ما يصدر عن غير السلطة التشريعية الاصلية,وحسب القانون الدولي أن السلطة التي تحت الاحتلال لا تمتلك أي صفة قانونية فما بال عدم إمتلاكها للصفة التشريعية ووفق القاعدة القانونية كل ما هو مبني على باطل فهو باطل.والموضوع الاخر الذي لابد أن نكشف عنه أن كل الانظمة و بمختف ديمقراطياتها تعد الدستور هو بمثابة وثيقة عهد بين القائمين على السلطة وبين الشعب ودستور العراق الجديد يفتقد لهذه الخاصية لان الدستور وضع في عهد سلطة الاحتلال ناهيك عن القائمين بكتابته يعني لو لم يرضى المحتل بأي فقرة في الدستور ( مثلا وصف السيادة والاستقلال )  هل كانت أحزاب السلطة قادرة على تمريرها,والامر الاخر الطرف الثاني من وثيقة العهد هو شعب العراق فهل كان شعب العراق مخيراً في إعتماد أو رفض الدستور بإعتبار أن لم نقل كل الشعب لم يطلع على فقرات الدستور فالاكثرية ليس لها اي علم بأي فقرة كتبت في الدستور,وإذا كانت كل الديمقراطيات تعتبر الدستور بمثابة ضوابط وقيود موضوعة على السلطة التشريعية ( البرلمان أومجلس النواب )  ليحول دون تشريعات تتعارض مع المبأدئ والقواعد التي تضمنتها وثيقة العهد وفي نفس الوقت الدستور ضابط قانوني على السلطة التنفيذية في منعها من تجاوز سلطاتها التي منحها الدستور لها وفي نفس تخضع السلطة القضائية للدستور والذي هو بدوره يأخذ السلطة من الدستور في مراقبته للسلطتين التشريعية والتنفيذية.إذن نستطيع أن نقول أن إرادة الدستورفوق الجميع,وبهذه المبأدئ نحاكم اللذين وضعوا الدستور الجديد في العراق في الكثير من التجاوزات على مواد دستورهم فمثلاً:


1 - التجاوز على المادة ( 47 ) سادساً بالجمع بين عضوية مجلس النواب وعضوية أي منصب رسمي.


2 - = = = = ( 52 ) بدعوة رئيس الجمهورية لمجلس النواب بالانعقاد وخلال 15 يوما من تاريخ المصادقة على نتئج الانتخابات. (  يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسومٍ جمهوري، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، وتعقد الجلسة برئاسة اكبر الاعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز التمديد لاكثر من المدة المذكورة آنفاً. )  .


3 -  = = = =  ( 56 ) ثاني ( يتم تمديد الفصل التشريعي لدورة انعقاد مجلس النواب بما لا يزيد على ثلاثين يوماً، لانجاز المهمات التي تستدعي ذلك، بناءً على طلبٍ من رئيس الجمهورية، او رئيس مجلس الوزراء، او رئيس مجلس النواب، او خمسين عضواً من اعضاء المجلس ) . المجلس الان في جلسة مفتوحة .


4 -  = = = =  ( 58 سادس - ب2  ) والتي تقضي بإعفاء رئيس الجمهورية في حالة إدانته من قبل المحكمة اتحادية لانتهاكه الدستور .واليوم الكل قد أنتهك الدستور فأين المحكمة الاتحادية؟


هذه بعضُ من التجاوزات للدستور,فأية دستورية للديمقراطية في عراق اليوم؟!
 

 





الاحد١٦ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة