شبكة ذي قار
عـاجـل










إذاً هذا المخاض العسير و المؤلم الذي يعيشه العراق لا ينبئ بمجئ حكومة وطنية نقية على الاقل في المستقبل العراقي المنظور,فبقي الاحتمال التالي:


2-ولادة حكومة لا تختلف عن سابقاتها من تنفذ أجندة أجنبية سواء أمريكية أو ايرانية,لان كلا المحتلين متفقين بإن المحافظة على توازن النفوذ بينهما في العراق مسئلة لا يمكن تجاوزها, وأمام غياب ثقة الاكثرية من الشعب العراقي بالاحزاب الحاكمة في تحقيق ايً من وعودهما فإن الامر ينبئ بمخاطر كحدوث إنتفاضة عارمة وتعم العراق,وليس أمام المحتلين إلا بمجئ بحكومة تصطبغ هذه الحكومة ببعض الشعارات والشخصيات الوطنية لتلقى قبولاً عند الشعب العراقي. ولكنها تجمع بين أجندتي المحتلين و تلبي رغباتهما في أن واحد,ولاخيار للمحتل في هذه التشكيلة وقد يكون هذا الاحتمال وحسب واقع المحتل في العراق وفي المنطقة وهو يبني قراره على الأعتبارات التالية:


( أ ) أن مجئ حكومة قريبة من الليبراليةو تحمل بعض السمات الوطنية والقومية تتيح للعراق العودة السريعة لمحيطه القومي والاقليمي ولكن بنمط سياسي أخر, وأيظا تعكس الرغبة الاعلامية الامريكية في إقامة النظام الديمقراطي في العراق من منطلق كون العراق كان يحكم ومنذ إحتلاله من مجاميع وإئتلافات وإحزاب طائفية وعرقية,وأن قيادة البلاد من قبل حكومة لا تحمل السمات العرقية والطائفية تعكس نجاحاً للديمقراطية في العراق,وتعطي إطمائناً لدول الخليج العربي والدول العربية على الوفاء إلامريكي بعدم جعل العراق مسرحا للتناطحات المذهبية والعرقية وإبتلاع إيران للعراق العربي وتهديدها المستمر للدول العربية والخليجية بشكل خاص,إن في هذه الخطوة قد تساعد على إمتصاص شئً من النقمة العراقية المتزايدة,ولكنه قرار أمريكي خطر سيتقاطع مع الرغبة الايرانية التي لا تريد لا من قريب ولا من بعيد أية حكومة عراقيةيمكن لها أن تفكر بأي برامج وطنية أو قومية و سوف تبذل كل الجهد بعدم تحقق ذلك,إن هذا الامر بالتأكيد يعني عودة العنف والقتل في العراق .


( ب ) إن الولاياة المتحدة قد خَبَرتَ هذه الاحزاب والمجاميع التي ساهمت في إحتلال العراق بإفتقادها لابسط النظريات والستراتيجيات الذاتية وقد كان عملها يبنى على أجندات أجنبية,وقد عاشت تجربة وصولها للحكم بعدم وجود لها لاية تصورات للحكم, وتبين له (للمحتل) خطورة هذه الاحزاب على تحويل العراق الغني بالثروات الى ممول و راعي لكل أنواع الارهاب والعصابات وهذا ما حصده المحتل من تجربته في العراق مع هذه الاحزاب وعلى مدى أكثر من سبع سنوت,وقد يكون المحتل قد أقنع بعض الاحزاب على تبني الشعارات الوطنية ولكنه لم يستطيع أن يقنعها بحقيقة هذه المضامين ولسببين:الاول هو عدم إيمانه هو بها وبضروراتها ولأن تكون أجندة لأية حكومة وطنية قومية في العراق لما تشكله تضارباً مع أطماعه وليس مصالحه.و الامر الثاني هو أن الاحزاب التي جاءت مع المحتل تحمل خصائص أيديولجية(هذا إذا كانت للبعض عقيدة أو فكراً) أما عرقية أومذهبية,وهي بالحالتين لا تستطيع أن تغير فكر أو عقيدة أشبعت أعضائها وجماهيرها بالتطرف العرقي أو المذهبي لفقدانها للمرونة وللعقلية الديمقراطية والنقدية بضرورة التغير من أجل الاستمرار, إن ذلك الاقناع يبني المحتل عليه تنفيذ بعض فقرات ستراتيجيته وهي تصفية بعض المليشيات المعارضة له ومستخدماً حزباً أو تكتلاً من نفس الطائفة أو المذهب كأداة لتصية حساباته مع هذه المليشيات ولان ذلك لايمكن أن يتحول الى تخندقات طائفية فتسبب له مشاكل كبيرة هو الان في غنى عنها.وفي نفس الوقت يدرك المحتل تماماً إنه لايستطيع أن يحولها حتى الى واجهات وطنية يستطيع من خلالها تمرير بعض فقرات من ستراتيجيته في العراق ولكنه يستفاد منها لتحقيق بعض المكتسبات المرحلية على الاقل.


و بالمناسبةإن قيادات هذه الاحزاب قد أكتسبت شرعية مكانتها من خلال هذه الافكار الضيقة والمحدودة وأي توسع في ستراتيجيتها يعني تعرضها للانشقاق,بمعنى أن الحزب أو التجمع المذهبي أو العرقي إذا ما حاول أن ينفتح على شعارات وطنية فإنه بالتأكيد سيفقد هويته المتطرفة ويتشضى الى حركات وأحزاب مختلفة ,وقد تفقد هذه قياداته الكثير من إمتيازاتها القيادية وتصبح في ظرف خارج هذه المنظومات التي نشاءت على هذه الافكار ومنذ عقوداً ,والأهم في الامر أن هذه الاحزاب مشكلتها في عقيدتها الضيقة ومن خلالها أستقطبت المؤيدين لها وبها عقدت تحالفاتها مع نظيراتها من العقائد المنغلقة وأيظاً أستطاعت أن تتخلى عن وطنيتها أما بمحاولتها للانسلاخ عن الوطن العراقي وهذا ينطبق على بعض الاحزاب القومية الكردية أو تلك التي ربطت نفسها بفلسفة ولاية الفقيه وبإيران ووجدت في إيران الوطن البديل عن العراق.وكلا العقيدتين جعلتا من السلطة هدفاً أساسياً للوصول لاهدافهما الرئيسية في تمزيق العراق وعبر شعار مبطن أطلقوا عليه بالفدرالية والتي لا يعرفون منها سوى تمزيق العراق الواحد,وفي نفس الوقت يتعارضان مع بعضهما الى حد الصراع الدامي عند فقرة توزيع الثروة! والمفروض بالمحتل وبحكم التكالب على السلطة بين هذه الائتلافات المختلفة أن لا ينظر للمسئلةمن جانب واحد وهوخلق وضع فوضوي في العراق فقط بل الاحتمال الكبير أن يتسع وينتشر ليعم الاقطار العربية الاخرى وقد يصل الامر بها الى التصارع و من ثم الاقتتال و يسقط البلد في حروب كانتونات طائفية وعرقية ويتحول العراق الى مصدر قلق بل يشكل خطورة على دول الخليج العربي ومنطقة الشرق الاوسط,وبالتأكيد أن القلق الامريكي الشرعي حينئذ سوف لا ينحصر فيما سيحدث في العراق من مذابح وقتال وصراعات ويخسر العراقيين الكثير من الارواح والكثير والكثير من الاموال ولكن القلق الغربي عموماً سينصب على ثلاثة مسائل مرشحة كنتيجة.الاولى إذاتحقق هذا(لا سمح الله) فإن الخطورة ستكمن في ضياع الثروة النفطية التي تغطي العراق من شماله الى جنوبه وبالتالي تصح العبارة (كانك يا عم سام ما غزيت),يعني فقدان السيطرة على هذه الثروة الهائلة في إحتياطيها وقد تعم الفوضى وينال هذه الثروة نصيباً كبيرامن هذه الفوضى وتضيع على المحتل .

 

الامرالثاني هو تحول العراق الى مركز لاستقطاب كافة مصادر الارهاب والسرقة وقد تتحول مؤاني الجنوب مثلاً الى مراكز لقراصنة البحر واللذين اليوم يقتنصون سفناًو بواخرتجارية كثيرة, و بذلك يتحول العراق الى مُصَدَر رئيسي الى الارهاب وهذا ما لايريده الغرب بالتأكيد لانه سيكون قريباً من أبار النفط وهو شريان الحياة عندهم.والمسئلة الثالثة هي مباشرة إيران بتنفيذ أجندتها المعدة سلفاً بدخولها الاراضي العراقية و بالتأكيد لايوجد جيش يوقفها ويصدها وبالتنسيق مع ميليشياتها الموجودة في العراق وتقوم بإحتلال العراق وتحت ذريعة أن العراق أصبح يؤثر على أمنها القومي وبالتنسيق مع عملائها في العراق والذين سيكونون مسيطرين على السلطات الثلاثة في البلد وبتخريجة دبلوماسية كطلب مساعدة للقضاء على الارهاب مثلاً تدخل إيران الى العراق وبدعوة مثلاً من حكومة عراقية التي يسيطر عليها عملاء إيران,ولا تقدر عندئذ الولاياة المتحدة أن تفعل شيئاً الا بغزو العراق مرة أُخرى,وبدلا ً من تجنب المواجهة مع إيران اليوم من أجل مشروعها النووي المثير للجدل ستواجه إيران وهي في العراق وفي وسط بحر من النفط ,وكلا المحتلين سيحرقون ارض وشعب وثروة العراق ولاترف جفن لهما.وأما العرب فحينئذ سيرون ويلمسون الخطر الذي كاد يحصل في عام 1980 عندما بدء العدوان الايراني على العراق,وقدم العراق من ثروته البشرية والتي لا تقدر بثمن مادي وخسر الكثير من خططه التنموية المعدة لبناء العراق,ولكن توجهه القومي الاصيل و إيمانه بعروبته جعله حارساً امينا وقوياً على البوابة الشرقية للعرب,وأن أستخسر بعض الاشقاء الوقوف معه في محنته والتي كانت في إعادة بناء و تنشيط الاقتصاد العراقي بعد إنتصاره لهم في الحرب في عام 1988 وسيقرئون بعيون العقل حقيقة الاهداف الايرانية في ظل حكم ملالي طهران والتي لا زالت موجودة ومحفوظة في أدراج مرشدهم الذي ورثها عن مرشدهم السابق,ويفهم العرب أنذاك كيف أضاعوا الاخ العراقي بنظامه الوطني ولم يقبلوا أن يتسامحوا معه وكلفة ذلك الموقف اللاأخوي, أن خطر الامس سيكون على ابواب العواصم العربية واحدةً تلو الاخرى, الا يكفي ما يحدث في جنوب الجزيرة العربية في القطر اليمني الشقيق من تمرد منظم و مدعوم من نظام متخلف لا يرى الا نفسه وحقده المتوارث على أُمة العرب.واليوم تعلن جريدة القبس الكويتية عن وجود خلايا نأئمة لصالح النظام الايراني وهي مستعدة للتخريب وأعمال القتل والتفجير في دول الخليج العربي! عجباً الم يقدم لكم العراق الوطني القومي كشفاً بالخطط والستراتيجية الايرانية في إحتلال العراق ومن ثم النفوذ الى الدول العربية الاخرى وبسبب كل ذلك تصدى العراق للعدوان الايراني الغادر في 4/9/1980 ,وقد إعتبرها بعض الاشقاء في حينه إنها غير صحيحة وأعد نشوب الحرب بسبب سياسات العراق الخاطئة ولازال البعض لليوم يروج لها.واليوم إنكشفت الحقيقة المتأخرة ,فمن هو القطر العربي الذي سيتصدى اليوم للحلم التأريخي الايراني؟؟


إن كل هذه المداخلات والمواقف والتي كشفت بوثائق عربية مؤكدة تتطلب من يتصدى لها,وبماأن الولاياة المتحدة تحتل المنطقة تقريباً,فهي وبحكم المنطق والعلاقات التي أقامتها مع دول الخليج العربي بالاخص ,ستتحمل لوحدها حماية النظام الخليجي العربي,و لكن هل تذهب الولاياة المتحدة الى الحد بصد أي عدوان أو عمل تخريبي ضد أي قطر عربي وبدافع حماية هذا القطر فقط وقد لا يكون للولاياة المتحدة مصلحة في المجابهة مع إيران وبالتوقيتات التي لم تحددها المصلحة الامريكية ,أعتقد أن الولاياة المتحدة سوف لا تجازف بكذا موقف بحكم العلاقة التي تربطها بدول الخليج العربي و التي لا ترتقي لعلاقتها بالحليف الستراتيجي الصهيوني أبداً.. وهذا الامر سيحرج حكومة الولاياة المتحدة الحالية والتي هي ماضيةً في تصفية المشاكل والسياسات الحمقاء التي ورثتها عن حقبة حكم بوش, وليس التصفية بالمعنى الدارج ولكن هنا التصفية تعني إعادة النظر بالموااقف على ضوء المتغيرات وإعادة تكيفها, وأن الحرج سيكون في كيفية مواجهة التمدد الايراني في المنطقة هذا إذا لم يكن شبه إتفاق بين أيران والولاياة المتحدة بشأن تبادل الادوار من أفغانستان الى العراق ومنطقة الشرق الاوسط.

 

 





الاثنين٢٠ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة