شبكة ذي قار
عـاجـل










1- مسؤولية

 

لتتخلص من مطاردة الدائنين لها ، أغلقت جهاز الجوالّ  وأوهمت الآخرين بأن الشبكة رديئة في مدينتهم التي تفتقر إلى ابسط مقومات الحياة ، ووضعت الحق على إدارة شركة الاتصالات التي تديرها "زوجة الرئيس شخصياً" ولم تتمكن لحد اليوم من تأمين اتصال جيد للمشتركين في بلد يرزخ تحت جور الاحتلال !

 

2- حب

 

في الوقت الذي كان يدلو بدلوه في أمور الحب والتجارة  ، كانت ترسم ملامح رجل آخر في خيالها لا يشبههُ البتة ..

 

3- رغبة متقدة

 

في كل ليلة ، وقبل أن يخلد إلى النوم وتحلقّ به احلامهٌ الذهبية ، يتراءى له انه قنص جندياً اميركياً هذه الليلة ايضاً وفقأ عينيه بمخالبه ،  حتى اكتشف أن عدد الجنود الذين فقأت أعينهم جراء قنصه في ذهنه المتقد بالثورة فاق عدد سكان الولايات المتحدة !      

 

4- مشروع مؤجل

 

كلما يخلو إلى نفسه يتساءل عن ماهية العمل الذي لم يزاوله لحد الآن  ،قال لحفيده الصغير : يابني علينا أن نبحث دائماً عن عملاً يرضي الله ولم نقم به في حياتنا . لقد أحصى مع حفيده الصغير كل الإعمال التي قام بها طيلة ستين عاماً من حياته  ، منذ أن كان طفلاً شقياً يلعب مع إقرانه  حتى ضجرت منه الألعاب ، وكان صبياً جسوراً صعد إلى سياج الجيران وكسر زجاج نافذتهم ورمى الكرة إلى حديقة بيتهم ، وكان شاباً وسيماً ، مارس الحب وكتب الرسائل وولع بالجمال وفتن بعشر فتيات المحلة ، وعندما صار رجلاً مكتملاً مثل البدر ، أكمل نصف دينه ، وتحملّ مسؤولية تربية الأطفال وصار اباً محترماً يجلهٌ الأولاد .. وصار جداً وأحيل على التقاعد بعد أن خدم في الحكومة واستحق العشرات من كتب الشكر والمكافآت والترفيعات ، وأدى مناسك الحج والعمرة وصلىّ الفرائض والنوافل ...

 

عندما جلس إلى نفسه ، ووجد انه قاب قوسين وادني من القبر ، وانّ اياماً معدودات تفصله عن ملاقاة وجه ربه الكريم ، قام من مكانه واخذ سلاح ابنه وراح يؤدي عملاً لم يؤده لحد اليوم ..

 

5- ورث

 

حكاية الجد الذي قاوم الاستعمار البريطاني وكان ثائراً من ثوار ثورة العشرين ، ثم مناضلاً ثائراً ضد كل أنواع الاضطهاد في البلد - كانت تحضر في كل جلسة ، وفي كل جلسة يحكي الحكاية بطريقة مشوقةّ لأحفاده وجلسائه من الأصدقاء والأقارب  كأنّه يحيكها لأول مرة . 

 

عندما شعر بدنو اجله وسيلفظ أنفاسه المعطرةّ بأريج بطولات الجد، قرر أن يترك حكاية تفوح منه عبق بطولة الجد ايضاً ، لكن يرويه ابنه لأبنائه، ولأحفاده لاحقاً -حكاية الجد الذي قاوم الاحتلال الأميركي واستشهد في السجال الذي كان دائراً بين حفنة من المرتزقة ومجموعة شجعان من ثوارّ المقاومة .

 

6- لماذا 

 

ظل السؤال يلجٌّ في رأسه أكثر من المعتاد ولاسيما حين مرّ صور الموتى وأسمائهم واحداً تلو الآخر في مخيلته . كان السباكّ سعيد آخر الموتى ، ظل يكدٌ طوال النهار ليعود في آخر الليل ببعض الجبن والخبز الأسمر وبضع بيضات دجاج يكتفي بشمّ رائحتها وهي تقلى في (الطاوة).

 

وقبله بيوم واحد ، توفي العمّ جبار على عمر يناهز التسعون عاماً ، وماتت الحاجة فخرية وصالحية والشيخ عبد الحميد والشيخة زهرة كانت آخر الوفيات من النساء. 

 

تساءل مرة أخرى لماذا لم يمت ملكٌ أو وزيرٌ أو رئيس الدولة *؟؟

بكم يا ترى قايضوا (العزرائيل ) وأية حكمة ربانية استدعت أن يؤجل موتى هؤلاء كل هذه السنيين؟.

  آخر النهار ، وهو يعيد قائمة الموتى اليومي ، حضر (العزرائيل) وقبض روحه

فصار هو آخر الموتى لذلك النهار .

 

* العملاء والمتواطئون فقط .

 

كلشان البياتي

كاتبة وصحفية عراقية

بغداد المحتلة / المحررة بإذن الله

Golshanalbayaty2005@yahoo.com





الاثنين٢٤ جمادي الاخر ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كلشان البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة