شبكة ذي قار
عـاجـل










البعث في عيده السابع والسبعين: تاريخ زاهر ونضال مستمر

فهد الهزاع

 

في اليوم السابع من شهر نيسان عام 1947 تم الإعلان في دمشق عن تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي؛ حزب الأمة المجاهد الذي رفع راية النضال من أجل وحدة الوطن العربي وتحريره من قيود الاستعمار الأجنبي والاستبداد المحلي، والسعي لتحقيق هدف الجماهير العربية الكادحة في العدالة الاجتماعية.

لقد دعا حزبنا المناضل للوحدة والحرية والاشتراكية منذ ميلاده؛ فامتاز عن غيره من القوى السياسية في المنطقة بتقديمه للوحدة على سائر أهداف الأمة العربية لأنها هي العلاج لكل مشاكل العرب من تشرذم وتخلف، كما امتاز عن غيره من الأحزاب والحركات القومية العربية بتواجد قيادة قومية على رأس هرمه الحزبي تشرف على تنظيماته في داخل الوطن العربي وخارجه؛ ليؤكد صدق توجهاته القومية الرافضة للمفاهيم الانعزالية الضيقة، ولقد أثبت تاريخ الأمة العربية المعاصر أنه لا يمكن أن تنعم الجماهير بالاشتراكية وهي تفتقد للحرية؛ وأن الحرية لن تكتمل في غياب الوحدة.

إن تاريخ 7 نيسان 1947 الخالد لم يكن اليوم الأول للبعث المقدام، بل كان نهايةً للمرحلة التأسيسية وبداية انطلاقة نضال الحزب الفعلي على الصعيد القومي خارج القطر العربي السوري.

لقد انبثقت نواة البعث في أواخر عام 1940 على يد الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق، ومنذ ميلاد الحزب سارع الرعيل الأول للبعث للكفاح ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا.

كما أسس البعثيين الأوائل حركة نصرة العراق في أيار عام 1941 وتطوعوا دعماً لثورة مايس التحررية ضد الاحتلال البريطاني في العراق، وشكل الحزب فرق الجهاد الوطني لمقاومة العدوان الفرنسي على سوريا في أيار عام 1945.

لقد حورب البعث المجاهد من الاستعمار الأجنبي والأنظمة العميلة والقوى الرجعية لخطورة فكره القومي الوحدوي الثوري التقدمي عليها، فقدم الحزب عبر تاريخه النضالي الطويل مئات الآلاف من الشهداء والأسرى في السجون والمعتقلات على امتداد الوطن العربي الكبير.

وفي أواخر عام 1947 توجهت قيادة الحزب وكوادره وعلى رأسهم الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق إلى فلسطين لقتال العصابات الصهيونية، ليصبح الحزب الوحيد الذي تتوجه قيادته وكادره المتقدم جميعاً إلى جبهة القتال قبل إعلان قيام الكيان الصهيوني في الخامس عشر من أيار عام 1948 وظلوا مرابطين في الجبهة حتى انتهت الحرب بعد أن قدموا كوكبة من الشهداء وسجلوا مآثر جهادية لا يمكن محوها.

ولقد أكد البعث بعد نكسة عام 1967 أن فلسطين لا تحررها الحكومات بل يحررها الكفاح الشعبي المسلح، وعلى هذا الأساس سارعت القيادة القومية للحزب لتأسيس جبهة التحرير العربية في نهاية عام 1968 والتي كانت انطلاقتها الجهادية ضد العدو الصهيوني بعملية فدائية في السابع من نيسان عام 1969 بدعم النظام الوطني التقدمي في العراق ومساندته.

إن الوحدة بين مصر وسوريا التي تحققت في الثاني والعشرين من شباط عام 1958 هي البرهان على أصالة البعث ونقائه؛ فهو أول من دعا لها وضحى بتنظيمه في القطر العربي السوري بعد أن أصبح هو شرط تحقيق الوحدة من قبل النظام في مصر، وقد أثبت الحزب وحدويته الصادقة برفض الانفصال ومقاومته في الثامن والعشرين من أيلول عام 1961 وإعادة نشاط الحزب في القطر العربي السوري حتى نجح بإسقاط السلطة الانفصالية الرجعية بالتعاون مع الفصائل القومية الوحدوية في الثامن من آذار عام 1963.

لا يمكن لمن يطلع على تاريخ العراق إلا أن يعترف بحقيقة مفادها أن البعث هو قائد النضال الوطني والقومي في العراق بامتياز، فقد اشترك الحزب في بداياته بوثبة كانون الثاني 1948 الوطنية ضد معاهدة بورتسموث الاستعمارية الجائرة وانتفاضتي تشرين الثاني عام 1952 وتشرين الأول عام 1956 وصولاً إلى ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958.

كما تصدى الحزب للانحراف الشعوبي بمشاركته في ثورة الموصل الباسلة في آذار عام 1959 وتفجيره لإضراب البنزين الجماهيري في آذار عام 1961، كما أن البعث هو من أشعل أطول إضراب طلابي في تاريخ العراق الذي استمر منذ كانون الأول عام 1962 وحتى سقوط الحكم القاسمي الفردي.

ورغم الحملة الشعواء التي شنها النظام القاسمي الشعوبي ضد جماهير الحزب؛ إلا أن البعث نجح في تفجير ثورة الثامن من شباط عام 1963 المجيدة وتشييد سلطة الحزب الثورية التقدمية التي نجحت في صياغة ميثاق الوحدة الاتحادية بين العراق ومصر وسوريا والتوقيع عليه في السابع عشر من نيسان عام 1963 في القاهرة.

كما نهض البعث كطائر العنقاء من تحت الركام بعد الضربات التي وجهها له الحكم العارفي الفردي بعد ردة الثامن عشر من تشرين الثاني سنة 1963 وخصوصاً بعد المحاولة الثورية الجريئة للبعث في أيلول عام 1964؛ والحكم السوري الرجعي الخائن المنتحل لاسم البعث بعد ردة الثالث والعشرين من شباط سنة 1966 ليفجر ثورة السابع عشر - الثلاثين من تموز عام 1968 المظفرة التي قفزت بالعراق قفزةً عملاقة، ليشهد نهضته الحديثة في عهد البعث.

لقد أرعبت سلطة البعث القومية الاشتراكية ومنجزاتها على الصعد كافة أعداء الأمة فشنوا المؤامرات تلو المؤامرات ضد العراق وقيادته الوطنية المجاهدة، إلا أن الشعب والجيش وفرسان الحزب تمكنوا من تسجيل أروع الانتصارات خصوصاً في قادسية صدام المجيدة ضد العدو الإيراني وفي أم المعارك الخالدة ضد الحلف الثلاثيني الغادر، فجن جنون الإدارة الأمريكية فارتكبت جريمة غزو العراق في العشرين من آذار سنة 2003.

لقد تعرض الحزب لأبشع عملية اجتثاث عرفها التاريخ بعد احتلال العراق في التاسع من نيسان سنة 2003، وقدم مئات الآلاف من الشهداء في مقاومة الاحتلال الأمريكي ووريثه الإيراني وعملائه الأنذال.

ويسجل التاريخ بأحرف من ذهب للبعث أنه من فجر المقاومة في العراق فور وقوع الاحتلال الأمريكي، وقدم أكثر من مئة وستين ألف شهيد من أجل تحرير العراق.

وما يزال الحزب في كفاحه الملحمي لتحرير العراق من الاحتلال الإيراني وريث الاحتلال الأمريكي وأذنابه، مسنوداً بجماهير الشعب والأمة رغم شراسة العملاء المجرمين.

إن حزب البعث العربي الاشتراكي بتركيبته التي تضم في صفوفها كل أطياف الشعب، ونضاله الطويل ضد الغزاة وعملائهم يمثل صمام أمان لجماهير الأمة.

لن تنطفئ شعلة البعث في عيده السابع والسبعين وسيستمر صناديد الحزب في حملها مؤمنين بأن أمتهم أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، لتضيء طريق الأمة العربية نحو الوحدة والحرية والاشتراكية.

 

تحية عز وافتخار لرعيل البعث الأول وشهدائه الأبرار ومناضليه البواسل وعلى رأسهم الرفاق القادة: أحمد ميشيل عفلق وصدام حسين وعزة إبراهيم وصالح مهدي عماش وطه ياسين رمضان وطارق عزيز وعبد المجيد الرافعي.

تحية ولاء وعرفان للقيادة القومية للحزب وعلى رأسها الرفيق القائد علي الريح السنهوري ولقيادة قطر العراق وعلى رأسها الرفيق القائد أبو خليل.






السبت ٢٧ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب فهد الهزاع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة