شبكة ذي قار
عـاجـل










بين السياسي الفاسد والإعلام المرتشي، اطلالة سريعة على البازار السياسي في لبنان

 

نبيل الزعبي

 

 عندما يخرج مواطنُ ما ، اي مواطن ، على اثير الفضائيات والاعلام المحلي ويُكيل شتى الفاظ الشتيمة بحق من يسميهم "سياسيي" البلد الذين يتولُون شؤون العباد هذه الايام ، دو ن استثناء احداً منهم ، بعد ان فقد كل مبرّرات التنعُم بالحياة الكريمة في بلدٍ سُلِبَت على ايدي هؤلاء ، أحلام وطموحات شعبٍ بكامل طبقاته وشرائحه الاجتماعية قبل ان تُصادَر امواله المودعة في المصارف لايام الشدّة وتجنُب قهر السنين وشيخوختها ، يقودنا الفضول الى السؤال التالي : هل فقد المواطن كل وسيلة لمخاطبة سياسي بلده ، وهل تجرّد هؤلاء الساسة ، حتى من ذرّة كرامة وشرف ليصمتوا دون ان ينبس احدهم ببنت شفة، ولو بحرف اوكلمة يتيمة تدفع عنهم الشتيمة ويغسل ماء وجههم من رذاذها في ابسط الاحوال !! هو ، هذا السياسي ، لو لم يعرف انه مُدان وفاقد لكل احساس بمعاني الكرامة والشرف ، لاعترض منافحاً عن سمعته ، اقله ، امام اولاده وافراد اسرته والمحيطين به . يلتقي سياسيو لبنان مع اقرانهم في الحكومات الذين تحوّل بعض الوزراء منهم الى مجرد متسولين اتقنوا فن التزلُف والمديح الرخيص لتسيير امورهم العامة والخاصة ، ويا ليت ذلك يقتصر على الداخل وانما صار الخارج يتندر على هؤلاء العاجزين ،حتى تاريخه عن التوافق على انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية ، وعلى مجموعة " الماريونات" التي تتخذ مسمى الوزراء الذين لا يعرفون الحركة إلا كما تتحرك الدمى على ايدي مشغّليها ،و عندما يجد احدهم فرصةً للكلام ، تراه "يشطح" بمواقف غير مسبوقة تدفع ، حتى بأولياء نعمته التبرؤ منها ، كما حصل مؤخراً في فضيحة ما سمي الحوافز المالية التي استنسبت الدفع بالعملة الصعبة لموظفين دون سواهم ، في واقعة تنُم عن مدى دونية الوزير امام مشغّليه ، دون إغفال المواقف الارتجالية لوزراء آخرين استدعت ادخال البلد في اكثر من ازمة ديبلوماسية مع المعنيين بها من دول ودفعت إلى ان يهرع الكبير قبل الصغير في البلد الى الاعتذار وابتكار شتى معاني "الاخوّة" لازالة ما تم اعتباره "اساءات" ، دون احترام اية ندّية ، يجب ان يفهمها القريب قبل البعيد من منطلق احترام الدول لسيادة الدول أولاً بأول . الى ذلك ، يقودنا الفضول الى التساؤل ثانيةً : كيف لمن تهون عليه كرامته وشرفه ان يكون في نفس الوقت ، وطنياً صادقاً مؤمناً ومدافعاً عن الوطن وسيادته وكبرياء مواطنيه في الازمات والملمّات ! ألا ينطبق ما تقدم على الكثرة الساحقة من الاعلاميين وتجار الرأي بقدر ما يسحب نفسه بدقة على هؤلاء السياسيين الذين قذفت بهم الصدفة الى مواقع المسؤولية فكان لمواهبهم في التصنُع والتبعية واللهاث وراء التسلُق السريع ، ما سهّل لهم جواز المرور امام رضا المصالح الاقليمية والدولية التي لا ترحم في مواصفات من يتقدموا الى مجالات الخدمة لديها واولاها الولاء الاعمى لمن يدفع ويحمي ويتستر ويتدخل لحجب الادانة الوطنية عند الحاجة . ثمة عاملَين جوهريين يربطا السياسي الفاسد بالاعلامي المرتشي ، هما بمثابة حبل السرّة الذي لا ينقطع الا بتوقُف المصالح بين الطرفين ليفتش السياسي عمن هو اكثر دونية من الآخر ، ويبحث الاعلامي عن السياسي الذي يقدّر " المواهب " ويعطيها حقها ، كبدل مقطوع عن الكرامة المهدورة في سبيل وليّ نعمته : -العامل الاول : ان يتحول الاعلامي الى بوق بكامل مواصفات الارتزاق للسياسي فيعمل على تلميعه وترويجه وإظهاره بجمالية ما لا تقدر حتى البشاعة على اخفائها ، - العامل الثاني ، ان يكون " أنتاناً Antene"او هوائي الاتصال للسياسي يرمي له ببعض المواقف العامة ، وقد تكون مصيرية احياناً ، ليستخلص مدى انعكاسها لدى الرأي العام ويقرر على اساسها التبني او نفض اليد منها . مخجلُ حقاً ما تقدمه لنا الوسائل الاعلامية وفضائيات لبنان هذه الايام من برامج سياسية تحمل مسمى الtalk show، اغلبها برعاية سياسية مدفوعة الثمن سلفاً لتقتصر على نماذج سيئة غير مقبولة شعبياً لدى الرأي العام اللبناني الذي ما زال يعيش ارتدادات سياسة حاكم مصرف لبنان المنتهية ولايته منذ تموز الماضي وما فاحت عنه من فصائح طالت سياسيين واعلاميين وحتى فنانين ، بالاسم والشهرة ،عملوا لحسابه طوال مرحلة حاكميته بعد ان خصص لكل منهم رواتب شهرية ومخصصات وتسهيلات نقدية لقاء حفلات التلميع هذه بغية التأثير على الرأي العام اللبناني الذي بقي لسنوات عدّة مصدّقاً ان الليرة اللبنانية بخير ! أما عن الذين ينتظرون ظهور " غودو"الرئاسة الاولى فإنك تسمع ولا تتعجب ، كيف تُباع المواقف وتُستَرخص المبادئ وتتدحرج مصالح البلد العليا امام طموحات حديثي النعمة ممن دخلوا السياسة من ابواب الوراثة المستحدثة اوالدلال العاطفي ، وتدفعك الى الترحُم على ارباب بيوتات سياسية تقليدية مشهودُ لها مواقفها الوطنية وركلها اغراءات الخارج لها بالرئاسة مقابل التنازل والاستزلام ، والى جانب ذلك ، كان لديها من الحياء والاخلاق ما يمنعها عن مجرد التفكير بسلوك ما نشهده اليوم على ايدي المدافعين عن السيادة والمحرومين والاصلاح والتغيير، وتقول في قرارة نفسك : فتّش عن الحياء ، ان وُجِد.






الاربعاء ٣ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة