شبكة ذي قار
عـاجـل










العمق الاستراتيجي للدولة.. ماذا يعني؟

د. أبا الحكم

 

في مقال سابق وجدنا من الضروري ونحن نتحدث عن الأمن القومي العربي والذي يرتبط أساساً بالأمن الوطني للأقطار العربية، أن نتناول أهمية العمق الاستراتيجي للوحدات السياسية العربية جميعها، من حافات المحيط الأطلسي إلى حافات الخليج العربي ومن حدود العراق مع إيران وتركيا الى حافات مياه المتوسط.

فما هو مفهوم العمق الاستراتيجي؟ وما هي عناصر الترابط بين الوحدات السياسية العربية ذاتها؟ وكذلك عناصر التقارب والتكامل التي يشترطها العمل المشترك من اجل وحدة الأمن والدفاع القومي في منطقة محاطة بكتل سكانية تدفع قياداتها الى التوسع على حساب الأمن القومي العربي والمصلحة العربية العليا للأمة؟

هذه المقدمة مهمة لفهم الترابط الضروري من جهة وضرورة بناء جدار من الأمن العربي بوجه المشاريع المعلنة في إيران وتركيا والكيان الصهيوني واخيرا مشروع الشرق الاوسط الكبير.

الدول العربية هي في طبيعتها مترابطة مع بعضها.. وما دام الأمن، على وجه التحديد، مترابط أيضاً، فإن الاستشعار قائم في الوضع الاستراتيجي للدولة تجاه جوارها العربي الذي يتشكل على أساس العمق الاستراتيجي في صيغته العسكرية والأمنية.. ويتعذر على الدولة العربية أن تغفل أو تتغافل عمق الأمن الاستراتيجي لرقعتها الجغرافية، أمثلة على ذلك: 1- مصر عمقها الاستراتيجي السودان من الناحية السوقية والمائية والاقتصادية والبشرية 2- الأردن عمقها الاستراتيجي العراق من ناحية الحماية السوقية العسكرية باعتبار أن العراق يعد الجغرافيا التي تصد أو تمنع الخطر الأجنبي الإيراني 3- العراق والكويت والامارات والبحرين وقطر وعُمان واليمن، كل هذه الدول تُعَدُ العمق الاستراتيجي للسعودية 4- لبنان عمقها الاستراتيجي سوريا والخطر هو الكيان الصهيوني الذي يهدد سوريا ولبنان والاردن والشعب الفلسطيني في دولته المحتلة فلسطين 5- ليبيا عمقها الاستراتيجي الجغرافي مصر وكذلك بالتتابع تونس  والمغرب 6- الجزائر عمقها الاستراتيجي المغرب 7- موريتانيا عمقها الاستراتيجي الجغرافي هو المغرب 8- الصومال عمقها الاستراتيجي السودان ومصر.

والعمق الاستراتيجي للأقطار العربية يرتبط بالمخاطر الخارجية التي يقتضي تحديد جهة الخطر ومستوى الخطر ونوع المخاطر وهل هي دائمة ام مؤقتة ام داهمة ام وشيكة لكي يتم التحضير لها استراتيجيا وتخصيص الموارد وعناصر القوة الاخرى نوع السلاح وكم الحشد البشري وتوزيع القوة على جغرافية الدولة بشكل متوازن.. فيما يقتضي العمل تحديد القوى الخارجية من اجل التحالف او الاستبعاد او التحجيم او التحييد لتأمين المناخ السياسي والعسكري الخارجي في ضوء واقع المخاطر.

ما هي جهات الخطر التي تتعرض للوطن العربي؟ نوعها وشكلها وزخمها وتأثيرها الكتلوي (السياسي والعسكري والتحالفي الخارجي)؟ 1- جهة الخطر الأولى هي إيران ومشروعها التوسعي 2- جهة الخطر الثانية هي الكيان الصهيوني المدعوم من الغرب سياسيا وعسكريا ومشروعه المعلن 3- جهة الخطر الثالثة هي تركيا ومشروعها العثماني 4- امريكا ومشروعها الشرق أوسطي التحالفي مع (الكيان الصهيوني وإيران) في ضوء مخطط تفكيك الاقطار العربية وإعادة تشكيلها لتسهيل حياة الكيان الصهيوني لقيادة دول المنطقة اقتصاديا بالتطبيع على مراحل 5- تأسيس نظام للأمن الإقليمي تشارك فيه إيران باعتبارها لاعبا مهما في عملية التفكيك وإعادة التشكيل.

ما السبيل الى تحصين الاقطار العربية من هذه المخاطر؟ وكيف يمكن صياغة واقع الدفاع في العمق لكي تحافظ الاقطار العربية على استقلالها وسيادتها ومكانتها ومستقبلها في ضوء مواردها المادية والبشرية وعناصر قوتها وعمقها الاستراتيجي؟

هذا متروك لقادة النظم العربية في إطار عمل استراتيجي كامل وموحد، وإعادة صياغة تحالفاتها الخارجية في ضوء المصلحة العربية العليا.. ولا غير ذلك ...!!

 

 






الخميس ٢٦ شعبــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة