شبكة ذي قار
عـاجـل










في مشهدية الواقع الفلسطيني بعد الحرب على غزة، أين مصر عبد الناصر!

نبيل الزعبي

 

 عاجلاً ام آجلاً ، وسواء انتهت الحرب على غزة اليوم او بعد اسابيع وأشهر ، فإن الأكاديميات العسكرية العالمية ستنكب حتماً على دراسة ظاهرتين اثنتين أفرزهما القتال على ارض الميدان ولم يسبق دراستهما قبل ذلك ، وهما : -كيف تسنى لمقاتلي القسام ، تنفيذ حدث السابع من شهر اكتوبر (تشرين اول ٢٠٢٣)وتخطوا العوائق الامنية والعسكرية وكل ما انجزه الكيان الصهيوني تحصيناً وتدريباً وتفوقاً تكنولوجيا ولوجيستياً وما قال عنهم الرئيس السابق للموساد الاسرائيلي "يوسي كوهين": ان الجيش والاستخبارات سقطوا يوم 7 أكتوبر، ونحتاج 5 سنوات على الأقل لإعادة تأهيل أنفسنا". -الارادة غير المسبوقة لشعبٍ مُحاصَر تحت الاحتلال ، في انشاء شبكة هائلة من الأنفاق تحت الارض التي أعيت الاحتلال في الوصول اليها وشكلت بالتالي الملاذ الآمن للمقاتلين في الخروج والعودة والتنقل المريح بداخلها . غير ان ما لا يمكن التغاضي عنه هو احدى اهم الحقائق التي لازمت الحدثين ومن المستحيل إنكارها بعد اليوم من قبل القريب والبعيد وقد اثبت المقاتل الفلسطيني، ان من يحمل على كتفيه البندقية الموجهة بالعلم والوعي والإيمان والاقتدار ، لقادرُ حتماً على الانتصار ولا ينقصه سوى امرين اثنين : -الوحدة في الداخل وتجاوز كل تناقضات ثانوية تثنيه عن التفرُغ الكامل لمواجهة العدو المحتل ، -الدعم الخارجي ، من الأشقاء أتى ام الأصدقاء ، اقله ان تُرفَع الوصاية والاحتواء ، ان لم نقل التآمر عليه ونصب الكمائن لإضعافه وتشتيت جهوده وان ذلك يجعل المسؤوليات التاريخية مضاعفةً على من يحمل السلاح إدراكاً منه ان التفرقة الداخلية هي السلاح الأمضى بيد العدو لإجهاض ما انجز من بطولات ، كذلك على الحكومات العربية التي تغاير في مواقفها من القضية الفلسطينية كل مشاعر شعوبها التي خرجت عن بكرة ابيها بعد السابع من تشرين تنادي بحمل السلاح وتقديم كافة أشكال الدعم لاهلهم في العروبة والدين والانتماء الحر الرافض للهيمنة الغربية على مقدرات الامة بقدر الكراهية والإدانة للاحتلال الصهيوني المغتصب للأرض وما تحويه من مقدسات تعني المسلمين والمسيحيين معاً ، ان هذه الأنظمة ، مطالبة اليوم بالخروج من موقف المتفرج على ما يجري في غزة والضفة من ارض فلسطين المحتلة ولم يعد يكفي عجزها وجبنها وترددها ، لا امام شعبها ، ولا حتى امام مهادنتها للعدو الذي لا يترك مناسبةً إلا ويطالبها بالمزيد من الانبطاح وتقديم التنازلات تلو الاخرى على حساب المعاناة الدموية وحرب الابادة لابناء غزة وتفرض على النظام المصري مثلاً ،الاستمرار في ترك امر المعابر مع القطاع بيد الاحتلال الصهيوني والرضوخ لقراره في عمليات تقتير المساعدات واخيراً محاولة السيطرة على الشريط الجغرافي الملاصق للحدود المصرية والمعروف ب محور ( فيلاديفيا ) ما يتناقض مع اتفاقية كامب دافيد ويحشر النظام المصري بدفعه نحو السكوت وممارسة الصمت واستمراء كل هذا التعدي السافر على سيادته ، وما يحز في نفس كل عربية وعربي ما يقال ان مصر تشارك في تضييق الخناق على الحدود مع رفح ، وان هنالك مبالغ كبيرة مطلوب دفعها لمن يرغب الخروج من القطاع ، يدفعها لحرس الحدود المصري ، وكلها اخبار ومعلومات لا تكتفي الوكالات والصحف العالمية بنشرها وحسب وانما تضع النظام المصري في خانة تتعدى (الوسيط )مع العدو الصهيوني ، إلى الصامت والمتجاهل والمتواطئ امام كل ما يفرضه من إملاءات على المعابر مع فلسطين المحتلة والتحكم بكل ذرة غذاء وقطرة ماء وحبة دواء لا تدخل إلى القطاع إلا بموافقته وبعد تفتيش يستهلك ساعات وساعات للشاحنة الواحدة ، فكيف بالوقت المحدد للقافلات . ان كل الامل يحدونا بالشعب المصري الأبيّ الذي لم يغيّر تطبيع كامب دافيد بين الكيان الصهيوني ومصر من موقفه التاريخي المشرّف من القضية الفلسطينية وقد مر على ذلك ما يقرب النصف قرن من الزمن ، ان يبادر إلى تصويب بوصلة النظام المصري المطالَب بمواقف واضحة وضوح الشمس لا لبس فيها بين مفردات الديبلوماسية والتمسك بالاتفاقيات الدولية التي لم تعد مصر ترزح امام تطاول القريب والبعيد على سيادتها وحسب ، وانما أفسحت في المجال لبلد مشاطئ على نهر النيل كاثيوبيا ان يتحكم بتعطيش المصريين وإرواء ظمأ زراعتهم وفلاحتهم كما يقرر حكام أديس أبابا ضاربين بعرض الحائط ومنذ اكثر من خمس سنين بكل مناشدات الحكومة المصرية المطالبة بحقها من مياه النيل ولا من يبالي . وكانه لا يكفي الشعب المصري ما يمر به من اوضاع اقتصادية متدنية غير مسبوقة جعل النظام رهينة لصندوق النقد الدولي والدول الدائنة المتحكمة بسعر صرف الجنيه المصري الذي تجاوز الخمس وستين امام الدولار الواحد في السوق السوداء ، نكتفي بما تقدم في هذه العُجالة مترحمين على القائد الخالد جمال عبدالناصر صاحب مقولة : ارفع رأسك يا اخي فقد ولى عهد الاستعمار ، فهل من يتذكر ، ام ان من يفرّط بمائه ، لا يعود يعنيه دماء أخيه التي تسيل كالشلالات في غزة ، ام ان الماء والدماء صارت بالنسبة اليه سواء !!






الثلاثاء ٢٤ شعبــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة