شبكة ذي قار
عـاجـل










 

صدام حسين في ذكرى استشهاده: قراءة متجددة لفلسطين القضية في أدبيات "البعث".

نبيل الزعبي

 

 في أربعينيات القرن الماضي وبعد ان أحكمت دول الغرب الاستعماري وربيبتها الصهيونية العالمية قبضتها على ارض فلسطين بإعلان الكيان المغتصب "دولة" ذات سيادة مصطنعة في العام ١٩٤٨، إثر التخاذل الرسمي العربي وخيانة الحكام العرب ، كان لمؤسس " البعث" الاستاذ ميشيل عفلق نظرته الاستراتيجية الثاقبة لوضع الامة العربية وما يمكن ان يجرّه عليها الاحتلال الصهيوني لفلسطين من مصائب وويلات حيث حدد ان مواجهة هذا العدو الاستيطاني الغادر تكمن في امرين اثنين : الاول : ان فلسطين ، وبعد ان ثبُتَ خيانة من تولوا المتاجرة بقضيتها وتسببوا باحتلالها ، لن تتحرر إلا عن طريق الكفاح الشعبي المسلح وأبرز تجلياته هي حرب التحرير الشعبية التي كانت الملهم الأساسي لكل حركات التحرر العالمي بدءاً من الجزائر إلى فيتنام ، وبالتالي ، لا يمكن المراهنة على الحكام في ظل تنامي الارادة الشعبية الحرة المستقلة التي تدفع الجميع إلى الاستقواء بها ، وهي التي لا تستقوى سوى بعزيمتها وإصرارها وتصميمها على القتال والتحرير . والثاني : ان الأقنوم الآخر للتحرير ، يكمن بالوحدة في سبيل فلسطين ، حيث ربط الوحدة العربية وتناميها بقدر قربها من تحرير فلسطين ، وان لم تكن هذه الوحدة للتحرير ، فذلك يعني انها صورية غايتها ارضاء الحكام للغرب وطلب حماية انظمتهم مقابل التخلي عن القضية الفلسطينية والعمل على تصفيتها مع الايام والسنين، مراهنين على ان اجيالاً ستفنى واجيالاً جديدة ستنسى قضيتها إلى ان يصبح الوجود الصهيوني في حياتنا حالة طبيعية جداً لا يمكن العيش ب"سلام" بدونها . خمس وسبعون عاماً انقضت ولم يتوانَ الغرب الاوروبي والاميركي الاستعماري عن قضم القضية الفلسطينية تمهيداً لابتلاعها من قِبَل الاحتلال الصهيوني وتكريس " صهينة " الكيان بعد" يَهْوَدَتَهُ" ، ولم تكن الحسابات على ارض فلسطين مطابقة لاماني من راهنوا على تصفية قضيتها لتتوالى العقود والسنين ويتأكد بئس الرهان على الأنظمة ورجحان نظرية المراهنة على الامة بكل تجلّيات ابنائها ، ولتحفر مسيرة الشعب العربي في اقطار المنازلة طرقاً وأخاديد لم تكن لتخطر على بال المتخاذلين ورعاع الغرب ، فلم تكن الأنفاق في غزة سوى احدى ابداعات شعب فلسطين ، والصفعة القاتلة المدويّة لكل من راهن على استغباء هذا الشعب وهوانه واستمرائه لليأس والإحباط ، ليتبين ان غياب الامة عن واقعها المحطّم لم يُعَوّض عنه سوى حمل افرادٍ منها السلاح مؤكدين وجودها وقيامتها كطائر الفينيق الذي يعود إلى الحياة كلما زاد جسده احتراقاً وكاد ان يتحول رماداً . وكما كان صاعقاً على اعداء الامة ان يقف القائد صدام حسين على أرجوحة الأبطال يحيي فلسطين من البحر إلى النهر متمثلاً بأدبيات الحزب الذي استشهد و هو امينه العام ، كانت تلك الإطلالة من التأثير ان زرعت في وجدان الامة ان قادةً عظام على طراز القائد الشهيد لم يأبهوا بالسلطة يوماً وضحّوا بالدم والجسد ولم يفرّطوا في ذرة انتماء للقضية التي اخذت بعدها التحرري العالمي مع طوفان الأقصى والتمسُّك بمقولة الخالد جمال عبدالناصر على ان ما أُخِذَ بالقوة لا يُستَرّد إلا بالقوة ، وتفضيل "ختيار" فلسطين ورمزها ياسر عرفات الموت شهيداً على التفريط بإعطاء إمضائه تخلياً عن القدس وحق العودة والقرار السيادي المستقل ، إلى المجاهد الشهيد احمد ياسين الذي جعل من العجز في الجسد انبعاثاً لروح الشهادة والسعي للحياة الأبدية . لقد أثمر الزرع واعطى حصاداً لن يكتفي بطوفان الأقصى وإعصاره الذي احيا قضية فلسطين وأوقد شعلتها التي من المُحال ان تنطفئ ، ولن يكتمل إلا بوحدة الامة حول فلسطين مقرونةً بتوحيد البندقية الفلسطينية وإمساكها بارادة موحدة مقتدرة ،لتكون مثالاً للعالم اجمع ان يتحد حول فلسطين وقضيتها العادلة التي تعود اليوم لتهز الضمير العالمي والوجدان العربي من جديد وتحث احرار العالم على ان يعوا ان لا امان ولا استقرار بعد اليوم بوجود كيان غاصب يقتل ويدمر ويشرد وآن ان يدفع الثمن ،بعد ان تحطمت " أسطورته"العسكرية والأمنية كما صوّروه لنا قبل السابع من اكتوبر وبعد ان اثبت المقاتل الفلسطيني انه القادر على ذلك عندما يتوفر له الإعداد والتدريب والتجهيز والكفاءة العلمية والهندسية وفوق ذلك الايمان الاكيد بالانتصار إلى حدود اليقين الذي يدفع المقاتل للالتصاق بدبابة الميركافا ويفجرها ويعود سالماً وقد خلع حذاءه ومشى الهُوَينا ، عرفاناً بقداسة الارض التي يحمي ترابها ، وتصميماً على تطهيرها من دنس احتلالٍ غاصب ، بدأت تُسَدُّ امامه كل آفاق البقاء على ارض فلسطين ، فإما الرحيل عن هذه الارض او الموت الزؤام على ايدي ابنائها ، وما عاد ذلك بالمستحيل.






الاربعاء ٧ جمادي الثانية ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / كانون الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة