شبكة ذي قار
عـاجـل










في ذكرى مولد شهيد الحجّ الأكبر

سَلامٌ علَى العِرَاقِ، سَلامٌ عَلى الأُمَّةِ العَرَبيَّةِ

سَلامٌ عَلى رُّوحِ القَائِد الشَّهيد صَدَّام حُسَين

جزء ثان

صَــدَّام حُسَـين

عِرَاقيُّ المَولِد والنَشأةِ والشَّخصِيَّة

عُروبِـيُّ الـدَّمِ والنَسَـبِ والهُـوِيَّــــة

د. إياس الطائي

 

ليس مرادنا هنا أن نقوم بتأكيد المُؤَكَّد، وتَوثيق المُوَثَّق، أو أنَّنا نقصد الدِّفاع عن الرئيس الشَّهيد صَدَّام حسين، أو الرَّد على الافتراءات والشُبُهات بخصوص دَمه وأصله ونسَبه العربي الأصيل. فصَدَّامٌ ليس بحاجةٍ الى كلِّ هذا وذاكَ، لأنَّه أرفعُ وأعلى وأعزّ من أن يَنبري أحدنا للدفاع عنه، والتَصدِّي لمَن يلوكُ بلسانه حَكاوٍ سمجةٍ لبَصمَجيٍّ من هنا وهناك، أو ما تَتفوَّه به الأفواه الفاحشة، وما يتقوَّلونه من أقوالٍ وقحةٍ بذيئة، لا تستهدف في غاياتها ونواياها الخبيثة شخص الرفيق القائد صدَّام حسين فحسب، بل تحاول أن تطال من البعث ورجاله وماجداته الغُرّ الميامين، ومن تجربته الثورية التقدمية النهضوية في القطر العراقي. فهذا القائد التاريخي قد تَبوَّأ مكانةً رفيعةٍ شامخةً لا يَتفضَّل بها عليه أحد، بل يَستحقّها بكلِّ جدارةٍ، من هنا فإنَّ حديثنا سَينصَبُّ على شخصية هذا الرَّجل وما تَزخر به ذاته (العربية)، وما تزدهي به نفسه العراقية، وما تجود به صفاته وسماته الوطنية والقومية. لقد أصبح واضحاً وضوح الشمس لدى أعداء العراق والأمة، أنَّ صَدَّاماً هو زعيم الأمة وحادي ركبها والآخذ بناصيتها إلى المجد والعُلا والعِزّ، وأنَّه لم يَعد رمزاً للعراق والأمة، بل أصبح قيمةً وقامةً عالميةً، فتَخطَّت نسائمه المعطَّرة في أرض العروبة وما حولها، بما كان له من انجازاتٍ تاريخيةٍ كبرى، وما أُثِر عنه وله من مآثرٍ عظيمةٍ في مسيرته النضالية الظافرة.

من هنا اشتعلت الشرارة الأولى للحرب على العراق والبعث وقائده الجسور صدَّام حسين، وفي مقدمة هذه الحرب في الماضي واليوم هو إطلاق سَيلٍ من الافتراءات والأكاذيب في محاولاتٍ يائسةٍ لتَشويه صورة النظام (البعثي) الوطني والقومي، بقيادة الرئيس الشهيد صدَّام، وتالياً محاولة عرقلة وايقاف مسيرة البناء والتنمية والتقدم التي تَبنَّاها البعث وقيادته في العراق. ولا نَستغرب كلّ هذا الكمّ الهائل من الحقد الأسود والكراهية العمياء لشخص صدَّام حسين من قبل أعداء الأمة، فالرَّجلُ كان يَتقدَّم بخطىً حثيثةً ثابتةً باتِّجاه تحقيق المشروع القومي الانساني الحضاري النبيل، والذي كان ولم يزل يلامس مشاعر ووجدان كلّ أبناء الأمة، فهو يشكِّل حلم العرب بالأمس واليوم.

ومِمَّا يشعرنا بالأسى والحزن أن نجد بعضاً من مُثقفي وإعلاميِّي العرب يشاركون في حملات التشويه والتشويش تلك! التي كان يتعرَّض لها الشَّهيد ورفاقه في قيادة البعث والدولة والشعب العراقي. وهؤلاء يُفترَض بهم وهم محسوبون على النخبة العربية الواعية، أن لا يقفوا مع الحاقدين والمبغضين والمتربصين بالبعث وثورته في العراق وقادته ومناضليه. فالمكانة العالية، والدور البطولي للرئيس الشهيد وسيرته المعطَّرة والتي تجعل منه رمزاً تاريخياً للعراق والأمة، تجعله بمنأى عن هكذا حملات ظالمة يَعدَّها ويُرتِّبها وينشرها في الآفاق كلّ أرباب الشرّ في العالم، وفي مقدِّمتهم الصهاينة والفرس وخونة الدار والديار، ويباركهم عدد من الأنظمة العربية التي ربطت مصيرها بالأمريكان والصهاينة.

كان القائد الشهيد صدَّام حسين نموذجاً يُحتذى في الشَّجاعة والمروءة والنخوة العربية وفي البطولة والاستبسال والاقدام، وكان يرى أنَّ الشَّجاعة ليس أن تقول ما تعتقد، بل الشَّجاعة أن تعتقد وتعمل بكلِّ ما تقوله. وقد احتلَّ الشهيد مكانةً لا يُضاهيه فيها أحد في قلوب العرب، وستبقى مكانته الشامخة هذه رغم أنوف الحاقدين والمبغضين.

لقد كثُرَت الافتراءات والحملات الملوَّثة بالحقد والكراهية والتي تحاول النًيل من رمز العراق والأمة صدَّام حسين حتى بعد استشهاده، غايتها غسيل أدمغة الناس، وخاصة الأجيال الناشئة، من خلال تزييف الحقائق وتَلفيق الشائعات، متصورين يائسين أنَّهم بذلك سينالون من سمعة الشهيد، يقف في مقدمة هؤلاء مَن باعوا ضمائرهم للأجنبي، من المنبطحين للأمريكان والصهاينة والفرس. واهمين كلّ الوهم أنَّ بإمكانهم تلويث سمعة البعث وقائده الرفيق المناضل صدَّام حسين، وهي كغيرها محاولة يائسة لن يُكتب لها النجاح في تشويه المسيرة النضالية الطويلة لصدَّام حسين، تلك المسيرة الظافرة والحافلة بالبناء والانجازات والبطولات التي شيَّدها مع رفاقه في القيادة وتنظيمات الحزب كافة. مسيرةٌ جمعت بين قيادة وطنية وقومية مخلصة للشعب والوطن والأمة، وشعبٌ وفيٌّ ماجدٌ أبيٌّ، مسيرةٌ كانت تسير الى أمام بكلِّ قوة في سبيل تحقيق الحلم الوطني والعربي في تحقيق رسالة الأمة الخالدة. فما كان من أرباب الشرّ إلَّا الاصطفاف مع العملاء والخونة للإجهاز على هذا الحلم العربي الكبير، ومحاولة وأده منذ البدايات الأولى لثورة السابع عشر من تموز عام1968م. لقد كان هذا الحلم العربي، تطبيقاً عملياً لنظرية البعث وأهدافه القومية التقدمية التحررية، وغايتها رفعة العراق والأمة والنهوض بهما نهضةً تنمويةً شاملة.

لم يكن الرئيس صدَّام حسين كأيّ رئيس عربي أو إقليمي، بل كان واحداً من قلَّةٍ من الرؤساء المُتَفرِّدين بصفاتٍ ومُمَيِّزاتٍ خاصة، من الذين وضعوا بصَماتهم في التاريخ العراقي والعربي، فقد شكَّل الشَّهيد مدرسةً في الفكر والسياسة والنضال، ووضعَ عصارة فكره البعثي وبما امتلك من خصائص بنيوية في شخصيته، فخطَّ مساراً في طريق تحقيق أهداف البعث، من خلال علاقة القوة والاقتدار والإرادة الحرَّة المستقلة بـ(الدبلوماسية)، وعلاقة كلّ ذلك بالمصالح الوطنية والقومية. وهو بذلك كان شديد الوضوح في تحقيق أهدافه، وفي الأسلوب الذي انتهجه في كلِّ القضايا الوطنية والعربية.

إنَّ التكوين الوجداني للرفيق القائد صدَّام حسين يعطينا صورةً واضحة المعالم عن شخصيته العراقية والعربية الفذَّة المُتَفرِّدة، فقد كان قائداً من طرازٍ خاصٍ، وكان مفكِّراً خلَّاقاً مبدعاً، قدَّم للفكر العربي والإنساني تجربته الغنية في النضال والمجاهدة. وتميَّز الشَّهيد بحنكته وذكائه الحاد، وكان يمتلك عقلاً معرفياً نادراً، فتركَ بصمات ناصعة حافلة بالإنجازات التاريخية والمواقف المبدئية البطولية، وترك سجِّلاً زاخراً بالمجد والمفاخر.

ستبقى أفكاره وأفعاله ومواقفه الرصينة كالبنيان الشاهق، وكالنجوم الساطعة في سماء الأمة، ستظل تُحاكي الزمان كآثارٍ ومآثرٍ لقائدٍ عملاقٍ عروبيٍّ أصيل، يَندر أن يجود الزمان بمثله، وسيبقى عنواناً للعزِّ والكرامة بلا منازع.

كان صدامٌ يريد للأمةِ العِزّ والكرامة والرِفعة والعُلوّ والتطوّر والتحضُّر، كان يريدها أمةً يحترمها ويهابها الأقوياء، ويَستَظِلُّ ويَحتمي بها الضعفاء، يريدها أمةً خصبةً راقيةً قوية مُهابة، وليست كما اليوم أمةً منزويةً، منكفئةً على نفسها، تعيشُ على هامش الأمم، لا تستطيع النهوض بأهوَن أعبائها وأيسَر شؤونها، ضعيفةً هيِّنة الشأن تنظر إليها الأمم نظرة اشفاق وتَرَحّم.

كان القائدُ صدَّام إنساناً مُتفانياً مُترّفعاً عن الصغائرِ، كريماً سخيَّاً، شخصيَّته كانت تعكس اتزاناً وتناسقاً وتصالحاً مع النفس، وهو منجمٌ لا ينفد من الخير والعطاء والجود والكرم، ولم يكن حديثه مبعثراً أو عشوائياً بل كان يُمرّر كلامه على عقله النيِّر قبل أن يطلقه لسانه، وكان يستشعر بدخان الكلام (الأعرج) الموجَّه إليه، سواءً من مسؤولٍ أو إعلاميّ، محلياً كان أم أجنبي، فيبادر بتأنٍ للرَّد عليه دونما مجاملة ودون تزويغٍ أو تجميل. فالشَطحات غير المقصودة له عليها ردّاً لطيفاً سلساً، وأمَّا ما كان من كلامٍ جزافٍ ونفخاتٍ مقصودة، فإنَّه يردُّ عليها ردَّاً مُزلزلاً، حتى ليشعر صاحبها أنَّ الأرض تموج من تحته!، فهو يرى أنَّ لكلِّ إنسانٍ الحقّ بأن يقول ما يشاء، لكنَّه مشروطٌ عنده بقول الحقيقة، بمعنى أنَّ الصدق في القول مقدَّمٌ على الحريَّة في القول، ويرى الشهيد أنَّ على الإنسان أن يكون أميناً في القول والنقل، أي أن تقول ما تريد ولكن دونما تجاوز حقّ أحد. لذلك كان الشهيد ينظر إلى التجاوز على حقوق الآخرين من أبناء الشعب جريمة كبرى، وكانَ يتساءل دائماً إذا كان تجاوز حق فردٍ من أبناء الأمة يشكِّل انتهاكاً يستوجب الحساب، فكيفَ بمَن يتجاوزون حقّ الأمة بالكامل، وينتهكون حقوقها المشروعة؟!

كان الرئيس الشهيد ينظر إلى العروبة، وهو ابنها القُحاح، بأنَّها تُمثِّل أكثر الأطروحات ثراءً وعمقاً، لأنَّها تَعتمد على عاملٍ ثقافيٍّ واسعٍ ورَحب، تُغذِّيه لغةٌ واضحةٌ بيِّنة، وتَدعمه معاناةٌ تاريخيةٌ مشتركةٌ ومتشابهة، وبعد ذلك فصدَّام يرى أنَّ العروبةَ انتماءٌ إنسانيٌّ يحكمه العامل الثقافي، وأنَّ المكوّن الأساسي للعروبة هو اتِّفاقها واجتماعها على المصلحة المشتركة، وبعد ذلك فهو ينظر إلى أنَّ العروبة والانتماء إليها لا يأتي من فراغ، أو لمجرّد التحدّث باللسان العربي، بل أنَّ الانتماء للعروبة هو تعبير عن مجموعة من العلاقات المركبة الاجتماعية والثقافية والتاريخية والسياسية التي تُشكِّل ذاكرة الانسان العربي، وتُمثِّل مصالحه وآماله ومشاعره وحواسِّه، ويرى أيضاً أنَّ الانتماء للعروبة هو جزءٌ من تطورٍ اجتماعيٍّ وثقافيٍّ أنتج الأمة العربية منذ زمنٍ بعيد.

هكذا هي العروبة، كما ينظر إليها صدَّام حسين وكما وردت في كلِّ كتبه ومؤلفاته الكثيرة، أفبعد هذا يمكن أن يكون القائد صدَّام إلّاَ ابن العروبة البَّار، أصلاً ونسَباً وهُويَّةً، وهل هناك فلسفةً عن محتوى العروبة أكثر من فلسفته (العربية) هذه؟

قالت العربُ في مأثورهم القديم:(إيَّاكَ أن تطعن العربي الأصيل في ثلاثٍ، نسَبه وشرفه وعرضه)، لأنَّه سينتفض عليك ويثور، ويتحوَّل إلى وحشٍ كاسرٍ، لا تَحول بينه والرَّد الصاعق سدودٌ أو جبالٌ، فهو يثور كما البراكين، وينطلق كما الطوفان الهادر.

وقالت العربُ أيضاً في وصف العربي:(إيَّاكَ وغضبة الحليم) أو (اتَّقِ شرّ الحليم إذا غضب) .... وهل الحلم إلَّا صفةً لامعةً من صفات صدَّام حسين، عرفناها جميعاً مذ كان شاباً يافعاً.

وفي الختام نقول: هو صدَّام حسين صاحب الشَّخصيَّة العربية الفذَّة الأصيلة، كأصالة أمته العربية المجيدة، معتدل الطباع، وسطي التفكير، يمتلك مقوّمات الوعي والإدراك والنهوض بأعلى ما يكون، مُتَميِّزاً بعطائه الفكري والثقافي والسياسي والأدبي، لم يكن يوماً خاضعاً أو خنوعاً إلَّا لله تعالى عرشه العظيم، لم يكن مهادناً، وهو إنسانٌ هادئٌ، ولكنَّ هدوءه هذا ليس ملازماً له على الدوام، فأكثر ما يستفزّه أن يتم التجاوز على العراق أو الأمة، بل عندما يُضام عراقيٌّ أو عربيٌّ في الأمة، يعشق العراق، مُتيَّمٌ في حبِّ أمته، مؤمنٌ ومتديِّنٌ لكنَّه ليس متطرفاً أو متزمتاً، يثور عندما يُستَفزُّ في كرامة عراقي واحد أو عربي من أبناء الأمة، شديد الحرص على كرامته وكرامة شعبه وأمته، عزيز النفس، لديه قابلية على التحمّل والصبر والاحتساب، العراق وفلسطين والأمة ثلاثية مقدَّسة لديه.

هذه هي بعض سمات وسجايا القائد العربي الأصيل والمناضل البعثي المقدام، ورمز الأمة التاريخي، وشهيدها وقائدها صدَّام حسين..




الثلاثاء ١٩ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ألق البعث نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة