شبكة ذي قار
عـاجـل










على من تهز القوى الأمنية عصاها الغليظة؟!

نبيل الزعبي

 

بدايةً لا بد من التنويه أنه لم يكن وارداً لدينا البتة التطرُّق إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية ودورها في الحفاظ على الأمن الداخلي وحماية ممتلكات الناس والدفاع عن حقوقهم، انطلاقاً من إدراك الجميع ان ذلك هو ابسط ما يجب ان تقوم به هذه الاجهزة اولاً، وللحساسية الامنية التي نتجنب الخوض في تفاصيلها حرصاً على المصالح الكبرى للبلد في ظل وجود القضاء اللبناني  ثانياً، غير أن ما حصل يوم الخميس ٢٦/١ في مكتب وزير العدل اللبناني من تواطؤ واعتداء امني مفضوح على عدد من النواب اللبنانيين وتنصُل الوزير المذكور من معرفة الفاعلين الامنيين ،وهم المتواجدين داخل مكتبه الوزاري ، يثير اكثر من علامة استفهام حول وجود " شبيحة واشباح " في بلاط الوزارات يؤكدون لنا الدور المنتظر للدولة التي تضمحل مؤسساتياً ، لصالح النظام البوليسي المستخدم ليحمي المنظومة الفاسدة التي اتسعت كثيراً الهوة السحيقة التي تفصلها عن شعبها وادركت يوم نهايتها وهي تستعجل تأخيره على ايدي بعض الامنيين اللبنانيين ووضع الاسافين بين الاجهزة الامنية  وشرائح المجتمع اللبناني وهذا ما يُملي على الاجهزة ، قادة ورتباء وعناصر ، تدارك ما يحصل واستخلاص العبر ممن سبقهم من متقاعدين حملوا الهراوات الغليظة إياها يوماً ، في مواجهة شعبهم ، واليوم يملأون الساحات مطالبين بحقوقهم المهدورة التي تصادرها قوى المنظومة أياها غير مبالية بواقعهم المعيشي المتردي ولا يجدون أزاء ذلك غير ابناء جلدتهم وشعبهم يؤازرونهم وينافحون عن قضيتهم ، والى الذين يرفعون الهراوات اليوم في مواجهة شعبهم ، نعيدهم الى كل التحركات المطلبية التي يقودها زملاؤهم  المتقاعدين في القوى الامنية المطالبين بتحسين اوضاعهم المعيشية والحصول على حقوق الطبابة والاستشفاء والتعليم وغير ذلك من حقوقهم الاخرى المشروعة ، لا سيّما عندما نصبوا خيمةً لهم في وسط المدينة لهذا الغرض منذ اشهر ، واعقبها

تحرك مطلبي آخر واعتصام نفذه متقاعدو القوات المسلحة امام مبنى مالية طرابلس يوم ١٦/٨/٢٠٢٢ للغاية نفسها.

هؤلاء المتقاعدون، كانوا بالأمس الذراع الأمنية الغليظة للسلطة التي استخدمتهم في مواجهة كل حركة اعتراضية شعبية مطالبة بالحقوق الدنيا للشعب اللبناني ، واليوم يجدون انفسهم في صفوف هذا الشعب ، وكل من كان يرفع شعار الحرية والتغيير في هذا البلد .

 قد يُفهَم من كلامنا اننا ندعو الى الثورة على القيادات الامنية ، وهذا ما لم يخطر  ببالنا ، لا اليوم ولا غداً ، رغم قناعتنا ان هذه القوى الامنية كانت ولم تزل  الاداة  الغاشمة للسلطات المتعاقبة ، وهذه السلطات هي التي تضع الامنيين اليوم  في مواجهة شعبهم،  والدفع بهراواتهم الغليظة الى ضرب من كانوا يحتاجون لحمايتهم ودعمهم ونعني بذلك  ذوي ضحايا تفجير مرفأ بيروت الذين سقط منهم شهداء من ابناء الاجهزة الامنية ايضاً ، الى جانب مواطنين ابرياء ، ولم يمنع ذلك من ضربهم بشدة واستخدام القسوة معهم عندما طالبوا بعدم التفريط بدماء شهدائهم وطمس قضيتهم وانهائها.

يعيدنا ما تقدم الى حادثتين مؤسفتين على سبيل المثال ، لا الحصر :

-الأولى ، عندما تمادت القوى الامنية في استعمال هراواتها ، خاصةً عندما تعلق الامر بعسكري متقاعد يصرّخ امام كاميرات الاعلاميين ، يشكو ابنه الذي في الخدمة وهو "يدفشه" بغية رميه ارضاً امام المجلس النيابي وهو يطالب بحقوق المتقاعدين التي غفلت عنها موازنة العام ٢٠٢٢، ( جريدة النهار ٢٦/٩) ،

-الثاني، عندما استُبدِلَت الهراوة ، بالتعذيب والضرب المبرح والتعامل غير الانساني مع موقوف غير لبناني في بلدة تبنين بشهر آب الماضي ،  مما ادى الى توقُّف قلبه وموته بعد ثلاثة ساعات على توقيفه ،  في واحدة من ابشع التعديات على حقوق الانسان التي اثارت المجتمع الدولى وضجّ لها الرأي العام اللبناني وكأن البلد دخل مرحلة النظام البوليسي بشكل كامل .

فإلى كل الامنيين نقول : مهلاً على اعصابكم وهراواتكم وانتم تواجهون اهلكم وأخوتكم وتذكروا انكم من نسيج هذا الشعب الفقير المعذَّب الذي تتقاسمون واياه المعاناة وتتكبدون المشقات .

فهل يدري رؤساء الاجهزة الامنية في البلد ، مدى المعاناة التي يتكبدها عساكرهم ورتباءهم وهم يصطفون في الطوابير امام المصارف لقبض رواتبهم واستبدالها بالدولار على تسعير منصة صيرفة ،

 ام ان رجل الامن في لبنان هو من عالمٍ آخر لا يصيبه ما يصيب اخيه وجاره من معاناة التفتيش عن لقمة العيش الكريمة والحصول على رغيف الخبز الذي صار يُباع بالجرام ويوزن كما يوزن الذهب ،وعلبة حليب الاطفال التي صار سعرها يوازي الراتب الشهري الكامل، وماذا لو وجد نفسه هذا الامني غداً ، وقد تقاعد ، الى جانب من يقمعه اليوم ويُمنَع عليه ايصال صوته الى المسؤولين فيُتَعامَل معه معاملة الجلّاد، سواء كان يدري عن سابق تصور وتصميم ، او كان مغفّلاً وضع على عينيه عصّابة الدفاع الاعمى عن قرارات السلطة ، ظناً منه ، ربما ، انه سيُكافأ يوماً، دون ان يدري انه الضحية في الحالتين ، يوم استخدمته السلطة جلاداً ، ويوم قذفت به الظروف الى نصب الخيمة على قارعة الطريق ليتأكد له ذلك .






الاربعاء ١٠ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة