شبكة ذي قار
عـاجـل










(ماذا بعد الترسيم ! بئس الاستحقاق الأخير في نهاية  العهد المشؤوم )

نبيل الزعبي

 

بعد الإعلان الصهيوني عن الوصول الى اتفاقٍ تاريخي (!)مع لبنان بشأن الحدود البحرية،  وأن مطالب الكيان قد استُجيبت جميعها، أفادت الرئاسة اللبنانية أن العناوين العريضة التي يريدها لبنان وتحفظ سيادته وثرواته ، قد تضمنتها الورقة النهائية للاتفاق أيضًا، ولن يكون هناك اعتراض ، ووقع الطرفان اللبناني والصهيوني على مسودة اتفاق الترسيم البحري في الناقورة عصر يوم الخميس ٢٧/١٠/٢٠٢٢ وقد اعتبر صهر العهد "القوي" ذلك من اهم "الانتصارات "التي حققها العهد ولولاه ما كان ذلك ليحصل ، ليعود الرئيس "القوي" بدوره ليُنسِب بعضاً من هذا الانجاز للصهر" القوي" في خطاب ٍ مُتَلفٍز للّبنانيين عشية انتهاء ولايته ، مضفياً على عهده رمزية الانتصار في هذا اليوم ، لجَبْرِ ما انكسر في ١٣ تشرين الآخر من العام ١٩٩٠ في محاولةٍ لاستنهاض التيار بجرعةٍ من الامل بعد سنوات ست من الخيبة والفشل ، متجاهلاً ان من لم يتعلّم من تجاربه الفاشلة على مدى ثلاثين عاماً ، لا يصلح ان يتكلم عن الانتصار والانجازات وسيبقى عرضةً للمساءلة امام شعبه مهما تدثّر بعباءات سياسية وامنية ليست له .

وإذا كانت الكرة اليوم في ملعب الممانعين الذين وقفوا خلف الرئيس "القوي" وتركوا له ما اراد ، دون العودة الى المجلس النيابي لدرس الاتفاق الذي وقعه الرئيس قبل ايام من انتهاء ولايته ومشى الى هامش التاريخ ، كما كان طوال عهده ، فحسناً فعل النواب الذين تقدموا بمذكرة لرئيس المجلس النيابي مطالبين بمناقشة الاتفاق واوجه ضرره على السيادة اللبنانية ومنافعها ، ولكم كنا نتمنى على النواب الممانعين ان يحذو حذو. زملائهم ، لا ان يبصموا على اتفاق يحتاج الى المزيد من الشرح  والتدقيق وكأن هكذا اتفاقيات لا تعني سوى من وقّع عليها او ان البلد تحوّل الى ابرشية خاصة بهم وببطولاتهم الوهمية. ان الايام القديمة التي ستكشف كل مستور ، ستلعن من قايض سمعة عهده بإنجازٍ  مشبوه سيبقى وصمة عار على كل من وقّع وتساهل وغضَّ النظر وتجاهل .

إنه لمن العار ان ندين التطبيع مع العدو الصهيوني فقط ، في الوقت الذي فوجئنا بما هو اخطر من التطبيع في تصدُر المواقف الرسمية المؤيدة للاتفاق ، والمتطابقة مع بعضها ، سواء من حكومة تل ابيب ، او التوافق الرسمي الثلاثي اللبناني ، الذي اختصر بموافقته ارادة اللبنانيين ووجه الطعنة النجلاء لقيَم الديموقراطية عندما لم يعرض ذلك على الجهة التشريعية النيابية ، اقلّه اسوةً بما فعله العدو الذي اضفى الشرعية الداخلية على توقيعه .

ازاء ما تقدم ، وكما ان الاسترسال في التفاؤل قد يصيبنا بالاحباط  غداً ونحن امام عدوٍ غادر بنى كيانه على اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها ، وكما ان اللحظة التي سنضع فيها يدنا على نفطنا وغازنا ليست غداً ، وانما نحتاج الى  سنوات عدّة من الدراسات والتخطيط والتنقيب وتهيئة المعدات وغيرها ، فيما سبقنا عدونا الى ذلك وبات مهيئاً للتصدير فور توقيع الاتفاق ، فإن ذلك لا يمنع من التهيّؤ للّحظة التي نبدأ فيها باستثمار ثروتنا من "البلوكات" الاخرى ايضاً ،

وذلك واجبُ وطني ينبغي البدء به كي لانجد انفسنا مكتوفي الايدي امام ثروة هائلة هبطت علينا فلم نعرف كي نتصرف بها او وضع الخطة الوطنية الاستراتيجية لادارتها وهي المعنية بالاجيال اللبنانية واخراجها من حاضرها البائس ورسم المستقبل الذي يليق بها في دولةٍ ذات سيادة ومِنعة اقتصادية ومالية ، توفّر رفاهية العيش لابنائها وتحافظ على مكتسباتهم الوطنية عبر صندوق سيادي مستقل كما هو حاصل في دول عديدة اهمها دولة النروج التي لها تجربة ريادية في العالم حول الصناديق السيادية ، وهي احدى كبرى دول اوروبا في امتلاك الثروة النفطية التي نقلتها من دولة تعتمد على الزراعة وصيد الاسماك وساعدها الصبر وطول الأناة على التغلب على ظروفها الاقتصادية الصعبة فلم تفقد الامل حين  بدأت في الحفر لمدّة أربع سنوات و باءت جميع محاولاتها بالفشل، لدرجة ان الشركات بدأت بالانسحاب وشحن حفاراتها، عدا شركة واحدة بقي لديها بئر واحد ينتظر الحفر ليتم اكتشاف النفط بعد اربعة سنين على ذلك .

إنها رحلة الالف ميل التي كُتِبَت على هذا البلد المعذَّب ، فيما لو بُذِلَت كل الجهود لتحويل ما حصل الى انجازٍ حقيقي بما للكلمة من معنى ، وليس انتصاراً وهمياً لدولة مأزومة عارُّ عليها ان تهدر ثرواتها البحرية بالقدر الذي تترك خيرة ابنائها يُدفَنون في قاع البحار .






الخميس ٢٣ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة