شبكة ذي قار
عـاجـل










١٧ تشرين الحقيقة الشعبية في المعادلة السياسية

نبيل الزعبي

 

لا يرفع من قيمة ومكانة انتفاضة السابع عشر من تشرين البيضاء ، سوى كل هذا الهجوم المسعور من قوى السلطة مجتمعةً  بمنظومتها الفاسدة المتآكلة التي تتغاضى اليوم عن كل ما جنته أياديها من معاناة وألم للُّبنانيين بتوجيه سهامها المسمومة على قوى  الانتفاضة بعد أن خبرتهم الساحات والشوارع وهم اليوم ، وبدون منازع ، الممثل الحقيقي للشعب والامل العامر بالتغيير المرتقب مهما طال الصراع وتحشدت القوى الطائفية والمذهبية وسعَّرت من خطاب الكراهية الذي اتقنته جيداً وتدرك ان لا مستقبل لها بدونه .

إنه ، ومن مهازل هذا الزمن الرديء أن يقابلك اليوم ، فاشلون  ، وهم يبِّثون سموم الحقد على شبابٍ لبناني يافع ، خرج يطالب بحقه في الحياة والحرية في هذا البلد ، وقوبل بالرصاص الحي والاعتداءات الشخصية والتخوين والتهديد ، ومع ذلك صمد صمود المؤمنين بوحدة هذا البلد وحريته،  بينما لم يكن لهؤلاء المنتفضون سوى ارادتهم وعزيمتهم الحرة في مواجهة نفوذ السلطة وميليشيا المذاهب والسلاح والمال السياسي ، وليبرهن الشعب اللبناني أن المستقبل القادم هو لهذه القوى  المتمردة على الحظائر الطائفية المذهبية ، حيث فضاؤها الحقيقي هو كل لبنان العابر للطوائف والمذاهب والمناطق والزعامات التي عاثت فساداً فيه وتتحمل اليوم كل بلاويه ومصائبه.

 لقد كنا ومع بداية ما حصل في السابع عشر من تشرين ولم نزل على قناعتنا بأنها انتفاضة ثورية على طريق الثورة الحقيقية ، ولذلك لم يخالجنا الشك يوماً مما تعرضت وتتعرض له هذه الانتفاضة من تآمر وتشويه ، ليقينٍ منا ان الثورة الحقيقية قادمة لا محالة وان ارهاصاتها التي بدأت مع نزول قوى الشعب الحية الى الساحات، لم تتوقف  وانما ستشهد الايام والشهور المقبلة وحتى السنين المزيد من تأجيج الصراع والمواجهة مع هذا النظام الذي انتهى وهو اليوم ينازع البقاء ويعيش ايامه الاخيرة ولن تفيده المعاندة والتجاهل أن الشعب إذا أراد الحياة ، فلا بد أن يستجيب القدر.

إنها إرادة الحياة الأقوى من كل موتٍ ودمار متحقق على أيدي هذه المنظومة التي لم تكتف ِبتجويع شعبها وإفقاره ونهب مدّخراته في المصارف، وإنما تدفعه دفعاً نحو التخلُص منه في اللجوء إلى قوارب الموت ، دون أن يرف لها جفنُ من  الرحمةً بهذا الشعب أو عذاب ضمير.

لتخجل كل الأصوات النشاز الحاقدة التي تنال اليوم من ثورة الشعب اللبناني البيضاء على حكامه وناهبي قوت يومه ، وليعلم القاصي والداني في هذه المنظومة، إن رحلة الألف ميل بدأت وخطت أشواطاً كبيرة في مسيرتها ولن توقفها الهنّات والافتراءات والتهكُم الكلامي من هنا وهنالك، ولن يعيق مسيرتها منحرفُ لفظه الشارع اللبناني، أو متساقط تسوَّل أصواته الانتخابية ممن تُرِكٍ له من فائض قوة الامر الواقع والتجييش المذهبي والرشاوى والمال السياسي ،  ومع ذلك يتبجّح اليوم بوصوله الى البرلمان وهو الذي يتحاشى النزول الى الشارع ومواجهة الناس الذين يدّعي تمثيلهم.

 إن أهمية انتفاضة اللبنانيين في السابع عشر من تشرين ، انها اسقطت الهالة التي لطالما تغطّت بها المنظومة الفاسدة وخرقت كل المحرّمات التي وَضَعْتها لتكبيل حركة الشارع الذي لم يعد لديه ما يخسره بعد اليوم وقد آن اوان اعادة الاعتبار الى انتفاضته وتزخيمها بالتنبُه لما تحيكه له السلطة لفك ارتباطه برموزه وقياداته اولاً، والانكباب على مراجعة كل ما اعترض المرحلة الفائتة من ثغرات وسلبيات تعمل السلطة ايضاً لاستغلالها وتيئيس اللبنانيين من العودة اليها .

إنها حقيقة شعبية  فرضت نفسها على المعادلة السياسية  الداخلية اللبنانية وبات من المستحيل تجاوزها او تجاهل دورها المرتقب في الحياة السياسية كنواة اساسية للتغيير الحقيقي في هذا البلد ، مع التأكيد ان لا احد فوق النقد والمساءلة في حال الخروج عن الثوابت التي قامت بها هذه الحركة الشعبية  الاعتراضية التي صار من المطلوب وبإلحاح توحيدها وتأطيرها ومنع اية جهات مشبوهة من الاندساس بها.

لتحيا ثورة الشعب اللبناني نحو الحرية والتغيير، ولتتكاتف سواعد الثوار بإرادةٍ الأحرار وعزيمةٍ المؤمنين بالانتصار مهما تراكمت التحديات.






الاثنين ٢١ ربيع الاول ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة