شبكة ذي قار
عـاجـل










الافتتاحية

من مخرجات غزو العراق

 

   نحن نقر حقيقة مطلقة إن قلنا إن العدوان على العراق سنة ٢٠٠٣ م لم يشهد له التاريخ مثيل من حيث كونه عديم الأسباب والمبررات والمسوغات تماماً. وهذه الحقيقة انتهت إليها دولة الغزو نفسها وجميع شركائها وأعلنوها صريحة بلا لف ولا رتوش ولا دوران. فأميركا أعلنت رسمياً عن كذب تسويقاتها للعدوان، وبريطانيا حاكمت قرارها قانونياً وأقرت بباطل مشاركتها وبخداع رئيس وزرائها توني بلير وحكومته للرأي العام البريطاني والعالمي فيما تبناه من معلومات مخابراتية كاذبة.

   وتأسيساً على غياب سبب لغزو بلد مستقل وشعب مسالم فإن أول مخرجات الغزو هو فضائح متتالية وانكسارات عسكرية واقتصادية وفشل مدوي عاشتها وتعيشها أميركا وكل من شاركها جريمتها الأعظم في التاريخ.

    أميركا تصرح أن إيران والكويت هي دول تشارك وتعمل على إبقاء العراق دولة فاشلة متناسية ومتذاكية أن إدارتها وجيوشها وتكنولوجياتها واقتصادها وعلاقاتها وإعلامها هو من جعل دول الجوار تمد يدها وتعبث في العراق وتديم الفشل الذي صنع بغباء وروح بهيمية متوحشة سنة ٢٠٠٣ وبدءاً من يوم ١٩ آذار من ذاك العام المشؤوم الأسود. وإنها هي بدمها ولحمها من سلم العراق لإيران بعد تدميره لتحقق حلمها باحتلاله.

   أهم مخرج للعدوان هو إنتاج عملية سياسية طائفية محاصصاتية ميليشياوية تديرها أحزاب تابعة للأجنبي فاقدة للهوية الوطنية فاسدة قاتلة، مهمتها نهب العراق وتدمير شعبه وانهاء وجوده. يتبع ذلك انهاء سيادة العراق وفتح آلاف المنافذ لسرقة ثرواته ونهبها وتبذيرها وتجويع شعبه وفقدان الأمن ووقوع الهجرات والنزوح والاعتقالات والتصفيات الجسدية والانتقام من الشعب بوسائل متجددة ومبتكرة لإدامة سياسة الصدمة والترويع سيئة الصيت.

  ومن مخرجات الغزو حل جيش العراق واجتثاث الأحرار من أبنائه، الأمر الذي أدى إلى تهالك المؤسسة العسكرية والأمنية التي أنتجها الغزو ووقوعها تحت عوامل تعرية وذوبان وتآكل مستمرة، وتحويل وزارتي الدفاع والداخلية إلى بؤر للتعاقدات الفاسدة والعلاقات الظلامية والمناهج التي تديرها مافيات وعصابات مارقة أجنبية ومرتزقة.

  ولعل أهم مخرجات الباطل والظلم الذي وقع على العراق وشعبه هو وقوع أميركا في بداية النهاية وانهيارها اقتصادياً وتهافت قواها العسكرية وخسارتها لسمعتها كدولة هي الأعظم. وهذا هو ما وقع على بريطانيا من كوارث اقتصادية وأمنية حيث غزاها الإرهاب تماماً كما غزا أميركا قادماً من العراق ومحيطه الإقليمي. وكان إنتاج داعش الإرهابية وزج العراقيين في مقاتلتها نوع من التخبط المخابراتي الأهوج الذي أضاف للإجرام إجراماً وللفشل فشلاً وللتوحش وحشية. لقد شاركت كل دول العدوان وعملاؤها بإنتاج الإرهاب الداعشي وما سبقه وما تلاه.

   إن جائحة كورونا التي هدت العالم ومزقت اقتصاده يراها بعض العلماء منتجاً من منتجات الإرهاب الذي صنعته الولايات المتحدة وكان أحد مخرجات غزو العراق ولعنة من لعناته. ولعلنا لا نجافي الحقيقة أيضاً إن قلنا إن الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا هي عقاب رباني يعذب به الله سبحانه وتعالى أميركا وحلف الناتو ومن شارك معهما  .

  لقد أدى غزو العراق إلى سقوط أميركا كقطب أوحد وإلى انهيار فعلي لحلف الناتو الذي ساهم في غزو ليبيا وتدميرها . وإن ما حل بالمنطقة من تغول فارسي للنظام الإيراني وأذرعه الحزبية والطائفية وما نتج عن ذلك من تدمير سوريا وما يجري في السودان واليمن إن هي إلا مكونات بارزة من مكونات السقوط الأمريكي الغربي كناتج من منتجات العدوان الغاشم على وطننا وشعبنا.

   ستبقى تداعيات غزو العراق تأكل من جرف الولايات المتحدة وبريطانيا والصهيونية حتى يأذن الله بأمر آخر في عالم جديد مختلف يلوح في الأفق المنظور.






الثلاثاء ١٩ شعبــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أذار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الافتتاحية نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة