شبكة ذي قار
عـاجـل










في اوائل ستينات القرن الماضي ،كرّست السينما الغربية عمليات القتل المأجور عبر ما قدمته من انتاج اوروبي مشترك ( ايطالي،اسباني والماني ) لاحد اهم افلام الغرب الاميركي السينمائية التي تمجّد العنف والاستفادة من تناقضات الاخصام وتعميقها بدخول طرف غريب يقتل من هذا الجانب وذاك بهدف اضعاف الجميع اولاً والاستفادة من جني ما امكنه من اموال حملت كنية سلاح الغرب الاميركي الجديد ( الدولار ) وتكنّى الفيلم بعنوانٍ مستقى من ذلك الواقع حمل مسمى ( من اجل حفنة دولارات ) ترجمةً للعبارة الانكليزية :

A fistfull of dollars.

في اواخر العشرينات من القرن الواحد والعشرين الحالي ، تعود ( مواهب ) الغرب الاميركي - الاوروبي من جديد لتحط رحالها في ( الشرق ) المنكوب ليس لاستعادة افتراضية لسينما هوليوودية مجّدت حياة رعاة البقر ( cowboys ) العنفية التي تحصل على ما تريد بالعنف والترويض بالقوة وحسب، وانما للعودة ايضاً الى ( حفنة الدولارات ) التي بها يُستَعاض عن القتل بالمسدس والبندقية ،الى القتل بلقمة العيش وحبة الدواء وصولاً الى التحكم بمصائر ومستقبل امم وشعوب وتدمير دول.

لتقتل شخصاً او حتى شعباً دون ان تتلطخ اياديك بدمائه، عليك تركه يتضوّر جوعاً فلا تمدُه بأي اسباب للحياه من قوتٍ وماء،وان اقتضى الامر فلا تعطيه الا القليل الذي يجعله ذليلاً امامك،ولا بأس ببعض ماء ملوّث وهواء غير نقي، ولتعيق تقدُم امة ،انبش في تأريخها القديم عن كل ما اندثر وذاب من عوامل تفرقة وانحلال وأعد شحنها من جديد بالتزامن مع خلق الظروف المادية والسياسية التي تجعل مكوّنات الامة تلتهي بالقشور على حساب الجوهر وتعيش على هامش الحياه بدل ان تكون في قلبها وكل تفاصيلها الكبيرة قبل الصغيرة، ولتدمّر دول بكل قوتها وعظمتها،
عليك باقتصادها ابتداءاً من تحويل عملتها الى اصفارٍ مصفّرة فتجعلها تركع لدى اقل هزة ارتدادية تلحق بقوت شعبها وسبل معيشتهم ، تلكم هي ثلاثية الإذعان التي يعيشها المُعَذًبون على ارض المعمورة اليوم ولعالَمِنا الكبير من ًوطننا العربي وشعوبنا المقهورة النصيب الوافي بل الاوفى من كل ذلك ، لذلك لا مناحة في القول ان لبناننا يتحمل من تلك المعاناة ما يصعب على غيره من البلدان والدول ان يتحمل او يطيق ذلك، 

هذا ال ( لبنان ) الذي يعيش اليوم أسوأ واخطر مراحل انتقاله التاريخي من بلد ( سويسرا الشرق ) في الماضي القريب ،الى موزامبيق القارة الافريقية ،البلد الذي نال استقلاله السياسي عام ١٩٧٥ وهو افقر بلد في العالم ليشكل اليوم اعلى نسبة فقر لدى شعبه بعد سنين من المعاناة الاقتصادية ،وكأن الإفقار قدرُ مكتوبُ هنا وهناك ،فلا يتزحزح والازمات ترخي بثقلها على مستقبل الشعب وتجعل من حاضره كابوساً يرسمه له اشباحُ فاسدون لم يكتفوا بمصادرة كل اخضر ينبض بالحياة وانما سطوا على كل يابسٍ من حجر وإرض عطّلوا عليها كل انماء واخضرار وتراهم يلجأون بعد كل ذلك الى وضع اليد على مدّخرات اللبنانيين في المصارف ويستولون على جني عمرهم وعرق جبينهم ليحققوا سواسية الفقر والجوع وضيق ذات اليد على الجميع دون استثناء بين لبناني وآخر وطائفة ودين ومذهب ومنطقة.

انطلاقاً من كل ما تقدم نقول :
حذارِ حذارِ من اولئك الذين يُمعنون في تيئيس اللبنانيين فيدفعونهم الى بيع بيوتهم وممتلكاتهم العقارية بابخس الاسعار ،ويعرضون ارصدتهم المالية المحتجزة في المصارف الى البيع بثلث قيمتها النقدية بموجب ما يسمى ( الشيك بانكير ) للحصول على الدولار وتلك لعمري اوسع واوسخ ما يتعرَض له المودع من نصب واحتيال ينبغي عدم الرضوخ له ولو لجأ الى سف التراب في هذه الايام العجاف ،فذلك على مرارته لأهون مما ينتظرنا من هوان وتشريد ومنافي اختيارية لن نجد فيها المتسع من العيش الكريم وقد ضاقت بنا ارض آبائنا واجدادنا وآلينا على انفسنا ان لا نحافظ عليها مهما توالت المصائب وغلت التضحيات ،

وتلك هي ثالثة الاثافي التي ما بعدها شرً ولا مصيبة ولا كارثة كما تقول العرب.





الجمعة ٢٤ جمادي الاولى ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / كانون الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة