شبكة ذي قار
عـاجـل










ثمة حقيقتين أساسيتين يجب أن لا تغيبا عن بالنا في مقاربة معضلة الكهرباء في لبنان وهما :

١ - إن كارثة مرفأ بيروت وبالرغم أنها أصبحت من أولى أولويات المعالجة اليوم، فإن ذلك لا يجيز لنا أن تتناسى أو نتوقف عما يجري في مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة من إهمال وإضرار بمصالح البلاد والعباد.

٢ - إن الذي يدَّعي أبوته على وزارة الطاقة، لم يكن صادقاً البتة مع اللبنانيين عندما وعدهم بتخفيض العجز في مؤسسة كهرباء لبنان هذا العام ليتبين أن هذا التخفيض لم يكن سوى في المزيد من التقنين الكهربائي بمعدل غير مسبوق البتة وبالتالي صار من الطبيعي أن تنخفض فاتورة العجز ولكن ليس عن طريق المعالجات أو الإرشاد وإنما بحرمان اللبنانيين من الكهرباء اساساً والتحنن عليهم بساعتين لكل من الليل والنهار في اليوم الواحد.

فهل يعقل أن ترزح بلادٌ بأكملها تحت وطأة العتمة لفصل كامل من الزمن، وأي فصل، وللقارئ أن يتخيل كيف يكون الشعور البشري في ظل انقطاع الكهرباء مع بداية هذا الصيف في الأيام الأخيرة من حزيران إلى ما تلاها من شهر تموز وآب وأيلول وما فيها من حر وقيظ ورطوبة عالية.

وهل يعقل أن تعيش الناس وسط الشح غير المسبوق في استخدام المياه التي من المعروف أن القليل القليل منها لا يصل إلا عبر مولدات الكهرباء، وأن يتزامن انقطاع المياه والكهرباء مع عودة وباء الكورونا إلى "مسيرته" الأولى بعدما طمأننا وزير الصحة أن البلد صار خارج الخطر وتغلب على الوباء، فإذا بهذه الجائحة تعود فتقتل خيرة الشباب والشيوخ وتزج بالآلاف في الحظر الإجباري من المواطنين والوافدين.

أما المواطن فعليه أن "يتيمم" بعد ذلك كما يتيمم المقبلون إلى الصلاة وسط الصحراء بالتراب عندما لا تتوفر لهم مياه الوضوء!

إنها حقاً لمهزلة لم تسبقنا إليها اياً من دول العالم ما بعد الثالث بأشواط، فحتى هذه الدول تراها تنعم بالطاقة فيما نحن نسترجع ذكريات الأجداد عن الشمعة والقنديل وما كان يضاء على الكاز.

وإنها حقاً لمفارقة أن ينبري لتحمل مسؤولية كل ذلك وزير مسمى أكاديمياً تكنوقراط، يقول سجله الشخصي أنه حاصل على شهادة الدكتوراه في مجال الكهرباء وعمل أكثر من عقدين من الزمن في شركة كهرباء كندا وأستاذ جامعي في أهم جامعات لبنان ومستشار سابق لأكثر من وزير للطاقة، وأهم من ذلك أنه يخاطب الناس بصراحة ويكاشفهم بالحقيقة المزرية لحال الكهرباء في لبنان،

ومع ذلك يخالطك الشعور المزدوج تجاه هذا الوزير، كيف يشتمه الناس وكيف يواجه نقمتهم وغضبهم عليه في إحدى حلقات التلفزة المبثة على الهواء فيواجههم بابتسامة ولسان حاله يقول أنا معكم ولكم كل الحق أن تشتموا وتغضبوا وتزمجروا،

أما كيف يستمر بهذه الدوامة من اللعبة، ويقف مكتوف اليدين فلا يقدم على أية خطوة تحفظ له ماء وجهه، فتلك هي آفة الوزراء هذه الأيام والمستوزرين والمستنوبينوالمستشارين معاً، ليقودنا التساؤل بدوره إلى الجهة "الإصلاحية" التي تتشبث بحقيبة الطاقة والواعدة "التغيير" والتغيير على أياديها صار من سابع المستحيلات.

فكيف لها أن تعد ولا تفي بوعودها.

وكيف لها أن تستمر في ارتكاب الأخطاء والخطايا ولا تعترف بأي منها ولا تبادر إلى أن تسحب يدها من ملف الكهرباء عسى لغيرها أن يكون بيده الحل!

هذه الجهة تحكم على نفسها اليوم بإحدى الشبهتين :

الغباء المستحكم في عقولها، أو التواطؤ المستجد في مسيرتها محاولة أن تكسب ما عجزت عن كسبه في الماضي وتعويضاً لها عن ما نالها من إبعاد يوماً فجاءت اليوم لتستعيده ولكن وللأسف باسم الطائفة والمذهب ولتمسح من قاموسها كل ما كانت تتغنى به سابقاً من معزوفات وشعارات وطنية توحيدية انقلبت عليها جميعاً وفقدت مصداقيتها لدى ما صدقها يوماً ورأى فيها أن "لبنان القوي" قادمٌ لا محال.

كل شعاراتها الوطنية تقزمت لتهوي في مشروع شركة كهرباء سلعاتا الموعودة فيدرالياً لتفاخر بنفسها أمام المذاهب الأخرى دون أن يتصدى أي عاقل أو رشيد ينصحها ويدفعها إلى البدايات التي كانت فيها يوماً مشروعاً وطنياً مميزاً يصلح للعبور الحقيقي إلى الوطن، غير أنها وللأسف آثرت على نفسها أن تفضل الحظيرة على الوطن وتعلن أن نهاية الحكم "الشجاع" قد تمت على أياديها لا أيادي غيرهاممن كانت تتوهمهم خصوماً وأعداء.






الاحد ٢٥ محرم ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة