شبكة ذي قار
عـاجـل










بصراحة متناهية لا تخلو من الارتباك والخجل، أعلنها وزير الطاقة والمياه في الحكومة اللبنانية مؤخراً وهو يصرِّح بأن لا أمل في المستقبل المنظور لتأمين التيار الكهربائي على طول الأراضي اللبنانية وعرضها على مدى الساعات الأربع والعشرين التي يشملها ليل ونهار البلاد والعباد.

وأضاف أيضاً مستكملاً صراحته بأن العامين ونصف العام هي اقرب المسافات زمانية لكهرباء دائمة فيما لو تم إجراء المناقصات وتوفير ملايين الدولارات المطلوبة للبدء بالتلزيم وحسمها اليوم قبل غد، وتابع وهو يطمئن الناس بالقول :

أمضينا خمسة عشر عاماً على تقنين كهربائي ومولدات في المناطق، فماذا سيتغير عليكم أن بقيتم على هذه الحال السنوات القادمة أيضاً!

كلام الوزير "التكنوقراط" هذا، جاء ليبدد كل أمل أطلقه أسلافه الوزراء السياسيون الذي تولوا هذه الوزارة، وكأنه يفضحهم ويكشف نفاقهم وسوء تدابيرهم طوال السنوات الخمسة عشر الماضية معللاً القول بأنه للسياسيين منطقهم، وهو كتكنوقراط له رأيه الذي يريد أن يصارح به الناس كي لا يتوهموا ويعيشوا على كهرباء "الافتراض" بينما كهرباء "الواقع" تشي بما هو أسوأ وأفدح.

كلام الوزير المذكور، يأتي وسط الصخب الفضائحي الحاصل في كواليس وزارة الطاقة والمياه ودوائرها ودهاليزها.التي تبحث عن أكثر من كبش محرقة تعمي بأدخنتها عما هو متعلق بالفيول المغشوش وكهرباء البواخر والمازوت المهرَّب والعقد الملتبس مع شركة "سوناطراك" الجزائرية كدولة أو كمافيا يتحكمون بالشركة، إلى التقنين القاسي غير العادل لتوزيع الكهرباء على المناطق والمتسبب بعتمة جديدة يزيد من ظلامها وظلاميتها التقنين الآخر الذي بدأه أصحاب المولدات الكهربائية بحجة عدم توفر مادة المازوت، ويفاقم ما ينتظره اللبنانيون هذا العام من صيف حارٌ وشديدُ في آن ولتتبخر فيه كل أمال برغدٍ من العيش وسط هذا اللهب.

الأخطر من هذا وذاك، أن تتحول محطة كهرباء سلعاتا "الافتراضية" بدورها إلى مصدر نزاع سياسي لا سابق له يتخذ صفة الحاجة لثلاث محطات توليد في الزهراني ودير عمار وسلعاتا كواجهة غير مقنعة لأكثر من هيئة دولية ومحلية مختصة، بينما هو في الواقع يندرج تحت تقسيم طائفي –مذهبي جديد توزع فيه المحطات الثلاث على طريقة "المثالثة" التي يُحفر لها في دستور جديد ي "جبُّ" ما قبله من تعديلات طرأت على الدستور اللبناني في الطائف والدوحة، وفي ظل أقبح ما يسمعه اللبنانيون هذه الأيام عن طروحات فيدرالية - مناطقية يسعى أصحابها إلى تكريسها في النصوص بعد أن بدأوا يحفرون لها في نفوس اللبنانيين منذ زمن ليس ببعيد.

إنها سوريالية التكاذب التي لم تتغير في مشهديتها على مدى عقود ثلاث من السنين على الأقل، فيزيد من سوداويتها ما تقدم آنفاً على لسان مستشار برتبة وزير يكشف المستور، عن قصدٍ أو غير قصد، فيضيء مجدداً وسط كل ما نعيشه من عتمة هذه الأيام، على مروحة الفساد المتنقل في البلاد والتي تمثل الكهرباء الأنموذج الفاضح والصارخ فيها على أيدي من يرفعون الشعارات ويعملون بعكسها، ينادون بالعفة وهم المفسدون، يدّعون الوطنية وهم العاجزين عن مغادرة أقبية التعصب الطائفي المذهبي، الأغبياء في استشعار ما يحيط بهم وعليهم من حنق وغضب وكراهية غير مسبوقة، دون أن يدركوا أن الغد ما عاد يرحب بخطاياهم، وأن كل ما ينتظرهم بعد اليوم، ليس سوى لعنات اللبنانيين على أدائهم بعدما أودى غرورهم واستهتارهم إلى تدمير كل ما هو جميل ويصلح للحياة في هذا البلد، ومع كل ذلك ما زالوا يجاهرون بالقول وبوقاحة أنهم .. أقوياء.





السبت ١٣ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / تمــوز / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة