شبكة ذي قار
عـاجـل










من المؤكد أن إيران وبعد هزيمتها المرة التي كانت بطعم السم لدى ( خميني ) مؤسس جمهورية إيران الإسلامية في حرب الثمانينيات مع العراق، والتي استمرت ثمان سنوات تمكنت من تأسيس قاعدة صناعة عسكرية واسعة في اتجاهات متعددة معتمدة على بقايا أو أنقاض شركات الصناعة العسكرية في الاتحاد السوفيتي سابقاً، وتمكنت أيضاً من تطوير صناعة الصواريخ بالتعاون مع روسيا وكوريا الشمالية والصين، ولديها الآن ترسانة صواريخ متوسطة وبعيدة المدى تقدر بـ ( ٥٥ ) ألف صاروخ، منها ما يصل إلى مدى ٢٥٠٠ كم، وطورت إيران برنامجها النووي في نهاية الثمانينيات حيث كانت بداياته أواسط خمسينيات القرن الماضي أيام حكم الشاه محمد رضا بهلوي بالتعاون مع الولايات المتحدة، وقد تطور هذا البرنامج أواسط السبعينيات بشكل كبير بالتعاون مع الدول الغربية.

كذلك عملت الحكومة الإيرانية قبل عقدين من الزمن من تطوير البرنامج النووي وبات مصدر تهديد للمنطقة ما أثار قلق الدول الكبرى لتجاوزه الأغراض السلمية.

وعلى صعيد إنشاء أو صناعة الميليشيات وبعد تجربتها الناجحة في تأسيس ميليشيا حزب الله وحركة أمل في لبنان، كذلك تشكيل ما يسمى ( فيلق بدر ) وعدد من الفصائل العسكرية الأخرى من العراقيين الهاربين إلى إيران، كذلك تجنيد أو تأهيل عدد من الأسرى العراقيين واستخدامهم في حربها ضد بلدهم ( العراق ).

وبعد أحداث سبتمبر عملت إيران بنظرية ( ضع قدمك بجانب قدم القوي ) وتعاونت مع ما تسميه ( الشيطان الأكبر ) الولايات المتحدة على غزو أفغانستان والعراق، وقامت بتوسيع تجربة صناعة الميليشيات حيث أنشأت ميليشيات من أفغانستان وباكستان والعراق واليمن ودربتهم على القتال والأعمال الارهابية ومدتهم بالمال والسلاح، كذلك أنشأت عدداً كبيراً من الخلايا النائمة في دول الخليج وأوروبا، وباتت إيران تمتلك أذرع متعددة ومخالب جارحة قادرة على التنافس مع الكبار وتستطيع إلحاق الأذى بمن يقف أمام طموحتها التوسعية بالسيطرة على المنطقة.

وكان إنشاء هذه القوة على حساب الوضع داخل إيران حيث مضت غير مكترثة للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي يعيشه المواطن الإيراني.

الوجود الإيراني في عدد من دول المنطقة المتمثل بالمليشيات التابعة لها أو الخلايا النائمة، غير مرغوب فيه من قبل الدول الغربية، وأن أمريكا لا تسمح لدولة مثل إيران أن تهدد مصالحها، ولأن الأمريكان يدركون أن إيران يمكن أن تَخلُق الفوضى في عدد من دول الخليج أو تلحق الضرر بالمصالح الأمريكية، كذلك بإمكان إيران بغطاء الميليشيات الموالية لها القيام بعمليات خطف للرعايا الغربيين للمساومة وتحقيق بعض الأهداف كما تفعل مع الإيرانيين مزدوجي الجنسية حيث تزجهم بالسجون والمساومة على أمور معينة، فإن الأمريكان وفق فهمهم لتفكير صانع القرار الإيراني ويعلمون بنواياه وطموحاته وتطلعاته، ووفق تكتيك سياسي أعطوا لإيران فسحة زمانية ومكانية لكي تستنزف اقتصاديا وتتمدد وتتوسع في عدة جبهات، بالتالي يكون من الصعب إدارتها عملياً ولوجستياً، لكي تقع بالفخ أو المستنقع الذي سيكون من الصعب الخروج منه.

يأتي هذا مع حزمة كبيرة من العقوبات السياسية والعسكرية والاقتصادية، بالإضافة إلى توجيه ضربات عسكرية محدودة لتقليم مخالبها.

إن قوة الدولة لا تنحصر بما تمتلكه من قوة عسكرية وأسلحة صاروخية وأذرع خارجية أو برنامج نووي فقط، بل الأهم أن تمتلك قوة اقتصادية وجبهة داخلية متينة، ورأينا كيفية انهيار الاتحاد السوفيتي القوة العظمى في القرن الماضي، عندما أخذ يبني قوته العسكرية والدخول في سباق حرب النجوم التي استنزفت اقتصاده أبان الحرب الباردة مع أمريكا، وانعكست تأثيراته على حياة المواطن نتيجة سياسات حكومة طهران التوسعية والابتعاد عن وضع الحلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية واتباع سياسات القمع والتنكيل للمعارضين للنظام، فإن الوضع الداخلي في إيران بات قنبلة موقوتة، وأن الأمن القومي الإيراني يعاني من مشكلات كثيرة، أبرزها تململ الأقليات الدينية والعرقية ورفضها سياسات التفريس والعنصرية والتفرقة والقمع والتنكيل التي تتبعها سلطات طهران ضدها، وإذا ما انفجرت هذه الأقليات بثورات فلا تستطيع قوات الحرس الثوري والباسيج من اخمادها، كونها تتمركز في مناطق جغرافية محددة ومتعددة وكذلك بعدها عن المركز، والأمر الآخر أن شعبية ومقبولية رجال الدين لم تعد مقبولة حتى لدى الفرس الذين يشكلون نسبة ٥٠٪‏ كونهم يعانون ظروف معيشية صعبة ويشعرون بالعزلة، كذلك الوضع الاقتصادي الذي نخرته العقوبات الأمريكية ويواجه حالياً انخفاضاً حاداً في النمو وهبوط كبير في العملة وافلاس الشركات.

إن الأمريكان لا يريدون تقديم أية خسائر لاسيما البشرية، واعتمدوا على استخدام القوة الناعمة ( الدبلوماسية والحوار ) في صراعهم مع إيران وتمكنوا من دفع حكومة طهران إلى وهم القوة والتأثير والهيمنة، وأثارت شهوتها بالسيطرة على المنطقة عندما أطلقت أذرعها في بعض المناطق، كذلك زجها في الوقوع في جرائم الإرهاب الدولي في العراق واليمن ولبنان وأشغلتها عن التحديات الداخلية الكبيرة للأمن القومي الإيراني، ومن المؤكد أن الأمريكان لديهم توقيت محدد لإثارة هذه الملفات التي ستطيح بحكم الملالي.





الثلاثاء ٩ ذو القعــدة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الرحمن العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة