شبكة ذي قار
عـاجـل










تنوعت القصص البطولية والصمود الأسطوري لشبابنا في ساحة التحرير وساحات العز والشرف في محافظات الفرات الأوسط والجنوب، فما بين الصمود والبطولة والتضحية رسم الشباب العراقي الثائر أجمل الصور من أجل وطن حر آمن، وطن يؤمن لهم الأمان والسلام والاستقرار، والذي طالما كان حلما لهم.اليوم وبفضل تضافر الجهود، أصبح تحقيق هذا الحلم قريبا وسيتم الخلاص من كل أشكال الفساد التي عاثت في أرض العراق، أرض الأمجاد والحضارة والتاريخ.

صور بطولية شهدتها الساحات، فهناك طالبات تبرعن بمصروفهن اليومي لدعم أخوتهن الثوار، وهناك ماجدات جئن يحملن الأفرشة والمواد الغذائية، وهناك رجال جاؤوا يحملون صناديق الماء والعصائر والكمامات للحفاظ على الشباب من الغازات المسيلة للدموع التي أطلقتها القوات الأمنية الموالية للسلطة.

وشاهدنا موقف مشرف لأحدى الفتيات حين أصابت قنبلة مسيل الدموع عربة "تك تك" وأشعلت النار فيها قامت بنزع قلادتها الذهبية وتبرعت بها لصاحب "التك تك" وبعد رفضه أخذ قلادتها استعانت بالمتظاهرين لإقناعه بقبولها، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي إشادة واسعة بأصحاب عربات "التك تك" التي قام أصحابها بنقل المواد التموينية واسعاف الجرحى خصوصاً على جسر الجمهورية ..

لقد قرر المتظاهرون أن يجمعوا الأموال لتعويض خسائر أصحاب "التك توك" كونهم تركوا أعمالهم ومصدر رزقهم واستقروا في ساحة التحرير حيث كان لهم دور بطولي مشهود في اخلاء الجرحى والمصابين ونقل المستلزمات والعمل التطوعي، بالرغم من أنهم يشكلون الفئة الأكثر فقرا في المجتمع، وقد تعرض البعض من "التك تك" للعطل، لذا قرر بعض الناشطون والمتظاهرون إطلاق حملة لمساندة أصحاب "التك تك" ومساعدتهم مالياً لإتمام مهمتهم البطولية.

لقد ابتكر المتظاهرون طرقاً عدة للتواصل خلال التظاهرات والتجمعات الاحتجاجية لتجاوز مشكلات قطع خدمات الانترنت والتشويش على الاتصالات الهاتفية، وبين تلك الطرق استعمل الأبواق التي يطلقونها على شكل مجموعات لتعريف الناس بوجود تظاهرات، أو التحذير من خطر قادم خلال التظاهرة.فقد بدأ المتظاهرون باستعمال الأبواق منذ قطع الانترنت عن معظم المدن والتشويش على الاتصالات الهاتفية في الأيام الأولى للتظاهرات.

لقد ساهمت الماجدة العراقية في التظاهرات، حيث كانت الأكثر لفتا للنظر في الحركات الاحتجاجية، وكان حضورها طاغيا في الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي.وأكدت إحدى الناشطات وقالت : أنا في ساحة التحرير، ليس بوصفي متظاهرة بل كأم أخاف كثيرا على الشباب هنا وأتمنى ألا يهدر دم أكثر، وأخاف على من في ساحة التحرير وفي "جبل أحد" وعلى الجسر لأن أغلبهم ولد بعد عام ٢٠٠٣، ولم يعيشوا عهد ما قبل الاحتلال، لكنهم شعروا بالفساد الذي يحدث حولهم وبتحطم آمالهم، وأصعب شيء أن تعيش بلا أمل.

لقد عمل الشباب والشابات كخلية نحل، نظفوا الشوارع وصبغوا الأرصفة وزينوا الجدران بالرسوم.ان "جبل أحد" مبنى المطعم التركي الذي بدأت تسميته بنكتة أطلقها الشباب المعتصمون هناك عندما قالوا أرسلوا لنا سجائر ومأكولات كي نتمكن من الصمود ولا ننزل كما فعل المسلمون في أحد وتفشل الثورة، وتمكن المتطوعون من ايصال الكهرباء لهذا المبنى الذي كان مهجورا وجلبوا فرنا كهربائيا لإنتاج الخبز ومدوا أنابيب الماء وأصلحوا الحمامات.وباتت حديقة الأمة المجاورة لساحة التحرير مكانا يلتقي فيه الجميع ويتحاورون وينصبون الخيم ويدعمون المعتصمين في "جبل أحد".

لم تعد ساحة التحرير مجرد موقع للتظاهر والاحتجاج، بل باتت بالنسبة لنا وطنا.وطن اتسع كل شباب العراق، حيث توافد الشباب من مختلف المحافظات إلى الساحة ليقف وقفة عز وشموخ بوجه الظلم والطغيان والفساد، لقد كان الشباب الذين وصلوا إلى الجسر أو المطعم التركي بلا حماية تقيهم من الاطلاقات وقنابل الغاز المسيل للدموع وظلوا مرابطين من أجل وطنهم واستعادة مجده وكرامته وسيادته، لقد بهرني شعور التضامن والتكاتف الذي شاهدته هناك، مشهد يجعلنا نبكي ونفرح في آن واحد، لقد خلقت هذه الانتفاضة الباسلة جواً من الأمل والفرح من بعد غصة الوجع على أجمل شباب العراق الذين ارتقوا شهداء إلى سماء المجد، وشهدنا لأول مرة ومنذ احتلال العراق تآزراً بين كل طوائف المجتمع تحت شعار موحد هو "نريد وطناً".





الاربعاء ١٣ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أم صدام العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة