شبكة ذي قار
عـاجـل










جاء خميني لإستكمال المشروع الصفوي ، وكانت أولى كلماته عند وصوله إيران .. : سوف أقتل العراقيين ، وَسَأصدر الثورة الى كل مكان ، وجاء العملاء القادمين على ظهر الدبابة الأمريكية وخلف غبار عجلاتها بنفس الشعارات ولأجل نفس الأهداف.

وعندما أطلق القائد صدام حسين نهج التصدي للمشروع الإيراني ، واصفا إياه بالمشروع الذي يحمل اطماعاً توسعية ضد العراق بشكل خاص وضد الأمة العربية بشكل عام ، حينها انقسمت جماهير الأمة ما بين مؤيد لإيران ورافضاً لوصفها بالتوسعية ، ومؤيد للعراق ومؤكداً النهج التوسعي لدولة فارس ، ذلك النهج الذي لم يكن وليد تلك الفترة بل شكل على مدى التاريخ صراع تأريخي جعل من العراق ساحة لهذا الصراع كما تؤكد الأحداث والمعارك على مر التاريخ ، فعلى أرض العراق سقطت الامبراطورية الفارسية وامبراطورها كسرى ، وعلى حدود أرض الرافدين توقفت احلام الدولة الصفوية ، وعلى ثراه وترابه ماتت أحلام الخميني القادم ليحتل العراق ومن خلاله يقوم بتوسيع نفوذه ومشروعه على الأرض العربية ، ليأتي الاحتلال الامريكي للعراق عام ٢٠٠٣ ليفتح الباب من جديد للفرس وعملائهم للدخول مرة أخرى من بوابة العراق ويفرضوا سيطرتهم ونفوذهم فيها ومن أرضها يطلقوا وجودهم وأيديهم في الشام ويفرضوا نفوذهم في لبنان واليمن وغيرها ، ويخترقوا عقول أكبر عدد من افراد وجماعات الأمة ليفرضوا سيطرتهم هنا وهناك على الأرض العربية ويبثوا سمومهم في أجوائها.

فكانت أرض العراق وشعبه الشوكة التي وقفت في حلق أبناء فارس على مدار التاريخ ، منذ ما قبل ذي قار المعركة والى يومنا هذا ، يوم كانت العلاقة ما بين إمارة الحيرة ودولة الفرس حينها قائمة على التبعية ، وحتى يوم وقف النعمان وقفة العربي الشهم الذي يغار على شرفه وعرضه فكان مصيره ان غدر به كسرى وقتله ، فوقفت بعدها قبيلة بني شيبان وقفة رجل واحد ولم يذعنوا للفرس لتأتي بعدها معركة ذي قار لتكون إنصافا للعرب وقبائلهم وتسجل أولى انتصاراتهم على امبراطورية فارس ، لينتقل بعدها العرب من التبعية للفرس ومع ظهور الاسلام وقتها ليكون لهم دولتهم التي منذ بداية تشكيلها بدأ العرب بالتصرف كدولة لها مشروعها وأدواتها وأهدافها بعد أن كانوا مجرد مجموعة من القبائل المتفرقة والمتناحرة والتابعة اما للفرس أو للروم حينها.

منذ ذلك الحين بات العرب يبادرون لدرأ خطر أعدائهم بدلا من انتظار هجماتهم ومحاولة صدها ، فانتقلت جيوش العرب المسلمين من المدينة المنورة فكانت الأنبار والحيرة أولى الأرض التي فرضوا سيطرتهم عليها ثم انتقلت الجيوش العربية الى الشام ، وهنا بات الفرس هم من يجهزون عدتهم وعتادهم لصد هجوم العرب الذين كانوا بالأمس تُبعاً لهم ، لتأتي معركة القادسية في عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب وبقيادة القائد العربي المسلم سعد بن أبي وقاص لتتوج انتصار العرب المسلمين على الفرس وتسقط دولة فارس وعاصمتهم المدائن ، لتأتي بعدها فتح الفتوح ( معركة نهاوند ) لتصبح حينها دولة الفرس شيئا من الماضي.

حدث بعد تلك الأحداث والانتصارات أن تلاشت دولة فارس الى ان عاد الحلم الفارسي بثوب اسلامي على يد الشاه اسماعيل الصفوي الذي اقام حينها دولة فارسية صفوية بثوب دولة اسلامية وتبنى فيها المذهب الشيعي ليرقد تحت ثوبها دولة فارسية مخفية واستطاع وقتها احتلال العراق ليبدأ من خلالها التوسع في أطماعه على الأرض العربية لتقوم الدولة العثمانية معززة بنواة الجيش الذي تشكل من العراقيين حينها بصد الصفويين في معركة جالدران ، وليبقى الصفويين محتلين لأراضي عراقية لمدة تزيد عن ٢٦ عاما الى ان اعادها السلطان العثماني سليمان القانوني ، ليعيد الصفويين الكرة مرة أخرى وبعد أقل من ١٠٠ عام ليحتلوا العراق مرة أخرى في عهد شاههم عباس الكبير الى أن أعادها السلطان مراد الرابع بعد حوالي ١٥ عاما من احتلالها ، واستمرت المناوشات ما بين الصفويين والعثمانيين الى أن جاءت الفترة التي انهارت فيها الدولة العثمانية التي كانت تحكم معظم الأرض العربية حينها ، وليترك العراق في أيدي المستعمر البريطاني في الداخل ودولة الفرس المتاخمة لحدوده ، ليعود بعدها الشاه الذي كان على رأس دولة الفرس عام ١٩٣٧ حيث تحول اسمها حينها ل ( إيران ) ، ليعود مع حلفائه الذين استغلوا ضعف العراق حينها ليبدأوا من جديد في التوسع على حسابها فألغوا معاهدة أرضروم التي كانت قائمة منذ عام ١٨٤٧ ومن ضمنها ترسيم الحدود بينهما فبدأ الفرس بإسمهم الجديد ( الايرانيين ) بالمحاولة للسيطرة على شط العرب بعد أن سيطروا على الأحواز العربية واحتلوها فجاءت بعدها اتفاقية جديدة بين الحكومة الملكية في العراق حينها والفرس بصبغتهم الجديدة وهي نفس الاتفاقية التي نقضتها ايران عام ١٩٦٩ والتي كان من خلاله اعلان الحرب على الدول العربية والتي في نفس الفترة احتلت الجزر الإماراتية من قبل إيران ليعودوا بعدها مرة أخرى الى المفاوضات وتكون وقتها اتفاقية الجزائر عام ١٩٧٥ التي اغفلت دعم الشاه للأكراد العراقيين لإشاعة الفوضى وزعزعة الاستقرار في العراق.

ليأتي بعدها ما لم يكن بالحسبان بقدوم الدولة الصفوية الجديدة عام ١٩٧٩ لتقلب الموازين ، وبعودة الحلم الصفوي في ايران الفارسية من جهة وفي التصدي للمشروع الفارسي القديم الجديد من قبل العراقيين والدولة العراقية بقيادة البعث من جهة أخرى ، ليعود خميني الى ايران قادما من المنفى في فرنسا ليركب على الثورة الشعبية التي حدثت في ايران وقتها ضد حكم الشاه ليصل الى الحكم ويعلن ايران جمهورية اسلامية ، ويعلن في نفس الوقت انه سيصدر الثورة الى كل مكان يتواجد فيه الشيعة ، ويبتدع وقتها فكرة الامامة بشكلها الحالي وينصب نفسه نائبا للإمام المنتظر والمرشد الأعلى والولي الفقيه ، ولتعود أرض العراق مرة اخرى أول ما يتطلع اليه الخميني لزرع بذرته فيها ، وليبقى العراق المطمع الدائم لأبناء فارس ، ولتأتي الأقدار أو مجريات الأحداث أو ما شئنا نسميها ليكون صدام صاحب النهج العربي القومي هو من بات يحكم العراق مع بداية تصدير الخميني لثورته كما شاء ان يسميها هو واتباعه وقتها لتبدأ بعدها الحرب العراقية الايرانية .. القادسية الثانية .. أو قادسية صدام كما اندرجت اسماؤها عند كل طرف حينها لتحصد ما يزيد عن مليون ونصف المليون من الطرفين ليتوقف بعدها المشروع الصفوي ولو مؤقتا بعد هزيمة ايران عام ١٩٨٨ لتأتي بعدها حرب الخليج أو أم المعارك كما شاء أن يسميها الأطراف حينها لتقلب الموازين مرة اخرى حينها ، وليصبح العراق مرة اخرى فريسة للفرس المهزومين الذين يعتبرون بلاد ما بين النهرين بأرضها وشعبها تابعة للامبراطورية الفارسية وليأتي عام ٢٠٠٣ لتحتل امريكا العراق بعد احدى عشر عاما من الحصار والمؤمرات والمخططات ولتسلم العراق لأتباع ايران على طبق فارسي ، هؤلاء الأتباع الذين تربوا في عباءة الخميني ليدخل العراق المزيد من تُبع ايران وأتباع مرشدها دون قتال ، ولتفرض ايران ومن خلال المحتل الأمريكي سيطرتها على العراق وتعيث فيه القتل والدمار والفساد من خلال أتباعها وحرسها الثوري الذي دخل العراق بصيغ عدة ، وتؤسس الميلشيات الطائفية التي ذهبت قتلا وتشريدا في العراقيين وتُلون الشوارع العراقية بالدم وتشيع الفتنة الطائفية في كل مكان هناك ، وليتحول بعدها العراق أرض سهلة بأيدي الايرانيين ، ثم ليصبح الطريق الذي يمر من خلاله الفرس الى سوريا لتمد حينها أيديهم من طهران الى العراق وسوريا وبيروت ليتحقق حلم فارسي يزيد عمره عن مئات السنين.

ولتنقسم الأمة من جديد ما بين مؤيد للمشروع الفارسي أو مخدوع به وتابعين له واخرين مؤمنين بهذه الأمة وحق شعبها بالحرية والتحرر وأن هذه الأمة باذن الله لن تموت ، كما أن العراق لن يموت ، وأطراف أخرى ملتزمة بالصمت تتقاذفها مصالحها الذاتية من يد هذا الى يد ذاك .. ومن يد ايران الى أيدي الصهاينة التي باتت متغلغلة في المدن العربية وفي الأنفس المريضة التي تجوب شوارعها طولا وعرضا.
وليأتي عام قد يكون عام ٢٠٢٠ أو بعده ليكون للانتفاضة العراقية الكاسحة والقادمة لا محالة

بإذن الله ..
وبإسم تاريخ العراقيين الطويل ، الشاهد على دحرهم للغزاة ،
بإسم الشهداء الذين تخضب ثرى العراقيين بدمائهم ،
وبإسم حضارة تمتد لالاف السنين ،
حيث خرج العراقيين عام ٢٠١٩ بانتفاضتهم من الأرض التي كانت تظن ايران انها معقلا لهم والحاضنة للمشروع الفارسي الجديد ، من البصرة في الجنوب لتمتد شمالا حتى بغداد ،
ومنها باذن الله
ستكون حتى نينوى ودهوك

معلنين أن العراق لن تكون بوابة لايران ولا أرض خلفية لها مطهرين أرضها بدمائهم حتى عودتها لأهلها ، العراقيين .. أصحاب الأرض والتاريخ ، ولتصدح حناجرهم معا :
ايران برا برا .. العراق تبقى حرة ..





الاربعاء ١٩ جمادي الاولى ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الثاني / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المهندس صهيب الصرايرة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة