شبكة ذي قار
عـاجـل










لم تكن دكاكين التعليم الخاص بالأمر الجديد أو المستحدث على الحياة التعليمية الخاصة في لبنان، وإنما تمتد في تجذرها لعقود مديدة من السنين بالتزامن مع إنشاء الإرساليات الأجنبية وغيرها من المعاهد الخاصة التي ما كانت لتنمو وتتوسع إلا على حساب التربية والتعليم الرسمي ومؤسساته.

وهي ( أي دكاكين التعليم ) وأن بدت متسترة ببعض القوانين وخجولة إلى حد ما قبل حرب السنتين 75-76، فإنها استفحلت كظاهرة مريضة ونافرة بعد ذلك ولا سيما حين بدأت الكانتونات المناطقية تفرض نفسها على الحياة السياسية اللبنانية وتفرض معها مؤسساتها التعليمية الاجتماعية الخاصة في نفس الوقت لتزدهر تجارة التعليم الخاص عبر إعطاء التراخيص العشوائية لقوى الأمر الواقع لتفرض بدورها متنفذين طارئين على العلم ولا يملكون من القدرات سوى قربهم من أصحاب القرار الذين لم يكونوا ليبالون بأية انعكاسات سلبية تعليمية على الناشئة من الطلبة اللبنانيين، طالما هنالك من يشجع على التفتيت الممنهج للمؤسسات الشرعية اللبنانية وتحويل التعليم إلى سلع تشتري وتباع على حساب المثابرة والاجتهاد.

لا يزيح ما تقدم قيد أنملة، عن إحدى الفضائح المجلجلة التي شهدتها أروقة التعليم الخاص في لبنان مؤخراً بعد وقوع حوالي 1700 طالبة وطالب لبناني، ضحايا على مذابح ومصالح "نصابي" المدارس الخاصة من دكاكين العلم المدعومة من موظفين داخل وزارة التربية، كما كشف عن ذلك وبشكل رسمي وزير التربية اللبناني وهو يصدر قراره بمنع هؤلاء إلى 1700 طالب وطالبة من التقدم لامتحانات شهادتي البريفية والثانوية العامة بعد ما تبين أنهم قد وقعوا ضحايا مدارس وهمية غير مرخصة استحصلت على كل ما هو متوجب منهم من متوجبات مالية بالرغم من فقدانها الرخص القانونية بذلك.

ومع التأكد بأن ما حصل ما كان ليحصل لولا فساد بعض الموظفين المتواطئين في سبيل جني الأرباح، ومع اللفلفة والتسويات التي أبدى أكثر من طرف سياسي لتعديل قرار وزير التربية الذي أُتهم بأسوأالنعوت وأبشعها على العلن، من قبل ذوي الطلبة المتضررين.

فإن هذه الصحوة المتأخرة التي كشفت مستور بعض ما يطفو علىسطح الفساد التربوي والتعليمي اللبناني الخاص، يدفعنا إلى المطالبة إلى فتح ملف التعليم الخاص على مصراعيه وعدم الاكتفاء بما تقدم دون الغوص في الأعماق. خاصة أن الوزير المعني بذلك قد اعترف بوجود مواجهة ( شعبوية ) لقراره، الهدف منها تكريس هذه المدارس والدكاكين أمراً واقعاً، بل أن هنالك من اتهمه بخوض هذا المضمار لأسباب ذاتية وحزبية بحتة.

فهل يتراجع الوزير كما فعل أسلافه، أم يستمر في إبقاء هذا الملف مفتوحاً وهذا ما يتوجب عليه فعله، متسلحاً بالناس وبأولياء الطلبة والطلبة اللبنانيين الذين من الظلم الفادح إدخالهم في منظومة الفساد اللبناني القائم على حساب تدمير حاضرهم ومستقبلهم الواعد والمنشود.





الجمعة ٦ محرم ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيلول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة