شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكرى الثانية والتسعين لميلاد الدكتور عبد المجيد الرافعي في حضرة السّيف والميزان أمتثل أرنو لرهبته، وَهناً، وأنفعل أحتار ما حيلتي؟ في مُوقف عجب فتنحني هامتي، حيناً، وتعتدل اجثو، وللعدل تعظيم وتكرمة بينَ الوَرى، وَبِهِ التعويل والأمل أتلو تعاويذ أحداث وذاكرة فاقرأ العُمرَ مِيعاداً، وارتحل نعم، سيف وميزان في حضرة العدل، هذا هو عبد المجيد الرافعي... فمن ذا الذي يقدر أن يقف موقف العدل لكي يُنصف السيف ويُعطي الميزان حقه؟

سيدي الحكيم ..
ماذا أقول في ذكراك، وقد قالوا وأسهبوا؟ وماذا عساي حينَ أفصح عن مكنونات نفسي أن أعلن؟ إنّ ما بين السر والمعلن مسافات لايعبرها عقل ولا يتحمّلها جهد. فأحتار من أينَ أبدأ حديثي معك اليوم، واليوم ميلادك الثاني والتسعون، ميلاد فتى تفوّق على ذاته وهو طالب علم في بداية القرن العشرين حتى تخرج من سويسرا طبيباً، وكانت طرابلس تحبو على طريق الحداثة التعليمية، فكنت منارة أضاءت حالك الظلمة في موعدها فلم تتأخر زماناً، كما أنها لم تتأخر ظرفاً عند ممارسة مهنة الطبابة، لتحولها إلى رسالة الطبيب. ألا تكفيك شهادة الناس فيك؟ فلماذا طوّرت رسالتك لتقتحم ميادين السيف والميزان والعدل عاقداً العزم على استرجاع حقوق شعبك، ونصرة قضايا أمَتِك؟ فإن حصلت على شهادة أهلك في الوطن اللبناني الصغير بأنك طبيب الشعب، فقد حصلت على شهادة أهلك في الوطن العربي الكبير بأنك الرفيق المناضل.

سيدي الحكيم ..
يكفيني من دنياي أنني رافقتك سحابة ستين عاماً، رفيقاً وتلميذاً، لأكون لك صديقاً أميناً، ولذلك فإنني أشعر بفخر يكاد يحملني فأطير عندما أستحضرك أمامي، وأنت تسكنني في كل حين. وقد كنت حريصاً على تمثلك في كل شيء يصدر عنك، وكل شيء تأتيه عن قصدِ أو عن طبع فيك.. حتى أنني ورثتك في أوجاعك وأنت تعاني سكرات المرض الذي رافقك طويلاً وأنت واقف كالنخلة المعطاء على ضفاف دجلة. فإنني أشعر أنني وريثك حتى في المرض. وأشعر أنّ ذلك منحة أودعتني إياها تلك الرفقة التاريخية لرجل تاريخي استثنائي. فغمّدث سيفك، وأعملتُ ميزانك، وأقمتُ العدل فيك. وكنتُ الأمين على ميراثك في البقاء قرب رفيقة دربك الرفيقة المناضلة ليلى بقسماطي الرافعي، كما كنت حريصاً على أن تكون هذ هي وصيتك الأخيرة لي.

سيدي الحكيم ...
لن أقول وداعاً، ولا إلى اللقاء، فأنت معي في كل حين. أكلمك، وأستشيرك، وأرافقك في كل عمل آتيه أنا، ولا أقول ترافقني أنت، فلم يتغير شيء، أنا التلميذ الذي يرافق معلمه حيّاً أو ميتاً.





السبت ٨ شعبــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / نيســان / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هشام عبيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة