شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ وصوله للرئاسة قبل سنتين والرئيس الأمريكي رونالد ترامب يشرّق ويغرّب في تغريداته وكثرة تصريحاته والتي يخصنا منها ما يتعلق بالعراق والتدخل الفارسي اذ ابدى عدم رضاه عن سلفه الضعيف أوباما وتردده إزاء النظام الإيراني ،ويأخذ عليه تسهيله توقيع اتفاق فيينا النووي في عام 2015 الذي وصفه بانه سيء للغاية آنذاك ،كما انه اعتبر غزو العراق واحتلاله عام 2003 خطأ استراتيجياً ووعد بإصلاح الأوضاع ،وبعد انسحابه من الاتفاق النووي في حزيران /يونيو الماضي اكد مطالبته ايران بالخروج من سوريا والعراق مع ميليشياتها والتخلي عن سياستها في التوسع ورعاية الإرهاب وزعزعة استقرار وأمن المنطقة معلناً ، الى جانب إعادة العقوبات القديمة ، عن حزمة من العقوبات المشددة والتي طبقت في 4 آب / أغسطس الجاري وستبلغ ذروتها بمنع ايران من تصدير النفط ومشتقاته وحظر التعاملات المالية مع البنوك الايرانية وذلك في 6 تشرين ثاني / نوفمبر المقبل ، وقد أدى هذا التصعيد الى انهيار الوضع الاقتصادي وهبوط سعر الريال الإيراني الى اكثر من النصف اذ وصل سعر الدولار 131 ألف ريال منتصف تموز الماضي، وخسائر بازار طهران وهياج الشارع الإيراني المنذر بالانفجار بوجه الملالي وسياستهم في اضطهاد الشعوب الأخرى كالعرب الاحوازيين والكرد والبلوش والاذريين والتركمان والافغان، واستنزاف موارد البلاد على الإرهاب والبرنامج النووي والتسلح الصاروخي والتدخل في هذا البلد واحتلال ذاك! اذ ردد المتظاهرون الشهر الماضي " لا ، لا لحكم الملالي" و" لا للولي الفقيه ، وليسقط الدكتاتور خامئني " و" فكروا بالشعب واتركوا سوريا وغيرها من الدول" و" ويل لكم اذا رفعنا السلاح" كما ان الشركات الكبرى وتعاملاتها واستثماراتها في ايران،قد تأثرت سلبياً، اذ انسحبت وألغت وعلقت عقودها العشرات من الشركات الكبرى ابرزها توتال النفطية الفرنسية وبيجو ورينو للسيارات ودايملر الألمانية وسيمنزالعالمية وجنرال ألكتريك وايرباص لصناعة الطائات والعديد من الشركات الامريكية والكورية وغيرها وعلى سبيل المثال ألغت شركة صنع اعربات القطارات السويسرية عقداً بمليار دولار! وشركة ديلم اندستريال ألقت عقداً بملياري دولار! كماعزفت شركات اوربية عديدة عن التورط بعقود مع ايران، وتهّرب مدراء الشركات من اللقاء بروحاني خلال جولته الاوربية الأخيرة في حزيران ـ يونيو الماضي ! ومع ذلك فان ملالي ايران ومسؤوليهم وقادة الحرس الثوري حاولوا التقليل من أهمية العقوبات والتهديد بالقدرة على الرد بما يردع الامريكان وغيرهم من الاقدام على فرض العقوبات المشددة ،ويجمعون على ان هناك من سيقاتل نيابة عن ايران ضد الولايات المتحدة بعيداً عن حدود ايران الإقليمية ، اذ يقول ولاياتي مستشار الرئيس الإيراني " وحدة العراق وايران كفيلة بهزيمة الامريكان" وبهرام قاسمي الناطق باسم الخارجية يؤيده بقوله " ان ايران ستقاتل الامريكان بشباب العراق وامواله " ويضيف حسين دهقان وزير الدفاع " نستطيع الرد على أي تحدي بما لدينا من قوة الحشد الشعبي في العراق وميليشياتنا في المنطقة وبما نملكه من قوة صاروخية" اما الرئيس روحاني فقد صرح اثناء جولته الأخيرة في اوربا "لا احد في منطقة الخليج سيصدّر نفطه اذا منعت ايران من ذلك " ونسي روحاني انهم من دعاة تحرير القدس عندما استنجد بالشيطان الأصغر (إسرائيل) بقوله " انتم مدينون لنا بمساعدتكم في انقاذ يهود بابل ،وعليكم رد الجميل برفع حبل خنقنا اقتصادياً"! وهدد سليماني قائد فيلق القدس بقوله "سنعطّل صادرات النفط في الخليج" يقصد اغلاق مضيق هرمز ؟! إضافة الى تصريحات قادة الحرس النارية ، وكما معروف عن النظام الإيراني الذي يتعامل بلين ويقدم التنازلات اذا كان المقابل متشدداً وحازماً ، والعكس يتحدى ويهدد ويستعرض قواه ويحاول التجريب و جس النبض ، ولاستباق فرض العقوبات الاقتصادية من قبل إدارة ترمب .. جاءت ضربة الحوثيين بصواريخ إيرانية لناقلة نفط سعودية قرب باب المندب ،واستهداف مطار أبو ظبي الاماراتي بطائرة مسيّرة ، انها رسالة ابرازالملالي للعضلات وانها قادرة على الرد ، حسب وصف روحاني،على "من يعبث بذيل الأسد"! حتى وان كانت الولايات المتحدة ؟!اذ ستقاتل ايران الامريكان من خارج أراضيها بواسطة اتباعها من ميليشيات عراقية ممثلة بالعصائب والنجباء وبدر وغيرها في الحشد ،وميليشيا نصر الله في لبنان ،والحوثيين في اليمن وميليشيات الأسد في سوريا ،والفاطميين الهزارة وطالبان في أفغانستان والقاعدة وداعش في الباكستان ، وما حصل في البحر الأحمر ومطار أبو ظبي ما كان ليحصل لولا السكوت الأمريكي بعد ان مكنّت واشنطن طهران من فرض هيمنتها على 4 عواصم عربية وعدم ردعها في مواصلة سياسة التوسع ودعم الإرهاب واقلاق المنطقة امنياً وتعريض حتى حلفاء واشنطن الى هذه المخاطر، فضلاً عن ان عدم اكتراث طهران بتهديد ووعيد ترمب الذي خبرته من انه لن يتعدى التغريدات والتصريحات؟! وعلمها بانشغال إدارة ترمب بملفات اهم وابرزها التركيز على التفاهمات مع روسيا بوتين فيما يخص الشرق الأوسط الجديد الذي تعمل على اقامته! وطهران ترى انه بهذه الوسيلة أي "الحرب بالنيابة " تستطيع ان تفرض وجودها وشروطها ،وابعاد أي مسبب لانفجار الوضع الداخلي بابعاد الحرب عن حدودها متناسية ان الداخل هو الذي يكتوي بشدة العقوبات ؟! فضلاً عن ان اللوم والحساب سيقع على غيرها سواء على اليمن او العراق او سوريا او لبنان ،ولن تكترث اذا ما سيكون احد هذه البلدان ساحة لحرب قريبة هي سببها ، كما ان التحريك بصاروخ من اتباعها الحوثيين على ناقلة نفط لغريمتهم السعودية او عملية ارهابية ضد هدف معين قد يظنها الملالي مؤثرة على ترمب ومعيقة للعقوبات ضد ايران وربما قد تؤدي الى ألغاء او تأجيل فرض العقوبات الاقتصادية المشددة او تخفيفها بالسماح بتصدير نسبة اقل من النفط الإيراني وما شابه ذلك ؟! ان التهاون والسكوت الأمريكي على ايران و التأخر في الرد والتعامل الجاد هو وراء تمادي نظام الملالي ،ولم تكن التصريحات الامريكية ترقى الى نارية وشدة التصريحات الإيرانية ذات النزعة التهديدية المعادية ، فالناطق بلسان البيت الأبيض اكد "ان دولتين فاسدتين في طريقهما الى السقوط هما ايران والعراق "! ولم يوضح كيفية اسقاطهما وكذلك تصريح وزير الدفاع ماتيس وقوله " ليس هناك خطة عسكرية لضرب ايران واسقاط نظام الملالي " فالاعتماد على العقوبات الاقتصادية والرهان على النقمة الشعبية التي يشهدها الشارع ونضال المعارضة الإيرانية المتصاعد لاسقاط النظام المتخلف ! ولا نعلم على اية معلومات ووفق اية معطيات بنى جون بولتون مستشار الامن القومي رأيه ،في خطابه في مؤتمر باريس للمعارضة الإيرانية العام الماضي بقوله وبثقة "انهم سيحتفلون مع المعارضة عام 2019 في طهران" ؟!! وبعيداً عن هذا وذاك ،فان المنطق والمصلحة العليا للدول وبالذات أمريكا والعالم الصناعي تؤكد انه لم ولن يسمحوا لإيران او غيرها من التعرض لتدفق النفط عبر مضيق هرمز او باب المندب ، انه خط احمر تدرك طهران خطورة الاقتراب منه لاسيما وان المنطقة تكتظ بالبوارج العملاقة للحلف الأطلسي وللولايات المتحدة فضلاً عن القواعد العسكرية الامريكية ابرزها قاعدة العديد في قطر وقاعدة انجرليك الأطلسية في تركيا وغيرها من القواعد البريطانية والغربية! كما على الملالي ان يدركوا ان الحاجة لهم كشرطي امريكي في المنطقة لم تكن ملحة كالسابق بعد ان صار الامريكان في المنطقة ،كما ان الولايات المتحدة لن تتوانوا عن التضحية باقرب الحلفاء اذا ما وجدوا انه لصالحهم ،ولهذا سيقدّم نظام الملالي تنازلات ويستجيب لبعض المطالب الامريكية كأن ينسحبوا من سوريا او التخلي عن الحوثيين وتجميد بعض نشاطاته هنا وهناك، لان فرض العقوبات يعني وضع مصير النظام بيد الشارع الإيراني الناقم والمحتقن .




السبت ٢٩ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. سامي سعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة