شبكة ذي قار
عـاجـل










ربما يتم التغاضي عن الكثير من الأمور الحياتية اليومية مقابل أن يتنعم الإنسان بصحة وعافية تبعد عنه أمراضاً وسقماً تؤرقا ليله، وتمنعا عنه لذة العيش، إلاّ أنّ المواطن العراقي، ومع الأسف الشديد، يفتقد لكل ملذات العيش الكريم في بلده، بالإضافة إلى المعاناة الكبيرة التي يواجهها مع دوائر وزارة الصحة العراقية الحالية، بسبب سوء التخطيط والاهمال المتعمد الذي تنتهجه وزارة الصحة، والأحزاب التي استملت حقيبة الصحة منذ تاريخ الاحتلال في نيسان 2003 ولغاية اليوم، ولو استعرضنا بشكل سريع لمحات عن تلك المرحلة لوجدنا العجب العجاب في عمل تلك الوزارة ودوائرها ومسؤوليها .

۞ أول إنجاز ( عظيم ) قامت به وزارة الصحة في بداية عهد الاحتلال هو الاستغناء عن افضل وامهر الاطباء الاختصاص العراقيين، وفي كل الاختصاصات الدقيقة، بحجة انتمائهم للنظام السابق، ومن ضمنهم الاطباء العسكريين، ومن لم تستغنِ عنهم قامت مليشيات الاحزاب الحاكمة وغير الحاكمة بتصفيتهم جسديا وقتلهم في بيوتهم او في عياداتهم، ومن لم تقتله هددته بالاختطاف شخصيا او اختطاف احد ابنائه او احد افراد عائلته مما اضطرهم لمغادرة العراق الى غير رجعة لبلدان مجاورة او غربية.

۞ تم بالمقابل الاستعانة بأطباء غير مختصين ( موالين للاحزاب الحاكمة ) او ممرضين و مضمدين او خريجين جدد من غير ذوي الخبرة لشغل المناصب الفارغة، مما عرض حياة المواطن لخطر شديد اضطر على اثره المواطن ان يسافر ايضا ليبحث عن العلاج في بلدان مجاورة او بعيدة، متكلفا كل المخاطر والذل والتكاليف المادية، لكي ينجو بحياته من المرض ومن القتل والتصفية، حيث باتت المستشفيات المراكز الصحية بؤرا للتصفية على الهوية وحسب الاسم والانتماء القومي والمذهبي والديني.

۞ شهدت الفترة من تاريخ الاحتلال وحتى اليوم اهمال واضح للمستشفيات والمراكز الصحية والطبية الحكومية والخاصة، حيث اصبح المواطن الداخل لها، والمريض اصلا، معرضا لحمل العديد من الامراض الاخرى بسبب سوء التعقيم وضعف وانعدام الرقابة على غرف العمليات والطورائ والانعاش، والتي يجب ان تعقم بشكل يومي ونصف يومي وبعد اجراء اي عملية او فحص او معاينة، وعلى هذا الاساس انتشرت امراض التهاب الكبد الفيروسي والسل والالتهابات الرئوية والتايفوئيد والحصبة، وغيرها من الامراض الانتقالية، والحميات بين المواطنين وبشكل مخيف أشرته منظمة الصحة العالمية لأكثر من مرة، في وقت تفتخر فيه العديد من بلدان العالم بخلوها من تلك الامراض منذ عشرين سنة وربما اكثر كما كان في العراق قبل الاحتلال.

۞ وبسبب سوء التخطيط والإهمال ظهرت العديد من الامراض التي كانت قد اختفت من العراق منذ فترة طويلة ومنها شلل الاطفال والكوليرا، بسبب سوء اللقاحات او انتهاء مدة صلاحيتها او استيرادها بصفقات فاسدة.

۞ في العراق وحتى تاريخ الاحتلال في 2003 كانت الحالات المسجلة لمرض نقص المناعة المكتسبة تبلغ مائة وسبعة وعشرون حالة فقط، وكانت السلطات الصحية في العراق تحجر على المصابين في مصحة خاصة منعا لانتقال المرض وانتشاره، وكذلك حفاظا على صحة حاملي المرض بسبب حساسية مرضهم والاحتمالية العالية لتعرضهم لأمراض اخرى بسبب فقدهم للمناعة، اما بعد تاريخ الاحتلال فإنّ نسبة حاملي المرض ارتفعت لأعداد كبيرة جدا تقدر حاليا بأضعاف العدد المذكور، بسبب انتشار المخدرات والعلاقات المحرمة خارج اطار الزواج ( الدعارة المنتشرة ) وانعدام الرقابة على الادوات الطبية وطرق نقل الدم في المراكز الصحية الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى أنّ الوزارة توقفت عن فحص الوافدين، وحتى المواطنين العائدين من الخارج، كما كان يحدث قبل الاحتلال، وبالتالي فإنّ أيّ مواطن يحمل المرض خارج البلد ممكن ان يعود به للبلد دون ان تعلم به وزارة الصحة، وبالتالي فإنّه ينقله ببساطة بالمخالطة واستخدام ادوات الغير، ناهيك عن مراكز الوشم والعلاج الطبيعي والتي هي عبارة عن مراكز موبوئة بالمرض، ومراكز دعارة بغطاء تجاري وخارج سلطة وزارة الصحة والرقابة بشكل عام.

۞ اكبر مستشفيات العراق ومجمعاته الطبية تفتقر لأبسط مقومات الصحة والعلاج، فالفئران تنتشر في أروقة وطوابق تلك المستشفيات، والكلاب السائبة تتغذى على مخلفات تلك المستشفيات، لأنّ المخلفات لا تعدم كما هو موصى ومعمول به عالمياً، وبالتالي فإنّها ترمى خارج المستشفى مع القمامة والمخلفات التقليدية لتكون مرتعا طبيعيا ومصدرا لغذاء الحيوانات السائبة والذباب والبعوض، ومن هنا تعود لتنتشر الامراض مجددا.

۞ اغلب المستشفيات الحكومية تفتقر لنظام التبريد والتدفئة المركزية، كما أنّ الأسِرّة وأغطيتها مليئة بالدماء وآثار المرضى السابقين، والأرضيات متسخة ولم تنظف منذ مدة، وهنالك العديد من المستشفيات تفتقر لغاز الاوكسجين ولمادة المخدر المستخدم في العمليات، ومضادات الالتهاب والشاش والقطن، ويطلب من المريض وأهله شراء تلك المواد من خارج المستشفى لإتمام تطبيبه.

۞ الأطباء سواء كانوا مقيمين او اختصاص او متدربين يخشون ان يكملوا اي عملية نسب النجاح فيها متوسطة او ان يستملوا حالات حرجة وخطرة، بسبب عدم وجود حماية للأطباء، لأنّ المريض إذا توفي خلال العملية او المعاينة او العلاج فإنّ عائلته تلقي باللوم على الطبيب وتدخله في ( كوامة وطلب عشائري ) ممكن أن يصل به إلى دفع ملايين لعشيرة المريض المتوفي كي ينقذ نفسه، او احيانا يصل الامر الى الموت.

۞ الأدوية الاعتيادية وأدوية الأمراض المزمنة، تباع تجاريا ولا توفرها الدولة بسبب التقشف كما يدعون ( وبسبب السرقات والصفقات الفاسدة ) ولكن ممكن ان تتواجد تلك الادوية على الارصفة وعند السماسرة، والذين هم اذرع لشبكات يديرها مسؤولون كبار في الدولة، كما إنّ مناشئ الادوية اغلبها تجارية وغير معروفة، وليست من شركات لها خبرة، والمواطن ليس بيده حيلة غير أن يشتري لأن حياته متعلقة بهذا الدواء، وإن كان مغشوشا او ان المادة الفعالة فيه كميتها اقل، حسب طلب التاجر الذي استوردها بطلب من المسؤول الفاسد في الدولة!! في الوقت الذي تم فيه تحجيم عمل مصنع سامراء للأدوية والذي كان ينتج افضل انواع الادوية في منطقة الشرق الاوسط.

۞ مستشفيات الامراض الخبيثة على امتداد العراق تفتقر للادوية والاشعاع والعلاج الكيميائي الكافي لعلاج جميع المرضى ونسب الوفيات تزداد شهريا ( وليس سنويا ) بمعدل وفاتين لكل اربعة مرضى.

۞ المستشفيات غير مُأمّنة بخط ( الطاقة الامن ) كما في كل دول العالم وكما كان معمول به قبل الاحتلال، أيّ أنّ المستشفيات مشمولة بالقطع الكهربائي غير المبرمج، وتعاني اغلب مستشفيات الجنوب من انقطاع الكهرباء عن اقسام الولادة والخدج مما يسبب وفياة عديدة بسبب الطقس الحار او البارد او بسبب انقطاع الاوكسجين وغيرها من ضروريات وجود الطاقة في تلك المستشفيات !!

- إذن ماذا فعلت وزارة الصحة ووزراؤها ومسؤولوها ؟!

وزارة الصحة العراقية الحالية مع كل الوزراء وكل المسؤولين فيها، الذين استملوا حقيبتها منذ نيسان 2003 ولغاية اليوم، عملوا على عقد مئات الصفقات الفاسدة وحولوا ملايين وربما مليارات الدولارات الى الخارج بأسمائهم واسماء الاحزاب التابعين لها، واشتروا بها املاكا في الخارج، او اسسوا بها شركات استيراد دواء، كما انهم تعاقدوا مع العديد من الشركات الوهمية لبناء مستشفيات ومستوصفات ومراكز صحية ولم يتم تنفيذها، وتم تقاسم مبالغ القروض الخاصة بتلك المشاريع وتحويلها الى حسابهم الخاص، كما إنهم وبإنجاز عظيم وغير مسبوق، قاموا بتغيير اسماء جميع المستشفيات لأسماء جديدة تحمل سمة المرحلة الجديدة، كما ان احد وكلاء وزير الصحة قام ببناء ( برج للحمام الزاجل ) في طابق الوكيل، لكي يمارس هوايته الخاصة بتربية وتكثير الحمام، كما أنّ الوزيرة نفسها قامت بإصدار ( قرار تاريخي ومهم جدا ) ينص على فرض مبلغ يصل إلى أربعين ألف دينار عراقي ( مايعادل اثنان وثلاثون دولار امريكيا ) لكل مراجعة لأي مستشفى او مركز صحي حكومي، تماشيا مع سياسة التقشف والتمويل الذاتي، في وقت يعاني فيه نصف العراقيين من البطالة، والحد الأدنى للأجور في العراق يبلغ ثلاثمائة وخمسون الف دينار عراقي، كما انها قامت بذات الوقت بعقد صفقة استيراد احذية طبية يستخدمها الاطباء في العمليات، أجنبية المنشأ قيمة الواحد منها ( تسعمائة دولار )، حيث أنها اتفقت على استيراد آلاف منها، ولا يسعنا أن نقول إلاّ ( لك الله يا عراق ويا شعب العراق ).

يتبـــــــــــــــع ...

لجنة الثقافة والإعلام
هيئة طلبة وشباب العراق / تنظيمات الخارج





الاربعاء ٢٨ جمادي الاولى ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / شبــاط / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة