شبكة ذي قار
عـاجـل










أيّها الحضور الكريم
الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات

تحية النضال والثورة والعروبة للمؤتمر رئاسة وأعضاء من رفاقكم في نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
تحيّة النّضال والعروبة من تونس الخضراء

وبعد،
إنّه لمن دواعي الفخر أن ينعقد مؤتمركم هذا بغاياته النّبيلة ودوافعه الأصيلة في هذا الظّرف الحسّاس والمعقّد الذي تمرّ به أمّتنا العربيّة، ليعبّر عن الإدراك العميق والوعي المتقدّم بمشاغل الأمّة وهموم الوطن واستحقاقاته الحقيقيّة وانتظارات الجماهير العربيّة وهما اللّذان نراهما لبنتين أساسيّتين في برنامج النّهوض لمعالجة الأوضاع العربيّة والتّصدّي للاستنزاف الهائل للأمّة أرضا ومقدّرات وتاريخا وحضارات وموارد بشريّة.

لا تزال أمّتنا العربيّة تتعرّض لتكالب الأعداء عليها وتواتر المخطّطات والمؤامرات والدّسائس العاملة على إنهاء دورها الحضاريّ وفعلها وإسهامها في البناء الكونيّ فضلا عن قطع كل الطّرق عليها لمنعها من تحقيق وحدتها وتحرير أرضها المنتهكة واسترجاع حقوقها المغتصبة، بل إنّ وتيرة استهداف العرب بلغت اليوم كما تلامسون ونلامس معكم، درجات غير مسبوقة من حيث الخطورة والتّسارع والتّداعيات للحدّ الذي باتت فيه أمّتنا المجيدة تعيش على وقع منعطف كارثيّ لم تعرف له مثيلا رغم ما تعرّضت له وعاشته خلال القرون الماضية من تردّي ووهن وتراجع شامل.

الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات
تتقاذف أمّتنا اليوم أخطار لا حدّ لها، وتجتمع عليها كل الجهات النّهّابة والدّوائر الاستعماريّة والأطراف التّوسّعيّة الامبرياليّة سواء القديمة أو الصّاعدة. وتتّفق كلّ تلك الحلقات المتآمرة وتتجاوز تناقضاتها الكلّية وصراعاتها لتلتقي عند السّعي الحثيث لمزيد الاعتداء على الأمّة العربيّة واستهداف الأمن القوميّ العربيّ وشفط ثروات العرب علاوة على العمل على معاودة تقسيم الخارطة العربيّة وتفتيت الوطن وتشريد أهله والتّنكيل بهم.

لقد باتت العروبة مهدّدة أكثر من أيّ وقت مضى، ويطال هذا التّهديد المستويات كافّة، ويتغذّى من منسوب حقد دفين على العرب يطبع فعل المتكالبين عليها للحدّ الذي غدا فيه ارتكاب شتّى أنواع الجرائم والمجازر وأكثرها غطرسة ووحشيّة أمرا مباحا.

ولقد أدّى هذا إلى تولّد وتكشّف حقيقة مفزعة شديدة القتامة تتمثّل في ملامسة واقع جديد تتعرّض فيه العروبة واقعا وممارسات لأفظع الكوارث ألا وهو اجتثاثها واقتلاعها من جذورها.
إنّ اجتثاث العروبة لم يعد الحديث عنه ضربا من ضروب المبالغة ولا التّهويل، بل إنّه وفي مفارقة عجيبة، أضحى بدوره دون سقف الحكم الموضوعيّ على ما ترزح تحت الأمّة العربيّة.

الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات
لقد شكّل غزو العراق عام 2003 من طرف أمريكا وحلف الشّرّ العالميّ من خلفها زلزالا حقيقيّا مدمّرا اجتاح الأمّة كلّها، وما الأوضاع العربيّة الرّاهنة على مأساويّتها إلاّ ارتدادات حتميّة ناتجة عن ذلك الزّلزال.

ويبقى العجز العربيّ عن إدراك هذه الحقيقة مؤسفا وصادما، حيث لم يعبّر أداء العرب رسميّين ونخبا وجماهير في السّواد الأعظم عن استيعاب ما حدث فعلا، ولم يرتق بالتّالي فعلهم لما يشي بالعزم على احتواء ما جرى والتّفكير في إصلاحه من جهة وفي التّصدّي للرّهانات المعادية من ورائه من جهة ثانية.

فاحتلال العراق من طرف أمريكا ثمّ من قبل إيران بالوكالة، هو الباب الذي تسرّبت منه كلّ المكائد الماكرة التي أعدّت بدقّة ويجري تنفيذها بإحكام في وطننا الكبير.

لقد ساهم الأمريكان بعدما فتحوا كلّ أدوات الحرب التّدميريّة واستخدموا جميع أسلحتهم الفتّاكة في العراق، بغضّهم الطّرف عن إيران الفارسيّة الصّفويّة في إغراق العراق في دوّامة من الجراح والمآسي لا نهاية لها لم يسلم منها لا البشر ولا الشّجر ولا الحجر، لتتعمّق معاناة العراق بعد إطلاق اليد الطّولى لإيران الحاقدة على العراق والعرب منذ فجر التّاريخ وميليشيّاتها الطّائفيّة الإرهابيّة الدّائنة لها بالولاء الأعمى فتعيث هذه المجاميع الإجراميّة الإرهابيّة في بلاد ما بين النّهرين فسادا فاق كلّ الفساد الذي عرفته الإنسانيّة، فأضحى التّقتيل على الهويّة قوت العراقيّين اليوميّ، وغدا التّهجير القسريّ وتشريد المستضعفين مشهدا مألوفا وطبيعيّا وما كان كذلك حقيقة، واحتدمت المخاطر بانتهاج إيران لحرب إبادة عرقيّة وعنصريّة شاملة ومفتوحة على كلّ العراق من زاخو للفاو تصبّ كلّها في دائرة التّغيير الدّيموغرافيّ القائم على قدم وساق بهدف طمس عروبة العراق تهيئة لتقسيمه واجتثاثه من حاضنته الطّبيعيّة العربيّة وإلحاقه ببيت الطّاعة الفارسيّ الصّفويّ الخبيث وتحييد العراق عن الاستحقاقات القوميّة العربيّة بما يجرّد الأمّة من ضلع مهمّ واستراتيجيّ كان دوره ثابتا ومشهودا له على مرّ التّاريخ.

الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات
إنّ ما يحدث في ليبيا وسوريّة واليمن، وما تتعرّض له مصر من مؤامرة خطيرة، وما يتربّص بأقطار المغرب العربيّ والخليج كلّها نتائج غزو العراق أوّلا، واستكانة العرب وخاصّة الأنظمة الرّسميّة ثانيا وقعودها عن دورها وتحمّل مسؤوليّاتها القانونيّة والسّياسيّة والأخلاقيّة ثالثا.

وإنّنا نأمل أن يكون هذا المؤتمر بما ينطوي عليه من حسّ وطنيّ وقوميّ عالي ومن حكمة القائمين عليه والمشاركين فيه وفطنتهم ومن عزم نضاليّ أصيل على الدّفاع عن الوجود والأمن والمصير العربيّ مثابة يؤسّس لإعادة العمل الشّعبيّ لفاعليّته وألقه وثقله فيشكّل كتلة ضاغطة ضغطا إيجابيّا على الجهات العربيّة الرّسميّة فتنصبّ جهودها من اليوم على الانخراط في مسيرة الثّورة العربيّة الكبرى بمدلولات الثّورة واستحقاقاتها كافّة.

إنّ جماهير الأمّة وعلى عكس بعض القراءات المعزولة عن واقعها، تنتظر إطارا وفضاء وفعلا طلائعيّا يسنّ لها طرق الخلاص والتّحرير، ذلك الطّريق الذي إذا ما ارتسمت معالمه فإنّه سيغصّ بالثّوّار والأحرار والحرائر العرب.

الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات
تمثّل هبّتكم النّضاليّة هذه للتّصدّي للخطر الصّهيونيّ والخطر الإيرانيّ الفارسيّ سنام خطّة المواجهة القوميّة العربيّة، وتشكّل نواة المدّ القوميّ العربيّ الجديد الذي ينهل من موروثنا بل ومن واقعنا المعيش، ويتغذّى أساسا من بطولات جماهير أمّتنا ونخبتها المقاومة والماسكة على جمر المبادئ في زمن عزّ فيه الوفاء وراج فيه التّشجيع على التّفسّخ والانبتات والتّغريب.
إنّ المقاومة العراقيّة الباسلة ومشروعها التّحرّريّ الوطنيّ والقوميّ، ومقاومتنا الأحوازيّة المجاهدة، ومقاومتنا الفلسطينيّة البطلة العظيمة، بما تخطّه من ملاحم الصّمود والشّموخ والإباء، وبما تسطّره من مآثر عطرة فوّاحة خالدة تنضح استعدادا لا مشروطا للدّفاع عن الأرض والعرض والإنسان والوجود العربيّ، إنّما هي أساس انطلاقة أيّ فعل سياسيّ وثقافيّ وفكريّ وقانونيّ بل إنّها جوهره ومثابته وبوصلته الحقيقيّة.

الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات
إنّ اختياركم الصّائب والوجيه للتّصدّي للخطرين الصّهيونيّ والإيرانيّ الفارسيّ الصّفويّ نابع من قراءة سليمة ومتطابقة مع الواقع العربيّ الرّاهن.
حيث ومثلما تشكّل الصّهيونيّة العالميّة وكيانها الغاصب في فلسطين المحتلّة تهديدا وجوديّا لا لفلسطين فحسب بل ولكلّ الأمّة العربيّة، فإنّ إيران باتت هي الأخرى تهديدا وجوديا مضافا للأمن القوميّ العربيّ كاملا رغم محاولاتها الخبيثة للمناورة ومداراة خططها التّوسّعيّة العنصريّة الشّعوبيّة على حساب العرب.

فمشروع إيران لا يختلف البتّة عن مشروع الكيان الصّهيونيّ، ذلك أنّهما يتماهيان أسلوبا وممارسات وغايات، وينطلقان من حقد دفين على العرب جمع بينهما طويلا بل ومنذ بدئ التّاريخ ليوثّق أواصر الألفة بينهما والتّحالفات الاستراتيجيّة الموثوقة منذ إسقاط بابل على يد كورش ويهود بابل مرورا بتحالف الفرس قديما مع اليهود في احتلال اليمن وصولا للتّحالف مع البرتغاليّين والإنجليز في العصر الحديث ثم لما عبّر عنه أبطحي في إقراره بالدّور الرّياديّ والإسهام الفعّال لإيران في احتلال العراق والذي لولاه لما تسنّى للأمريكان تحقيق مراميهم منه.

لا تخفي إيران العنصريّة الحاقدة على العرب، عداءها لهم ولا تتورّع عن المجاهرة بنواياها التّوسّعيّة على حسابهم، ولا يتردّد جنرالاتها وديبلوماسيّوها وملاليها في التّعدّي على العرب والاستخفاف بهم والاستهتار بحقوقهم للحدّ الذي بات فيه الفرس يتبجّحون بكلّ صفاقة عن نجاحهم في احتلال أربع عواصم عربيّة كبرى ويهدّدون بالمزيد خصوصا في الخليج العربيّ ناهيك عن جرائمهم العنصريّة في الأحواز العربيّة الجرح النّازف كما فلسطين، وبقيّة جرائمهم السّاديّة في العراق واستحواذهم وسيطرتهم على مفاصل القرار في سوريّة ولبنان واليمن.
وإنّ عدوانيّة الفرس للعرب ثابتة تاريخيّا في كلّ تفاصيل حياتهم حيث تغصّ أدبيّاتهم بازدراء العرب وادّعاء التّفوّق عليهم ووجوب إذعانهم لهم صاغرين أذلّة.

وما يضاعف من الخطر الفارسيّ بلا ريب هو أجندا التّغلغل وأسلوب التّمطّط النّاعم الخبيث في الجسد العربيّ الذي يتفاقم أذاه يوما بعد يوما خصوصا في الشّطر الإفريقيّ من الوطن العربيّ الكبير، هذا بالإضافة للأسلوب القبيح والسّياسة الفارسيّة التّقليديّة القائمة على نشر الطّائفيّة وتكريس الاختلافات المذهبيّة والتّحريض والدّفع نحو الاحتراب العربيّ العربيّ على أسس إثنيّة وعرقيّة ما من شأنه أن يزيد من تخريب النّسيج المجتمعيّ العربيّ.

وإنّنا حين نشدّد على التّماهي بين المشروعين الفارسيّ والصهيونيّ، فإنّنا لا نتحدّث من فراغ ولا ننطلق من عداء مجانيّ عبثيّ، ولكنّ هذا ما تؤكّده الممارسات اليوميّة الصّفويّة والصّهيونيّة، وهو التّماهي الذي لا يمكن أن يخفيه ادّعاء حالة من العداء الوهميّة المكذوبة بين العدوّين التي لا تتجاوز جلبة التّصريحات الإعلاميّة الجوفاء والتّراشق بالتّهم والتّهديدات المتبادلة.

فكما تعمل عصابات الغصب الصّهيونيّة على تهويد فلسطين وتشريد أهلها ونفيهم، تعمل إيران على تفريس الأحواز العربيّة والعراق وسوريّة واليمن ولبنان، وكما تلاحق أجهزة الموساد المقاومين الفسطينيّين يتعقّب جهاز اطّلاعات المقاومين العرب ويتكفّل بتصفيتهم، ومثلما ينتهك الصّهاينة سيادة الأقطار العربيّة تستبيح إيران أضعاف أضعافها، ولكن تزيد إيران فوق هذا فتغتال العلماء العرب وتحاصر المقاومين وتمزّق المجتمع العربيّ عبر غرس مخالب ميليشياويّة طائفيّة توكل لها مهمّات التّخريب والتّقتيل وذلك باستغلال الادعاء بالانتماء للدين الإسلامي الحنيف وهو منها براء.

الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات
إنّ مقاومة الصّهيونيّة في واقعنا الرّاهن لا معنى له ما لم يكن مقرونا ومتلازما مع مقاومة المدّ الإيرانيّ الفارسيّ الصّفويّ، بل إنّ مقاومة الفرس ووأد برامجهم التّوسّعيّة الاستيطانيّة هو أساس مقاومة الصّهيونيّة بالنّظر لما تقدّمه إيران من خدمات جليلة للمشروع الصّهيونيّ عبر تمزيق العرب وإغراقهم في بحور من الدّماء وهو ما عبّر عنه الخميني منذ استيلائه على ثورة الشّعوب الإيرانيّة بعدوانه الإرهابيّ الغادر على العراق ذلك العدوان الذي لم ينقطع لليوم.

وعليه، فإنّنا نهيب بمؤتمركم الموقّر أن يبذل ما في وسعه خصوصا في باب التّوصيات على التّشديد على توعية جماهير أمّتنا وتثويرها وبسط هذه الحقائق أمامها بطرق كلّ الأبواب المؤدّية لذلك استعدادا لقبر أحلام أحفاد كسرى وبن العلقمي ولتفويت الفرصة عليهم لاجتثاث العروبة وتشظية العرب.

الرّفاق والإخوة المحترمون
الرّفيقات والأخوات الفضليات
ختاما، نسأل اللّه أن يوفّق مساعيكم النّضاليّة الأصيلة.
ونتمنّى لمؤتمركم كلّ النّجاح والظّفر.

كما نرفع لتونس العزيزة دولة وشعبا أكبر عبارات الامتنان والشكر والحب لاحتضانها المخصوص لهذا المؤتمر وتوفيرها كل ممهدات نجاحه.

نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
عنهم / البروفيسور كاظم عبد الحسين عبّاس
 





الخميس ٢٥ ربيع الاول ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / كانون الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة