شبكة ذي قار
عـاجـل










مما لا شك فيه أن استقالة رئيس الحكومة شكلت مفاجئة سياسية،لم يكن أحد يتوقعها استناداً إلى الأجواء التي كانت مخيمة على الواقع السياسي اللبناني.لكن ما إن أعلنت الاستقالة حتى كثرت التأويلات بشأنها،وذهب بعضهم إلى أن الحريري قرأ نصاً مكتوباً،وهو قيد الإقامة الجبرية،في السعودية،خاصة وأن ( الاستقالة – الحدث ) جاءت في لحظة اقدام السلطة الحاكمة على اصدار أوامر توقيف وتحفظ بحق العديد من الأمراء من الأسرة الحاكمة وبعض رجال الأعمال .

وإذا كنا لسنا بصدد مقاربة القرار السياسي الرسمي السعودي بإجراءاته الداخلية،إلا أن ما يهمنا هو تسليط الضوء على السبب الكامن وراء إقدام رئيس الحكومة على تقديم استقالته من الرياض .

لقد ربط الحكومة سبب الاستقالة بالاشارة إلى أن أجواء باتت تحبط بوضعه كالتي كانت سائدة قبيل اغتيال والده،وهو حدد سبباً سياسياً جوهرياً لاستقالة هو الموقف من الدور الإيراني في المنطقة ومنها لبنان،ولهذا ذهب البعض إلى اعتبار أن خطوة الحريري أتت انفاذاً لأمر عمليات سعودي ولوضع لبنان في خانة المحور السعودي. هذا البعض لم يشر لا من قريب ولا من بعيد للمواقف الايرانية الأخيرة حيال المنطقة العربية عامة،وحيال لبنان خاصة .

وعندما يقول رئيس الجمهورية الايرانية أن الترتيبات السياسية في سوريا والعراق ولبنان واليمن وشمالي افريقيا لن تجد طريقها للنفاذ دون موافقة ايرانية،فهذا يعني أن ايران هي على طاولة الترتيبات السياسية لانتاج الحلول .وهذا الكلام الذي أطلقه روحاني،أعلنه بشكل أكثر وضوحاً مستشار الشؤون الدولية للمرشد علي خامنئي عندما زار لبنان وأعلن من القصر الحكومي عن انتصار محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق وبالتالي وضع لبنان ضمن هذا المحور وحيث يعتبر أن النظام الايراني نفسه هو الصانع الأساسي لهذا الانتصار إن عبر تدخله المباشر وإما عبر القوى والأذرع السياسية والعسكرية والأمنية المرتبطة به .

وبالعودة إلى تصريحات مسؤولين إيرانيين سابقين،تقول بأن إيران باتت تسيطر على أربعة عواصم عربية،بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء فهذا إقرار من طهران بأن بيروت باتت تحت السيطرة الايرانية.ولذلك فإن رئيس حكومة لبنان عندما يقول بأن الدور الايراني يسعى للهيمنة والسيطرة على لبنان ،فهو لا يختلق وقائع وإنما يستحضر المواقف الايرانية وعليه فإن من الطبيعي أن لا يكون رئيس حكومة لدولة مستقلة يعتبرها النظام الايراني تحت سيطرته .

إن استقالة الحريري أحدثت ولا شك صدمة سياسية،وهي أسست لمرحلة جديدة من التعاطي السياسي مع لبنان .وإذا كان من تفسير سياسي للتوقيت السياسي،فالتفسير أنها جاءت في وقت بدأت ترتسم فيه مشاريع الحلول السياسية للأزمات التي عصفت بالكثير من المواقع العربية،وهذه الحلول التي أصبحت مدولة،فإن أدوار قوى الاقليم والقوى الداخلية ذات الصلة بالتنفيذ ستدخل مرحلة التوضيب السياسي ومنها الدور الايراني. وطالما عمد النظام الايراني إلى اعتبار نفوذه مقرراً في معطى الوضع الاقليمي ، فإن بروز أزمات سياسية إنما هو سببها ومنها الاثر الذي ستتركه استقالة الحريري. وطالما أراد هو ذلك،فليكن لبنان على طاولة البحث السياسي في ترتيب الحلول لأزمات المنطقة.

ولماذا الاستهجان من استقالة رئيس الحكومة ؟

أن الموقف السعودي واستطراداً موقف رئيس الحكومة هو رد فعل على موقف إيراني،وبالتالي فإن من دفع الحريري للاستقالة هو ما يقوم به النظام الايراني والضغط الذي يمارس مباشرة وبالنيابة .وعليه فإذا كان من طرف يتحمل مسؤولية تأزيم الاوضاع السياسية فإنما هو نظام طهران والحل هو خروجه من وهم الهيمنة والسيطرة والتغول في الواقع العربي والعودة إلى عقلنة خطابه ودوره لأجل نسج علاقات إيجابية بين الأمة العربية والدولة الايرانية .

Email : hasan_bayan@hotmail.com
Tel : 03/294067





الجمعة ٢١ صفر ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / تشرين الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة