شبكة ذي قار
عـاجـل










للأرض أربعة فصول تتناوب فيما بينها بالأشهر كل له وقته المعلوم وسماته المختلفة لا يجتمع إثنان بصفة فللربيع والصيف سمة وللخريف وشتائه أخرى, ولكن يبقى للصيف والشتاء ميزة الإختلاف فهما متضادين يحتكم الوقت بينهما, كذلك حال كل شيء في هذا الكوكب الأرضي.

ومن المعروف أن الصيف هو الشمس والجمال والطبيعة الخلابة وهو الحرية بلا قيود, والشتاء هو الظلام وأُفول الطبيعة وقيود البرد, وهنا حقائق بعيدة عن خواطر الشعراء وأدبيات الكون, فرمز الصيف هو الحياة والموت هو أحد مضامين الشتاء.

كذلك هو حال وطننا تمتع قاطنيه بصيفه المزدهر على مر التاريخ مانحاً الكون من خيرات شمسه وشعاع علمه, كما مر بشتاءه عدة مرات, فهكذا هو حال الكريم ذا اليد المبسوطة لابد أن تتربص به أعين الحاقدين, رغم ذلك عاد بشوقه للأزهار متفتحاً بربيع جديد رافضاً قيود البرد والموت القارس.

وطننا اليوم يعاني من شتاءه مرة أخرى, هذه المرة ليست كبقية المرات فالبرد قد زاد سواده حتى أصبح يهدد بالإنكسار وكلما هم الربيع بالنهوض إزدادت حدة البرد وشدته عليه, مانعاً بذلك شمسه من الطلوع خوفاً من الذوبان.

سبب هذا الثلج عدة أزمات فهو ليس كغيره من نقاء ناصعة البياض بل تميز بالسواد الداكن المعتم, يحاصر تلال الصيف من كل جانب ويزيل البهجة بغيوم الهموم.

ونظرة سريعة على ما سببه هذا الشتاء الأسود

قطع الطرق بأكوام من الصبات الثلجية والحبات السود المنتشرة على طرقه, تعطل الخدمات من ماء وكهرباء لإنتشار العفن الفاسد, إنجماد التعليم الذي ضربت به الأمثال سابقاً كمثال للتقدم والتفوق لطغيان البرودة, قتل الخيرات الزراعية والصناعية والتكنلوجية لعدم طلوع الشمس وتدمير وتغييب ملاجئ وقايتها.

وقتل الملايين من سكان هذه الأرض نتيجة لإهمال المسوؤلين وإنعدام وسائل التدفئة والرعاية الإحتضانية, ولا تزال الأرواح تزهق هدراً بلا ذنب سوى أنها أحبت الدفئ وحريته.

في حين كان الربيع مترونقاً بإزدهاره ومتوهجاً بشعبه, يذلل المستحيل لخدمة العالم والتطور العلمي والصناعي والزراعي.

لا تقتصر هذه التغيرات على الجماد بذاته فقط بل وتشمل معانيها الإنسان, فالنفس البشرية تتأثر بهذه الأجواء, تنطوي على ذاتها شتاءاً وتتفتح كالأزهار ربيعاً, فهي إن رحل الصيف تشتاق لعودته وتحلم بربيعه, يعززها يقين عودته وهو ما يمنحنا الأمل ويقلب قوانين المعادلة ليكون الشتاء هو الدافع للنضال والكفاح المستعر لتحرير ربيع أرضنا الأسير من براثن الشتاء الغاصب, نحث السماء لتمطر بدلاً من القيود "زخات أمل" تُسلحنا بالصبر ضد هذا الفصل القاسي.

ويبقى الأمل دافع لتحقيق أحلامنا بالحرية.
 





الاربعاء ١٢ صفر ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تشرين الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند الدوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة