شبكة ذي قار
عـاجـل










خلال وجوده في النمسا، أجرت إحدى القنوات العربية التي تبث من "فيينا" حواراً مع الرفيق حسن بيان، نائب رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي حول حزب البعث العربي الاشتراكي وما آل إليه. وقد أجرى المقابلة الإعلامي الأستاذ محمد الاسواني ومن أبرز ما تم التطرق إليه وتسليط الضوء عليه ظروف تأسيس الحزب والمراحل التي مر بها على مستوى واقعه التنظيمي والأزمات التي عصفت به والنظرة إلى المستقبل.

س : ماذا عن معطيات التأسيس وهل صحيح أنه أسس انطلاقاً من خلايا في الجامعة الأميركية في بيروت؟
ج : إن حزب البعث الذي أعلن عن تأسيسه رسمياً في السابع من نيسان 1947، كانت بدايته في دمشق وفي جامعتها، وليس من الجامعة الأميركية، في بيروت، لكن بعد التأسيس وانتشار أفكاره تشكلت خلية للحزب من الطلاب العرب الذين كانوا يدرسون في الجامعة الأميركية في بيروت، ومنهم المرحوم الدكتور سعدون حمادي من العراق والدكتور علي فخرو من البحرين وغيرهم من الطلاب العرب ومن لبنان. وأن هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم وعودتهم إلى أقطارهم عمدوا إلى تأسيس خلايا حزبية، واصبح للحزب وجوداً فاعلاً على المستوى الجماهيري وخلال فترة وجيزة وخاصة في أقطار المشرق العربي، في سوريا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين واليمن.

س : من هي الشخصيات التي لعبت دوراً في تأسيس حزب البعث؟
ج : إن الشخصيات التي كان لها دور في تأسيس حزب البعث، كثيرة لكن أبرزها الأستاذ ميشيل عفلق، إضافة إلى صلاح البيطار وشبلي العيسمي وآخرين وإذا كان التأسيس الرسمي أعلن في 7 نيسان /1947، لكن التبشير بأفكار البعث بدأ في نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات وتحت اسم حركة البعث، والبعث العربي إلى أن استقرت التسمية على اسم حزب البعث في المؤتمر التأسيسي وهو اعتبر المؤتمر القومي الأول لأن الذين شاركوا في أعماله كانوا ينتمون إلى أقطار عربية مختلفة وكثيرون منهم كانوا يتابعون دراستهم في جامعة دمشق. وبعد توحيد حزب البعث مع الحزب العربي الاشتراكي الذي أسسه المرحوم أكرم الحوراني، أصبح الحزب يحمل اسم حزب البعث العربي الاشتراكي، وكانت تجري مفاوضات مع الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة كمال جنبلاط بغية الدمج، لكن لم تصل الأمور إلى مآلاتها كما حصل مع الحزب العربي الاشتراكي،

س : هل يمكن اعتبار حزب البعث، حزباً يسارياً؟
ج : إن لا استسيغ هذه التسمية فحزب البعث هو حزب ثوري تغييري، انطلق من واقع الأمة، مشخصاً مشاكلها ومحدداً سبل خلاصها والتي لخصها بثلاثيته، الوحدة والحرية الاشتراكية، وهذه العناوين تترابط جدلياً، لكن الحزب أعطى أرجحية معنوية للوحدة، باعتبارها الإطار الذي تتوحد فيه جهود الأمة وتنصهر فيها إمكاناتها، لمواجهة التجزئة والتخلف والاستلاب القومي وإذا كانت اليسارية تعني التغيير والتقدم فحزب البعث هو يساري بامتياز

س : هل يمكن القول أن عبد الناصر قد سرق أو صادر أهداف البعث؟
ج : لا، عبد الناصر لم يسرق شعار البعث، بل تبنى أهداف البعث بإعادة ترتيب أولوياتها، حرية – اشتراكية، وحدة، وهذه هي أهداف الأمة وكل من يتخرط في مشروع قومي عربي بأبعاده التحريرية والتحررية والتوحيدية سوف يجد نفسه ضمن إطار هذه الأهداف، باعتبارها الأهداف التي تحاكي مصالح الجماهير وتعبر عن توقها نحو التقدم.

س : كيف تقيمون العلاقة مع عبد الناصر؟
ج : إن العلاقة مع عبد الناصر مرت بمراحل مختلفة، ففي المرحلة الأولى، وهي مرحلة الخمسينات، كان الحزب يرى في عبد الناصر قائداً عربياً، أعاد لمصر موقعها الطبيعي في مسيرة النضال العربي وهو كان شخصية "كاريزمية"، بمعنى شخصية جاذبة وشعبيتها كانت قوية على مستوى الوطن العربي.

وعندما بدأت مباحثات الوحدة بين مصر وسوريا، أصر عبد الناصر على حل حزب البعث لأنه لم يكن يستسيغ وجود الأحزاب وعملها وقد وضع ذلك "شرطاً". وقد برزت آنذاك وجهتا نظر في الحزب، واحدة رفضت حل الحزب، وأخرى رأت أن تحقيق الوحدة وخاصة بين مصر وسوريا، "بيستاهل" تضحية بالذات، وهذا كان رأي الأستاذ ميشيل عفلق، وقد رجحت كفه الرأي الثاني، وحل الحزب نفسه في الساحة السورية فقط دون سائر الساحات العربية الأخرى ومفترق بأن قرار حل الحزب كان خطأ رغم المبررات القوية.

أما المرحلة الثانية، وهي المرحلة التي دب فيها الخلاف بين الحزب وعبد الناصر، ونعترف بأن نتائج هذا الخلاف كانت سلبية جداً على الأمة العربية، ولو كانت العلاقة بين عبد الناصر وحزب البعث سارت في تطور إيجابي تصاعدي، لكانت ظروف الأمة أفضل بكثير نظراً لتكامل الأدوار بين دور الحزب كحركة شعبية، وعبد الناصر كقائد سياسي. وأن شعبية الناصر كانت أقوى من شعبية الحزب ولهذا أثر الخلاف على شعبية الحزب، ونظرة الحزب لعبد الناصر تبقى إيجابية جداً رغم إشكاليات الخلافات التي مرت بها العلاقة بين الطرفين.

س : ألم يتبنى عبد الناصر أحزاباً أخرى وقدم الدعم لها؟
ج : قلت لك أن عبد الناصر لم يكن يستسيغ عمل الأحزاب وكان يرى بأن الدولة هي قائدة للمجتمع، لكن في ذروة خلافه مع البعث، انفتح على حركة القوميين العرب، وقد ظهر حينها، بأن حركة القوميين العرب هي حزب عبد الناصر، وكانت جزءاً من "عدة شغله" الإعلامية بوجه الحزب. لكن هذه العلاقة بين عبد الناصر وحركة القوميين العرب لم تستمر، إذا سرعان ما وقع الخلاف، بعدما أسس عبد الناصر حزب الاتحاد الاشتراكي، وبعدما تمر كست حركة القوميين العرب فكراً، وأصبح الفكر الماركسي الأساس النظري في بنيتها الفكرية،

س : ألم يتأثر فكر حزب البعث بالفكر الماركسي؟
ج : في مرحلة شيوع "المركسة" وخاصة في الستينيات، بعد الدور الذي لعبه الاتحاد السوفياتي وبروزه كقوة استقطابية دولية، ورعايته واحتضانه للحركة الشيوعية العالمية، تأثرت كثير من الحركات السياسية بهذه الموجه ولم يكن حزب البعث بمنأى عن تأثيراتها. وقد حاول بعض البعثيين، ومنهم علي صالح السعدي وياسين الحافظ إدخال النظرية الماركسية إلى منظومة الحزب الفكرية لكنها لم تجد الطريق سهلاً أمامها لأنه كان يوجد اتجاه معارض لذلك، باعتبار أن فكر البعث نبع من الواقع القومي العربي وعبر عن روح الأمة، وبالتالي فإن انفتحاته على المدارس الفكرية الأخرى والمذاهب السياسي لا يعني إسقاط نظريته، لأنه لو حصل فيكون قد ألغى نفسه. وفي عمرة الصراع الداخلي بين الاتجاهين صدرت المنطلقات النظرية عن أعمال المؤتمر القومي السادس، والتي بدت وكأنها مساكنة غير شرعية بين منظومتين ومدرستين فكريتين، وبقيت العلاقة ملتبسة إلى أن قررت المؤتمرات القومية اللاحقة إسقاط المنطلقات النظرية من تراث الحزب الفكري والعودة إلى الأصول التي انطلق منها فكر حزب البعث، كفكر قومي منفتح على التيارات الأخرى ولكن دون المساس بثوابت منظومته الفكرية هذا إلى كون الحزب لم يكن يعاني من خواء فكري حتى يتلقف فكراً أخراً ويعتمده دليلاً نظرياً له وعندما تكون القوميات هي الثابت التاريخي في تشكل الأمم .يكون الفكر القومي هو الفكر الذي يجسد الفكر السياسي للأمة والذي يحقق امتلاءً ذاتياً لها.

س : يعني أن حزب البعث لم يتأثر بالماركسية؟
ج : قلت أن لحزب البعث نظريته الخاصة به، وهو في الوقت نفسه حزب غير منغلق، وهو منفتح على كل التيارات والثورات، التي تتلاقح في ما بينها، بحيث ينظر بإيجابية إلى ما هو إيجابي وخاصة بانعكاساته على واقعنا القومي ويتجاوز ما هو سلبي.

س : أي التجارب السياسية الذي يعتبرها البعث العربي الاشتراكي تجربته؟
ج : إن التجربة التي يعتبرها حزب البعث تجربته الخاصة هي تجربة حكم الحزب في العراق بعد ثورة السابع عشر – الثلاثين من تموز فمن خلال هذه التجربة ترجم الحزب مشروعه بإنجازات متحققة على مستوى العراق والأمة والعالم. ومن يعتبر أن تجربته في سوريا من عام 1963 حتى 1966، هي أنموذج لحكم البعث فهذا كلام غير دقيق، لأن هذه الفترة كانت ملتبسة، وكانت تحكمها عوامل الصراع الداخلي بين الشرعية الحزبية واللجنة العسكرية التي تشكلت إبان الوحدة والانفصال وكان من بين أعضائها حافظ الأسد وصلاح جديد ومحمد عمران وأن ما حصل في 23 شباط / 1966، كان ارتداداً عن الشرعية الحزبية وبالتالي لا يمكن نسب تلك التجربة إلى حزب البعث.

س : لكن يقال أن هناك حزبان، حزب بعث في سوريا وحزب بعث في العراق؟
ج : إن التوصيف غير دقيق، لأن سوريا لم تحكم فعلياً من حزب البعث، وإنما حكمت من قبل الذين ارتدوا على الحزب وشرعيته، وبالتالي لأجل خلق الالتباس عند الناس ويقال أن هناك حزبان وبالتالي تضيع المقاييس والمعايير فما حصل في سوريا في 23 شباط وما بعدها كان مؤامرة على الحزب من الداخل. فهل يعقل أن يكون البعث حاكماً في سوريا، ويشارك النظام السياسي في العدوان الثلاثيني على العراق ويرسل قواته إلى حفر الباطن تحت العلم الأميركي، أو أن يتدخل في لبنان لضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وحزب البعث أحد أركانها، وهل يكون بعثياً من يقيم تحالفاً مع النظام الإيراني على حساب الأمن القومي العربي، إبان الحرب بين العراق وإيران وبعدها؟

س : هل يعني أن حافظ الأسد كان مزروعاً داخل الحزب؟
ج : أن لا أقول كان مزروعاً ولا توجد هناك معلومات، لكن المعروف، أنه وفرت للنظام في سوريا في ظل حكم حافظ الأسد تغطية دولية لحمايته، وجعله قوة معطلة لمشروع العراق ببعده القومي وهذا ما حصل وأن حافظ الأسد، كان يدير نظاماً تحت مظلة شعارات وأهداف حزب البعث، وحتى يستقر الوهم أن هناك حزبان.

س : تقول أن حافظ الأسد كان يدير نظاماً، وأيضاً صدام حسين كان يدير نظاماً، ما الفرق بين الاثنين؟
ج : أولاً لا تجوز المقارنة بين الاثنين، لأن حافظ الأسد هو نتاج الردة على الحزب، أما صدام حسين، فهو ابن الشرعية الحزبية، وهذه الشرعية الحزبية ترجمها في مفردات المشروع السياسي الذي حمل العراق لواءه وكان هدفاً للاستهداف المعادي والذي بلغ ذروته في العدوان عام 2003.

س : هل الحزب، كحزب كان مستهدفاً؟
ج : بطبيعة الحال، أن الحزب ومنذ تأسيسه وانطلاقته كان عرضة للاستهداف المعادي، باعتباره الحزب الذي يمثل روح الأمة ويعكس نبض شارعها وهذا الاستهداف لم يتوقف لحظة، من داخله، كما من قبل القوى الخارجية التي تضمر عداء للأمة ويكفي التدليل على ذلك، الانقلاب على الشرعية الحزبية عام /1966، وقرار الحاكم الأميركي بريمر باجتثاث البعث : حيث أن أول قرارين اتخذهما هما حل الجيش العراقي واجتثاث البعث.

فالأول كان الهدف منه، ضرب مؤسسة الجيش باعتبارها المؤسسة الارتكازية الأهم في بنيان الدولة العراقية، ولا يمكن فرط بنية الدولة إلا بضرب هذه المؤسسة وهذا ما حصل، والثاني كان اجتثاث البعث ومن ثم حظره بقانون وتحت أي مسمى، لأن حزب البعث هو الأداة التوحيدية لشعب العراق، وهو العابر للمذاهب والطوائف والاثنيات والمناطق، وبالتالي فإن حله يهدف إلى تفلت المجتمع من ضوابط لحمته الشعبية والوطنية وبالتالي خلق أرضية لإطلاق غرائزية بمحفزات مذهبية وطائفية وعرقية ومناطقية وعشائرية وصولاً لجعل الأحتراب حالة دائمة وضرب مقومات الوحدة المجتمعية العراقية، إلا ترى ما يحصل اليوم في ظل نفاذ قراري الحاكم الأميركي!!

س : في ظل هذا الواقع القائم في العراق، هل ما يزال حزب البعث موجوداً؟
ج : لو لم يكن حزب البعث وعبر مشروعه السياسي النهضوي موجوداً لما كانت ائتلفت هذه القوى ضده. فالحزب لم يتشكل بقرار سلطوي، كي يسقط بسقوط السلطة وبالتالي هو موجود سواء كان في السلطة أم خارجها، لأنه حزب منبثق من إرادة الأمة. فإذا زالت الأمة زال البعث، وطالما الأمة موجودة وتنبض بالحياة فسيبقى الحزب حياً وينبض بالحياة. إن الحزب لم يثبت وجوده من خلال المنابر الإعلامية بل اثبت وجوده في ساحات النضال، وخير مثال على ذلك، دوره في قيادة المقاومة الوطنية العراقية التي دحرت قوات الاحتلال الأميركي، وفي تصديه للمشروع الإيراني الصفوي المدمر للبنية المجتمعية العربية، وهو لم يقتصر في دوره على مقاومة الاحتلاليين الأميركي والإيراني وحسب، بل يقاوم إفرازات هذين الاحتلاليين تحت مسمى العملية السياسية. وقد طرح مؤخراً مشروعاً وطنياً انقاذياً لحل سياسي يستجيب وحاجات الشعب ومطالبه المشروعة وحقه في العيش الحر والكريم وفي ظل نظام سياسي يقوم على أساس المواطنة وتسوده العدالة الاجتماعية ويصيغ خياراته السياسية في ضوء مقتضيات مصالحه الوطنية.

هذا على ساحة العراق التي قدم فيها عشرات ألوف الشهداء في تصديه للاحتلال وإفرازاته وأما على الساحة القومية فهو موجود ويناضل في ضوء معطيات كل ساحة.

س : هل يمكن القول أن تجربة العراق هي تجربة صنعها صدام حسين؟
ج : لا، أن الرفيق صدام حسين هو ابن الحزب، والتجربة هي تجربة حزب البعث. والحزب هو المسؤول عن هذه التجربة بكل إنجازاتها وإخفاقاتها، والرفيق صدام ومن خلال موقعه في هرمية الحزب والدولة كان له دور في صياغة معالم هذه التجربة.

س : ما الفرق بين ميشيل عفلق وصدام حسين؟
ج : إن الاثنين يكملان ببعضهما البعض، ولكل منهما معطياته الشخصية، الأستاذ ميشيل عفلق، واكب مسيرة الحزب منذ بداية التبشرية، وهو المنظر الأول ومبلور أسسه الفكرية، وهنا تكمن أهميته، وفي هذا السياق هو الأهم وكان رمزاً للشرعية الحزبية القومية، أما أهمية الرفيق صدام حسين، فإنه فضلاً عن الإضافات الفكرية التي أضافها لفكر الحزب، فإن أهميته كمنت في بلور الفكر السياسي للحزب في مفردات عملية وقدم من خلال مشهدية استشهاده نموذج القائد البعثي الأصيل .

س : ما هو موقف الحزب من القضية الفلسطينية، وهل ما تزال قضية أساسية عنده.
ج : إن قضية فلسين ليست قضية أساسية وحسب، بل هي قضية مركزية وهي الأولى، وانطلاقاً من إدراك الحزب بأن فلسطين لم تكن مستهدفة لذاتها وحسب، وإنما الأمة العربية كلها والأمن القومي برمته. لكن في سياق الصراع المفتوح مع الأمة، فإنه تبرز من خلال سياقاته قضايا أخرى تشكل تهديداً للأمن القومي العربي. وهذه التهديدات عندما ترتقي حد تهديد الأمن الوطني والأمن المجتمعي فإنها ترتقي حد القضايا المركزية لأنه بالنسبة لنا، فإن الأرض العربية تتساوى في قدسيتها، في فلسطين أو في العراق أو في سوريا والأحواز أو أي قطر عربي مهدد بالاحتلال.

س : كيف تنظرون للدور الإيراني؟
ج : إنه دور عدائي، كونه يهدد الأمن القومي العربي، وهذا لم يعد يقتصر على تهديده للأمن الوطني في العراق والأمن المجتمعي وحسب بل بات يهدد العديد من المكونات الوطنية العربية من خلال تغوله وممارسه كل أشكال التخريب البنيوي في بنى المجتمع العربي، وهو بنتائج عمله يكمل نتائج العدوان الصهيوني على الأمة، وما لم يستطع العدو الصهيوني تحقيقه باختراقه للأمن المجتمعي العربي، يتولاه النظام الإيراني وبالتالي فإن مواجهته ترتقي حد المركزية في قضايا الأمة،

س : ماذا عن موقفكم من "الربيع العربي"؟
ج : إن لا أحب استعمال هذه المفردة لأنها تسمية أميركية، نحن نسمي هذا الحراك الذي انطلق، بالانتفاضات الشعبية ذات الطابع الثوري، ونحن معها على قاعدة سلميتها وديموقراطيتها وتوجهاتها لأحداث التغيير في بنى النظم التي مارست القمع الاستبداد ولأجل إعادة هيكلة الحياة السياسية على قواعد الديموقراطية والتعددية وبما يحفظ المقومات الوطنية وهي وحدة الأرض والشعب والمؤسسات. وهذا الحراك كانت بعض بواعثه نابعة من داخل المجتمعات التي انطلق منها، فضلاً عن عوامل أخرى تمثلت بالغضب الشعبي ضد ما تتعرض له الأمة من عدوان خارجي وخاصة العدوان على العراق، لكن للأسف تعرض هذا الحراك للاختراق من قبل القوى المعادية من الداخل والخارج كي لا يصل إلى مداه الأقصى في إنجاز التغيير الوطني الديموقراطي وبنظرنا فهو لا يندرج ضمن نظرية المؤامرة كما يرى البعض بل كان عرضة للمؤامرة عليه من خلال اختراقه وعسكرته.

س : ألا ترى أن الذين قادوا هذه الانتفاضات قد تعرضوا للتنكيل وخاصة حركة "الإخوان المسلمين".
ج : إن الإخوان المسلمين دخلوا متأخرين على خط الحراك الشعبي وهم قطفوا ثماره الأولى في مصر وتونس، باعتبارهم الحركة الأكثر تنظيمياً، واستفادتهم عن كون الشعب العربي متدين بطبيعته لكن الخطأ الذي وقعت فيه حركة الإخوان في مصر، أنها سعت إلى أخونة الدولة والمجتمع، وهذا أدى إلى بروز حركة اعتراض واسعة، ونحن نعتبر أن الحركات الدينية سواء كانت تعتبر نفسها ممثلة للاتجاه الأكثري أو الأقلوي هي تقسيمية أن لم يكن على المستوى الكياني فعلى المستوى المجتمعي، ولذلك، فإن الحل هو بالدولة المدنية التي تقوم على أساس المساواة في المواطنة. وبالتالي لا يمكن إقامة حكم ديني في مجتمع متنوع. فالأمة العربية فيها المسلمون وغير المسلمين ويجب النظر للإسلام بمنظومته الفكرية القرآن والسنة والفقه المتنور، بأنها أكثر من تحديد علاقة إيمانية بين الإنسان والله ، بل باعتباره ثقافة قومية لكل العرب بمختلف انتماءاتهم الدينية الإيمانية ونحن ضد القمع الذي يمارس ضد العمل السياسي المنضبط تحت سقف القانون،وهذا ينطبق على ما يتعرض له الأخوان المسلمون، كما غيرهم .

ونحن إذ نعارض إقامة الدولة الدينية استناداً إلى ما سبق و سواء كانت بمرجعية "ولاية الفقيه" ونموذجها النظام القائم في إيران، أو تلك التي كان يراد لها أن تقوم في مصر وحظيت بداية بدعم دولي وأميركي بشكل خاص، فلأنها تبرر"لإسرائيل" موقف يهودية الدولة، الذي وأن كان قائماً بحكم الواقع إلا أنه لم يضف عليه الطابع الدستوري والاعتراف الدولي به.

س : ما هي رسالتكم للرفاق البعثيين، والى الأمة؟
ج : رسالتي للرفاق البعثيين، بأن هذا الطريق اخترناه طوعاً، وهو محفوف بالمخاطر، وعلينا سيره لأنه لا تقدم لهذه الأمة إلا بوحدتها ونضال جماهيرها والتي تحتاج إلى قيادة ملتصقة بشعبها لأن الشعب لا يقود نفسه، والحزب هو المؤهل لقيادة الأمة، وإلا لما كان أدرج ضمن لائحة الاستهداف من القوى المعادية التي تضمر شراً بالأمة.

والى الأمة، نقول لها، بأن هذه المرحلة الحالية هي ظرفية، وهي قادرة على تجاوزها، والأمم لديها دينامكية خاصة بها، وأن أمة تطلق مقاومة وثورة في فلسطين، وتطلق مقاومة في العراق وتفرض الهزيمة على أعتى قوة عاتية في التاريخ المعاصر، هي أمة حية وقادرة على الانبعاث المتجدد والأمة تعرضت في تاريخها إلى تحديات كثيرة واستطاعت تجاوزها، وهي لا بد منتصرة.

هذا ومن ضمن ما تطرقت إليه الأسئلة والأجوبة الموقف من حركة الشريف حسين، والذي وأن خدعته قوى الغرب السياسي، إلا أن الحزب ينظر بإيجابية لحركة فيصل الأول ومحاولاته إقامة الدولة العربية يوم انطلقت ما سميت الثورة العربية الكبرى.

وأما حول الموقف من الأنظمة الرجعية العربية، فإن الحزب يعتبر هذه الأنظمة إحدى حالات الإعاقة للوحدة والتقدم وإقامة نظام العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. لكن عندما تكون الأمة عرضة الخطر ومهددة بأمنها القومي وهويتها القومية، وتأخذ هذه الأنظمة موقفاً متصدياً لهذه الأخطار المهددة للأمن القومي، فإن الحزب يأخذ موقفاً إيجابياً من الموقف وليس من بنية هذه الأنظمة وطبيعتها.

فيينا في ٢٠ / ٥ / ٢٠١٧





السبت ٢٢ رمضــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / حـزيران / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة