شبكة ذي قار
عـاجـل










لم نكن نتصور أن يصل التدمير إلى إنهاء البنى التحتية بنحو شامل، الاحتلال دمر الدولة العراقية بكل مؤسساتها وسلم العراق لقمة سائغة على طبق من ذهب إلى إيران

الإدارة الأميركية كانت توعز إلى فرق التفتيش بافتعال أزمة مع العراق والضغط على مجلس الأمن لمنع تبني مشروع يرفع أو يخفف الحصار عن العراق.

عمان - يقول اللواء المهندس حسام محمد أمين الياسين، المدير العام لدائرة الرقابة الوطنية، وهي الجهة الرسمية التي شكّلها العراق للتعامل مع فرق التفتيش الأممية حول تطبيق القرارات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، لـ”العرب” إن ما ظهر من حقائق عن دور فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة والفرق الأخرى التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم يكن مفاجئا إذ كنا نعاني من تصرفاتهم وسلوكهم المعادي للعراق.

ويضيف أن العراق نفذ الالتزامات المطلوبة منه كافة بموجب القسم “ج” من قرار مجلس الأمن الدولي 687 في العام 1991، منذ بداية العام 1992 في مجالات الصواريخ أرض - أرض، التي يزيد مداها على 150 كيلومترا، والنووي والكيميائي ولم تبق لدى العراق أي أسلحة وصواريخ محظورة على الرغم من وجود أسلحة كيميائية مجرودة وكاملة كانت تنتظر دورها في التدمير الذي يجب أن يجري بعناية فائقة.

ولذلك نفذ الجانب العراقي عملية التدمير بإشراف الفريق الكيميائي التابع للجنة الخاصة، بصفة علمية دقيقة، للحفاظ على البيئة وضمان عدم التلوث ومن خلال تصميم وإنشاء محرقة متطورة لإتلاف المواد الكيميائية وبأعلى المعايير الهندسية.

كانت العجلة الإعلامية الأميركية والبريطانية الهائلة تتحرك ضد العراق بنحو كثيف ومتعمد قبل أيام قليلة فقط من عقد جلسات مجلس الأمن الدولي الدورية المكرسة لمناقشة مدى التزام العراق بتنفيذ القرارات حيث تلجأ، كما يقول محمد أمين، إلى نشر أكاذيب ومزاعم تدعي زورا وجود أسلحة دمار شامل في العراق أو بناء منشآت سرية محظورة أو توعز الإدارة الأميركية وذراعها السي آي إيه إلى فرق التفتيش بافتعال أزمة مع العراق مما يؤدي إلى تسميم الأجواء السياسية والتأثير والضغط على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، فرنسا وروسيا والصين، لمنع طرح أو تبني أي مشروع من شأنه رفع أو تخفيف الحصار الاقتصادي عن العراق.

أسئلة شخصية لعلماء العراق
يتابع حسام محمد أمين، الذي أسرته القوات الأميركية في العام 2003 بسجن كامب كروبر بتهمة إخفاء أسلحة الدمار الشامل وأطلقت سراحه بداية العام 2006، “أثبتت الأحداث لاحقا أن الأزمات التي افتعلتها لجان التفتيش كانت مجرد ذرائع وحجج لمواصلة الحصار وإظهار العراق وكأنه غير ملتزم أو ليس مباليا بقرارات مجلس الأمن الدولي”.

ويصنف المفتشون الدوليون، سواء من اللجنة الخاصة أو من التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى ثلاثة اتجاهات من الناحية السياسية، فـ15 بالمئة منهم فقط كانوا مهنيين ويتصرفون بنحو علمي عادل، فيما كان هناك 5 بالمئة يتفهمون شواغل العراق وشعبه ويقدرونها ويؤيدون الاستعجال في رفع الحصار بدوافع إنسانية. أما الأغلبية الساحقة، التي تمثل 80 بالمئة، فكانت من الأميركيين والإنكليز والأستراليين وقسم من الروس والفرنسيين، كما يقول.

ويصف المنظمات التي كان المفتشون يعملون تحت مظلتها، وهي اليونسكوم ثم إنموفك والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنها كانت أدوات طيّعة تتحكم فيها الولايات المتحدة.

يروي اللواء المهندس حسام محمد أمين، الذي عمل في هيئتي البحث العلمي للقوات المسلحة والتصنيع العسكري، أن أغلب الأسئلة التي كان يوجّهها المفتشون إلى العلماء والمتخصصين العراقيين أثناء “المقابلات”، لم تكن الغاية منها الحصول على معلومات عن البرامج السابقة والتحقق من عدم وجود أسلحة دمار شامل والوصول إلى الحقائق أو التحقق من إعلانات الجانب العراقي، بل كانت أسئلة ذات طابع شخصي وهو ما أثار استهزاء هؤلاء العلماء وغضبهم. فمثلا، وصل الاستخفاف بالعلماء العراقيين إلى أن يوجه رئيس فريق تفتيش سؤالا إلى أستاذة في كلية العلوم بجامعة بغداد عن سبب عدم زواجها ؟

وكانت هناك أسئلة أخرى عن الرواتب والمستوى المعيشي، وهل توجد هناك رغبة للسفر إلى الخارج والعمل في جامعة أجنبية وغيرها من الأسئلة، التي لا تمتّ إلى قرارات مجلس الأمن بأي صلة. ويقول حسام محمد أمين “بصراحة لم نكن نتصور أن يصل هذا التدمير إلى إنهاء البنى التحتية بنحو شامل”، مشيرا إلى أن “الاحتلال دمر الدولة العراقية بكل مؤسساتها وسلم العراق لقمة سائغة على طبق من ذهب إلى إيران”.

وينفي الادعاءات التي ما يزال بعضهم يرددها بأن العراق طرد المفتشين وأبعدهم، ويؤكد أن العراق تعاون في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ببرامج الأسلحة المحظورة بكل شفافية من خلال تقديمه لما سمّي حينها بالتقارير الشاملة والكاملة والنهائية عن برامجه في المجالات النووية والكيميائية والصواريخ كانت معززة بالوثائق الداعمة، كما أنه قدم كل الدعم اللوجستي والأمني لفرق التفتيش للقيام بزياراتها التفتيشية لمختلف المواقع التي كانت تتم بصفة مفاجئة.

قصة أسر
يروي حسام محمد أمين قصة أسره وتعذيبه على أيدي القوات الأميركية، فيقول “قضيت في سجن كروبر ما يقارب الثلاث سنوات في غرفة انفرادية صغيرة جدا وتعرضت للتعذيب الشديد في الخمسة أيام الأولى من اعتقالي بهدف الحصول على اعتراف كاذب مني بوجود أسلحة دمار شامل، وكانت المعاملة سيئة تتنافى مع اتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، كما أن إدارة السجن استمرت في تعذيبنا نفسيا خلال السنتين الأوليين”.

ويضيف ”كنا ننام على الأرض خمسة أشهر ومن دون تغيير الملابس أو الاستحمام وكانوا يقدمون لنا الطعام القليل المتكرر يوميا وقليلا من الماء، ثم جعلوا الاستحمام مرة في الأسبوع ولمدة عشر دقائق فقط، ولا يقدمون الخدمات الصحية إلا عندما يستفحل المرض ولذلك توفي عدد من الأسرى. وطيلة سنوات الأسر الثلاث كنا معزولين تماما عما يجري في بلدنا أو العالم لأن كل وسائل الإعلام كانت ممنوعة علينا، فلا تلفزيون ولا راديو ولا صحفا كانت تصل إلينا. وقبل إطلاق سراحنا ببضعة شهور فقط تحسنت معاملتهم نتيجة تدخل الصليب الأحمر وشكاوانا المستمرة”.





الاثنين ٢٢ جمادي الثانية ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / أذار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة