شبكة ذي قار
عـاجـل










في صراع الإرادات المحلية والإقليمية والدولية الجارية في العراق والشرق الأوسط تختلط أوراق المشاريع الظرفية والإستراتيجية بعيدة المدى حول مستقبل العراق. وتزداد حمى السباق حدة وبوضوح في طرح المشاريع حول الوضع في العراق للمرحلة ما بعد داعش.

وبينما تختلف تقديرات الحكومة العراقية وحلفائها من جهة والقيادة العسكرية الأمريكية من جهة أخرى في تقدير الفترة الزمنية القادمة للتصفية النهائية للقضاء على داعش، وما تسمى بالحملة على الإرهاب، إلا ان النتيجة المحتومة، مهما طالت، هي لابد من انتهاء هذه اللعبة الدولية المتعددة الأطراف، التي بدأت منذ الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 والتي أضرت بمصالح شعبنا العراقي وأجهزت على وجود الدولة الوطنية العراقية، وهددت الاستقلال الوطني وفككت أواصر الوحدة الوطنية، وفرطت بمستقبل العراق وحقوق شعبه وأجياله.

وفي جميع الأحوال ان وضع العراق ومستقبله بات أحد القضايا الهامة المطروحة على مسرح السياسة الدولية والأمن الإقليمي والدولي، وباتت الأوضاع المأساوية السائدة تستدعي طرح الحل الشامل والنهائي للقضية العراقية، بكل جوانبها ، وبشكل عادل يضمن تمثيل شعب العراق في كل مفاوضات قادمة وبشكل شرعي من خلال قواه الوطنية ، التي وضعت هدفها الثابت والنهائي بتحرير العراق، وبمهمات أخرى، في مقدمتها إنهاء وتصفية نتائج الاحتلال الأمريكي وتصفية النفوذ الإيراني.

خلال هذا الأسبوع كانت الزيارات المكوكية إلى بغداد لممثلي الرئيس الروسي بوتين وقادة إيران وكبار العسكريين والسياسيين الأمريكيين الجدد وغيرهم، وكلها تشير على نحو ما بأن هناك تصورات دولية متباينة مطروحة حول رؤية الحل النهائي للقضية العراقية، وبدأ تحرك ما يشير إلى ترتيب حل القضية العراقية على أجندة الدول الكبرى والإقليمية بعد قضايا سوريا واليمن كما جاءت تلميحات المبعوث الروسي إلى بغداد أخيرا .

ولا يختلف اثنان في ان الحكومة العراقية ومجموعات الكتل السياسية المؤتلفة بها وبرلمانها تعيش حالة من التخبط والفوضى وانعدام الوزن والارتباك وفقدان السيطرة على جميع المستويات ؛ فالعراق يعيش حالة اللا دولة و اللا نظام ، والحكومة في نظر العالم، وحتى في عيون المتسلطين على إدارتها في أروقة واشنطن وطهران: ما هي إلا عبارة عن دمية فارغة، ومجموعة من اللصوص الفاسدين، وليس بيدها شيئاً من خيوط الحل والربط بقضية العراق ومستقبله، وكل مشاريعها السياسية المطروحة قد أفلست تماما، وخاصة حول الموقف من التسوية السياسية والمصالحة الوطنية، حيث اصطدمت تلك المشاريع بحاجز العمى السياسي والتطرف والتشبث المطلق بالاستئثار بالسلطة وبربطها بأطراف الائتلاف الطائفي الحاكم، والعجز الكامل عن رؤية صائبة لأي إصلاح سياسي أو حل وطني ونهائي للعراق.

كما ان تخبط المشاريع والمبادرات الأخرى ، المقترحة من مجموعات سياسوية تعيش على هامش أحلامها وكوابيسها ، تدعي جاهدة في تمثيل بعض أدوارها بواجهات طائفية وإثنية مرتبطة بمشاريع موكولة لها محليا وإقليميا، وبطرحها حلولا جزئية وظرفية لا تخلو من مخاطر تهدد وحدة العراق الشعبية والترابية تجلت بالدعوة إلى تشكيل الأقاليم والفدرلة وظهور ألكانتونات المفصلة على مقاسات طموحات أمراء الحرب الطائفية والحشد والمليشيات السائبة غير المنضبطة وبقاء السلاح خارج يد الحكومة، وحتى محاولات فصل الإقليم الشمالي عن العراق.

ان الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية في العراق لا زالت ترى ان الحل المطلوب للقضية العراقية يتضمنه برنامجها السياسي، وعبرت عنه مراراً في مبادراتها وبياناتها في الدعوة إلى لم شمل كافة القوى الوطنية الرافضة للعملية السياسية وتشكيل قيادة عراقية وطنية مشتركة لمواجهة تركة الاحتلال والغزو الأمريكي والنفوذ الإيراني، والجبهة لا ترى في المشاريع السياسية التي تلوح بها الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة التي تعيد انتشار قواتها في العراق، وتبني قواعد عسكرية جديدة وترسل المزيد من القوات بصيغ وأهداف منها معلنة واغلبها تحت الكتمان والسرية التامة وهي في منظورنا الوطني الصريح حملة استعمارية لا تقل عن حالة إعادة غزو واحتلال لبلادنا، مهما كانت الدوافع والشعارات المرحلية الأمريكية.

كما ان عودة ألوف العسكريين الأمريكيين إلى العراق، من منظورنا وموقفنا الوطني تبقى عودة غير مرحب بها من شعبنا وقوانا الوطنية الرافضة للاحتلال والعملية السياسية، طالما ان الموقف الرسمي الأمريكي لازال يتجاهل إرادة ومطالب الشعب العراقي وحقه في حريته وخلاصه الوطني من الطغمة الطائفية الحاكمة وبقاء النفوذ الإيراني في العراق الذي يحظى بتعايش وقبول وتنسيق أمريكي طوال السنوات السابقة وان التواجد الأمريكي في العراق هو تواجد لقوات أمريكية غازية ومحتلة بغياب حكومة وطنية عراقية منتخبة وشرعية.

كما ان التبشير الإعلامي بقرب شن حرب أمريكية على ايران، باعتبارها دولة مارقة وحاضنة أولى للإرهاب، كما تقر وتعترف بيانات وتصريحات ممثلي الإدارة الأمريكية الجديدة، هو أمر يخص التحالف الدولي ضد الإرهاب وفي مقدمته قيادة الولايات المتحدة، وان أي قرار يتخذه البيت الأبيض وإدارة دونالد ترامب بشأن مواجهة النفوذ والتمدد والتطرف الإيراني في العراق والمنطقة، قضية هامة ولا بد من جهد دولي مشترك يوقف حكام طهران عن حماقاتهم باستهداف وتدخلهم في شؤون العراق وباقي الدول العربية.

نأمل ان لا يكون العراق بذاته ساحة الصراع والخراب والدمار الشامل يساق إليها أبناء العراق بتوجيههم إلى حرب بالنيابة في أتون محرقة الحرب الأهلية والاصطراع الطائفي والمذهبي وتتعرض بها مدن العراق وشعبنا إلى مزيد من الدمار المرتقب.

ان ما يعنينا هو ان تسهم الحملة الدولية والحرب على الإرهاب وحواضنه والدول التي ترعاه وفي مقدمتهم ايران في تصفية كل منظمات الإرهاب بدءا من داعش وانتهاء بالمليشيات الطائفية واذرع النظام الصفوي الفارسي الإيراني في المنطقة .

كما ان موقفنا الواضح من داعش والحرب عليها لا يمكن تفسيره مطلقا إننا نضع أنفسنا في خانة احد وتحت حماية طرف خارجي له مصلحة في التدخل بحجة الحرب على داعش. نؤكد دائما تواجدنا في خندق الدفاع عن حقوق شعبنا وقضيته الوطنية ، والعمل دون هوادة لاسترجاع سيادة العراق واستقلاله كاملا غير منقوص وتصفية كل آثار الغزو والاحتلال.

كنا ولا نزال السند والظهير للمقاومة الوطنية العراقية ، وفي مقدمتها القيادة العليا للجهاد والتحرير نعمل دون كلل مع كافة الفصائل والشخصيات الوطنية التي تتنادى مخلصة، وكما يفرض عليها الواجب الوطني، نحو بناء جبهة الشعب الوطنية العراقية المنشودة.

وعلى هذا المنوال ستكلل الجهود لعقد المؤتمر الحادي عشر للجبهة الوطنية والقومية والاسلامية في العراق في أقرب الآجال باعتباره منطلقا جديدا يسعى إلى جمع الجهود ورص الصفوف في وحدة وطنية ونضالية عراقية ،وفرز طليعة وطنية عراقية قائدة تسهم بفعالية وبحضور وطني ودولي في تمثيل شعبنا وإيجاد الحل المشرف لمستقبل العراق وتصفية كل أشكال تركة الغزو والاحتلال الأمريكي والنفوذ والتدخل الإيراني الذي صار احتلالا لا يخفى على احد.





الجمعة ٢٧ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة