شبكة ذي قار
عـاجـل










ما حدث في حلب مؤلم جدا لان حلب لها مكانة تاريخية وثقافية مميزه , ولانها ذات كثافة سكانية كبيرة , وذات نسيج اجتماعي متماسك لاكثر من اعتبار . وما حدث في حلب حدث في اكثر من بقعة جغرافية في سوريه طوال السنوات الخمس الماضية وخاصة في القصير والغوطة الشرقية وفي مخيم اليرموك ذو الاغلبية الفلسطينية .

المثير في حلب هو اصرار الاطراف المعتدية على سورية الارض والشعب الانتقام من اهل حلب وكأنهم قطب اخر ومن دين اخر ومن ملة اخرى , وبمعنى اخر تمت معاملتهم مثل الصهاينة بل اكثر في ظل الصمت العالمي , وفي ظل العدوان الروسي - الايراني الممنهج على الشعب السوري .

ونتيجة هذا العداء الروسي الايراني شهد الراي العام العالمي مجازر بشعة ضد الحلبيين من حصار وقتل وهدم البيوت فوق رؤوس اهلها وانتهاك حرمات واعراض الحلبيات , وذالك المشهد يعيد الى الاذهان مجازر الصرب ضد مسلمي البوسنه وخاصة مجزرة سيربنيتشا التي اظهرت وسائل الاعلام الغربية بشاعة ما جرى . ولكن النتيجة كانت تقديم المجرمين الى محكمة الجنايات الدولية وخاصة الطاغية سلوبودان مليوفتش رئيس صربيا السابق .

ما حصل في حلب ما كان ليكون لولا الزخم الروسي – الايراني العسكري الكبير واستخدام احدث الاسلحة المدمرة , وهكذا صارت الارض السورية مسرحا للقوات الغازية التي لها مأربها واستراتيجيتها في المنطقه , ولو ظلت المواجهة بين نظام الاسد وبين المعارضة لكانت النتائج لصالح الاخيرة , وخاصة لو انها توحدت عسكريا وسياسيا , ولكنها للاسف ظلت منقسمة الولاءات الاقليمية والدولية , الامر الذي ادى الى النتائج الكارثية التي حصلت في حلب .

الوضع الان على الارض هو صراع ارادات بين القوى الداخلة في الحرب ضد الشعب السوري , اي بين نظام الملالي وروسيا , فالروس باتت لهم الكلمة العليا في شأن سوريه السياسي , فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هو المتحدث باسم سوريه وهو الذي يشهر الفيتو الروسي ضد اي قرار في مجلس الامن اذ استخدمت روسيا هذا الحق ست مرات حتى الان , وقد استخدمت الفيتو حتى ضد القرارات الانسانية .

اما تركيا التي وقفت الى جانب المعارضة منذ البداية وأوت اكثر من مليونيين لاجئ سوري فوق اراضيها , ونادت بسقوط بشار الاسد , ولكنها في ضؤ التطورات الميدانية الجديدة دخلت على الخط مع روسيا للعمل من اجل وقف اطلاق النار في سوريه وفك الحصار عن الاهالي المحاصرين في حلب الشرقية وتامين ممرات أمنة لاخراجهم من الحصارالقاتل . وبفضل العلاقات التي عادت بعد اسقاط الطائرة الروسية بين البلدين وبعد الانقلاب الفاشل ضد اردوغان تم التوافق بين البلدين على وقف اطلاق النار وضمان خروج المحاصرين برعاية روسية – تركية . ورغم تاكيد روسيا وتعهدها بذلك الا ان المليشيات الايرانية تعرقل هذا الاتفاق بمنع خروج مئات الحلبيين من الممرات المرسومة لخروجهم , في محاولة لمقايضة خروج الحلبيين بخروج سكان الفوعه وكفريا الشيعه في ريف ادلب المحاصرتين من قبل المعارضه .

يظل السؤال هو كيف ستكون العلاقة بين روسيا وايران الملالي ؟ اثناء تنفيذ الاتفاق مع تركيا , وبعد حلب ؟ . من الملاحظ ان كلا من روسيا وتركيا ترغبان بنيل ود ايران لتظل شريكا في المعركة الدائرة في سوريه .

نظام الملالي طالما اكد ان المعركة في سوريه معركة مصير بالنسبة لايران , ويعتبر الملالي ان فقدان الاحواز اسهل عليهم من فقدان سوريه , وكما قال خامينئي فان القتال في سوريه هو دفاع عن الداخل الايراني . وعليه فمن الصعوبة بمكان ان يتخلى الملالي عن هدفهم في سوريه لانه الحلقة الواصلة بين نظامهم وبين لبنان ودعم حزب الله والاطلال على ساحل البحر المتوسط .

وروسيا دولة عظمى تقف مقابل الولايات المتحدة وتسعى الى حماية امنها القومي مقابل اوروبا ومقابل حلف الناتو الذي زحف الى دول البلطيق واكرانيا المجاورة لروسيا , ولهذا فروسيا تعتبر دخولها الى سوريه في ظل فترة حكم اوباما المائعة فرصة لا تعوض , وقد تاتي فترة حكم ترامب مواتية لبوتن الذي تربطه علاقات مع وزير خارجية ترامب الجديد , وما قيل عن اختراق روسي للانتخابات الامريكية .

وتركيا المجاورة لسوريه ضد تقسيمها الى دويلات , حتى لا تظهر دولة كردية مجاورة تثير ولع اكراد تركيا لاقامة دولة في جنوب تركيا . ومن خلال علاقاتها المتبادلة مع روسيا تسعى الى ايجاد حل مرضي في سوريه . في ضؤ تلك الاستراتيجيات المتعددة للاطراف المشاركة في النزاع تسعى روسيا وتركيا الى استرضاء ايران , وعدم الصدام معها .

اما المعارضة بكل قواها العسكرية والسياسية فهي في مفصل تاريخي فاما ان تبقى مفككة وستفقد الكثير من مطالبها التي اعلنتها من قبل , وستفرض الاطراف الثلاثة الراعية لوقف اطلاق النار رايها على المعارضه , اما اذا استفاقت فصائل المعارضة من وهم القوة المنفردة والاستحواذ على الاخرين وتهميشهم , وسعت الى خطوات جادة نحو الوحدة العسكرية والسياسية وافشلت خطة روسيا وايران في تدمير ادلب فانها يمكن ان تكون رقما في اية مفاوضات مقبلة .

اما النظام السوري فبات لعبة بايدي القوتين المشاركتين على الارض روسيا وايران , وصار الصوت السوري مبحوحا , والقوى الدولية لا تعيره اي اهتمام , لان المفاوض الروسي هو الحاضر في المحافل الدولية وهو الذي يقرر نيابة عن نظام الاسد المتهاوي . وفي النهاية فاية تسوية للازمة السورية ستكون على حساب بشار , اذا اقتضت مصالح الاطراف الثلاثة ذلك , ومؤيدة من الدول الراعية للشعب السوري , واعتقد ان نهايته اما لجؤ الى روسيا او تقديمه الى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته كسلفه الصربي . والخاسر الكبير هو الشعب السوري , والرابح الكبير هم الصهاينة وكيانهم الاستيطاني .

hassan_tawalbh@yahoo.com





الاثنين ١٩ ربيع الاول ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / كانون الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة