شبكة ذي قار
عـاجـل










من المعروف أن النظام السوري لم يعمل حتى الآن في تشكيلة الجيش بنظام الفيالق. إذ ما زالت تشكيلاته تعتمد نظام الفرق. لكن ما لفت النظر عن إعلان النظام عن تشكيل فيلق يكون ملتحقاً بالتشكيلات العسكرية النظامية، ويضم في صفوفه كل من انخرط في القتال مع تشكيلات النظام ضد قوى المعارضة على مختلف مسمياتها وتشكيلاتها. لكن مع هذا الإعلان، لم يفصح عما إذا كان هذا الفيلق سيضم في صفوفه التشكيلات الميليشاوية غير السورية التي تقاتل بجانب قوات النظام، سواء تلك المستقدمة من العراق أو إيران أو لبنان أو أفغانستان أو باكستان . فإذا كان التشكيل الجديد سيضم في صفوفه هذه الميليشيات، فهذا يعني أنهم سيعتبرون من الآن وصاعداً ممنوحين للجنسية السورية وذلك ترجمة لقول الرئيس السوري، بأن السوري ليس من يقيم على أرض سوريا ومسجل في دوائر الأحوال المدنية، بل الذي يقاتل ويدافع عن سوريا وبطبيعة الحال تحت مظلة النظام.

هذا الإعلان الرسمي السوري عن تشكيل فيلق عسكري جديد يؤشر على ثلاث مسائل خطيرة.

الأولى ان الصراع في سوريا ما يزال مفتوحاً وهو بعيد المنال عن ولوجه باب الحل السياسي، والثاني، أن الذين يندرجون ضمن هذا التشكيل من غير السوريين، سيصبحون منذ الآن وصاعداً حاملين الجنسية السورية، وهذا يدلل على أن سياسة تغيير التركيب الديموغرافي في سوريا قد دخلت طوراً جديد في فرضها كواقع مشرع بقرار يرتقي حد القانون بمفاعليه. أما الثالث، فهو ينطوي على استحضار تجربة "الحشد الشعبي" في العراق، الذي انضوت في صفوفه كل الميليشيات والتشكيلات العسكرية ذات البنية المذهبية والمرتبطة بمركز التوجيه والتحكم الإيراني، وبات مؤخراً جزءاً عضوياً من المنظومة العسكرية النظامية، بعدما شرع وضعها بقرار ومن ثم بقانون.

من هنا، فإن الإعلان عن هذا التشكيل العسكري تحت مسمى الفيلق الجديد المضاف إلى تشكيلات الجيش النظامي إنما هو دليل على مدى تأثير النفوذ الإيراني في إدارة الشأن العام السياسي والعسكري والأمني للمنظومة الحاكمة في سوريا. وهو استحضار للتجربة الإيرانية في تقوية موقع التشكيلات العسكرية خارج إطار تشكيلات الجيش النظامي لحساب قوى ميليشياوية أعيد تنظيم صفوفها وشرعنتها.

وبذلك تكون هذه الخطوة هي استنساخ لتجربة "الحشد الشعبي في العراق" والذي هو بدوره استنساخ لتجربة الحرس الثوري الإيراني.

إنها خطوة شديدة الخطورة على سوريا وطنياً ومجتمعياً وعلى الأمن القومي، باعتبار أن الدور الإيراني من خلال هذه الخطوة وأبعادها يكون قد وصل إلى مرحلة فرض تشريع وجوده بقرارات سلطوية. وعليه يجب التعامل مع هذه الخطوة باعتبارها تهديداً موصوفاً للأمن الوطني السوري بكل مضامينه السياسية والاجتماعية والشعبية .

إنها واحدة من مشهدية الاحتلال الإيراني، من لم يعتبر ذلك قائماً، عليه أن يراجع تصريحات حكام إيران بأنهم باتوا على شواطئ المتوسط وبعدما باتوا يسيطرون على أربعة عواصم عربية ومنها دمشق.





الجمعة ٢٥ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة