شبكة ذي قار
عـاجـل










( ان حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين .. وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ) .. اّرثربلفور وزير الخارجية في حكومة صاحب الجلالة؟؟

بهذه الكلمات القليلة الأحرف والعميقة الدلالات صاغ وزير خارجية المملكة المتحدة ( بريطانيا ) اّرثر بلفور رسالته الاستعمارية الشائنة في مطلع القرن العشرين تزلفا ورياءً لأحد ابرز اقطاب الصهيونية العالمية اللورد ( روتشيلد ) .حيث أعطى من لا يملك لمن لا يستحق ودون أن يعير هذا المأفون أياً من الانتباه لشعب يقطن هذه الأرض منذ اّلاف السنين وفيها تاريخه وحضارته وحرثه ودمه المجبول بحبات تراب وطنه العزيز أبداً .. ودون أن يكترث أيضاً لحجم المأساة وعظمها التي تسببت في اقتلاع شعب من جذوره وأرضه بعد أن مورس بحقه شتى جرائم الحرب والإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي وهي الأكبر في تاريخ البشرية ليزرع مكانه وفي القلب من الوطن العربي كياناً مسخاً وغريباً عن المنطقة على شكل عصابات من الوحوش ومصاصي دماء البشرية ديدنها الحقد على الانسانية وممارسة الجريمة بكل أشكالها وألوانها بحق الضعفاء والمساكين والعزل الذين سكبوا من دمهم وأشلاء أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وعذابات لجوئهم وتشردهم ضريبةً وثمناً للمؤامرة الامبريالية الصهيونية الكبرى على فلسطين والأمة العربية.

ففي الثاني من تشرين الثاني من العام 1917م قبل مئة عام تقريباً أصدرت بريطانيا وعدها المشؤوم وباركته على الفور كل من فرنسا وايطاليا والمانيا والولايات المتحدة الامريكية والقاضي بمساعدة الحركة الصهيونية العنصرية على إقامة وطن قومي خاص باليهود على الاراضي العربية الفلسطينية,ذلك الوعد الذي تسبب في مأساة القرن العشرين ولا زالت ذيوله حتى يومنا هذا بالتزامن مع الذكرى التاسعة والتسعون على صدوره.
لم يكن هذا الوعد اللئيم محض عطف أو نزوة تصدر من رجل ساذج أو موتور فقط,بل جاء هذا الوعد تعبيراً صارخاً عن حجم الشراكة الإستعمارية بين قوى الاستعمار الغربي الامبريالي والحركة الصهيونية العنصرية المتلطية برداء الدين والقومية في استهداف واضح وفاضح لثروات الوطن العربي ( النفط المكتشف حديثاً ) وموقعه الإستراتيجي بين الأمم حيث الممرات المائية والبرية التي تربط الدول الاستعمارية بمستعمراتها جنوب وشرق اّسيا,وكذلك تراجع وتقهقر الدولة العثمانية ( الرجل المريض ) التي أخضعت كل البلاد العربية لحكمها المركزي في الأستانة طيلة أربعة قرون خلت,مما أسال كثيرا لعاب الطامعين من القوى الاستعمارية التي ما فتئت تعكف على عقد الاتفاقات والمعاهدات والمؤامرات وتقديم الوعود الخاصة بتقسيم المنطقة العربية وتوزيع الأدوار فيها وابتلاع الجزء العزيز منها ( فلسطين ) لصالح المشروع الصهيوني الاستيطاني الإحلالي .. فمن سايكس بيكو الى الوعد المشؤوم الى سان ريمو ومصادقة عصبة الأمم على جل تلك العهود والوعود والمؤامرات التي تؤكد في مجملها قمة الجشع الاستعماري وتجلياته الفاضحة .

وفي خضم الذكرى التاسعة والتسعون لوعد بلفور المشؤوم لابد هنا من التذكير وتسليط الأضواء على حجم الكارثة والمأساة الناجمة عن تنفيذ الوعد .. حيث نحصي مئات الاّلاف من الشهداء والضحايا الأبرياء الذين سقطوا في سلسلة مجازر ومذابح مبرمجة وممنهجة على أيدي العصابات الصهيونية .. وكذلك مئات الاّلاف من المعتقلين والمعذبين والمسجونين في زنازين وباستيلات الاحتلال الفاشي .. إضافة لملايين من المشردين واللاجئين الذين لا زالوا يعانون ويلات اللجوء والتشريد من خيمة الى أخرى ومن بلد الى اّخر وانتهى الحال ببعضهم غرقا في أعماق البحار وبطون رمال الصحراء.

نعم إن ما تعرض له شعبنا من ويلات القتل وسفك الدماء بدم بارد وكذلك الحبس والحصار والتنكيل والتهجير تحت وطأة خطيئة وعد بلفور الذي تتحمل المسؤولية الكاملة عنه ليس المملكة المتحدة وحدها فحسب وإنما كل الدول الكبرى ( فرنسا وايطاليا والمانيا والولايات المتحدة الأمريكية ) التي لا زالت حتى وقتنا هذا توفر وتقدم كل أشكال الدعم والمساندة للاحتلال والاستيطان والتهويد والعنصرية .. وهي مطالبة اليوم بالتكفير والاعتذار عن خطيئتها وجريرتها الكبرى ( وعد بلفور ) من خلال العمل سريعا على وضع حد نهائي للاحتلال وجرائمه ,وتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئين وفق ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ( 194 ) .وإعادة كامل الحقوق السياسية والسيادية والدينية والقومية للشعب العربي الفلسطيني صاحب الحق الشرعي والوحيد في القدس وكامل التراب العربي الفلسطيني .





الثلاثاء ١ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ثائر محمد حنني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة