شبكة ذي قار
عـاجـل










1 ــ
كلنا نقول بواقعنا المزري كعرب حد بدأنا نسمع فيه من يتنصل من إنتمائه لهذه الأمة ، و الأسوء من التنصل من الإنتماء لهذه الأمة أن بعضا منا أصبح يري في الآخر الغير عربي مثاله بصيغة الرمزالذي يقتدي به أو يتمثله إن كان من حيث التفكير أو السلوك (*)... أي ما يؤشر علي بداية الضياع لا بل التأسيس للإندثار؛ صورة مشابهة من حيث ظاهرها للمجتمع العربي بصيغه القبلية المعروفة في الفترة المسماة بالجاهلية ، حيث كان العرب تتجاذبهم الولاءات للقوي الدولية القائمة هذا منحاز سلوكا و تصرفا للفرس ، و ذاك للروم ، و القلة القليلة التي كانت تائهة بين الإتجاهين يحكمها الحذر حتي و هي تمارس الغنيمة التجارية ... و ذلك عقودا قليلة قبل ظهور الإسلام كعقيدة؛ عقيدة هي بمفهوم اليوم ثورة تجمع بين القيم و إعادة صياغة مجتمع منتج تحكمه ضوابط تتراوح بين ما هو شريعة و بين ما هو مدني صرف ... بديلا عن مجتمع الغزو و الغنيمة الحربية أو الغنيمة التجارية .... مما يعني تعطيل العقل و الفكرفلمن كان النصر ... طبيعي كان حليف من مارس الحذر ــ مفهوم الإيلاف ــ الذي توج بالتشريف " دينيا من خلال الرسالة السماوية " .

و حتي لا ننزلق في نقاشنا هذا نحو معالجة الموضوع من وجهة نظر دينية ... أقول الرسالة ما كانت لتكون بذلك العمق الروحي و المادي لو لم يكن العقل العربي الحذر متحفزا للتعاطي مع معطيات الواقع الذي هو جزءا منه و قابلا للفعل بصيغة التراكم ... و كلنا نقول اليوم من أن الفكر هو نتاج ما ينضح به الواقع من متغيرات ... من هنا التطلعات هي جزء مهم و فاعل في الواقع إن كان باتجاه مزيدا من إطالة حبل الإغراق و العتمة كما هي سيف إذا ما مسك من مقبضه لا من نصله لقطع هذا الحبل الذي يراد له أن يلف رقبة الأمة و يقضي علي البقية الباقية من نبض الحياة فيها .

2 ــ
إن المسألة اليوم ليست مرهونة في البرامج أو نقد ما كان سائدا طبقا لسرديات الأطياف السياسية و الفكرية التي تعج الساحة العربية بها ... إذ كلما فتح موضوع تردي واقع العرب اليوم إلا و فوجئ المرء بتوافق الرؤي قل نظيره في تاريخ العرب الحديث و المعاصر ، فالكل العربي " ساسة و اعلاميين كتبة يوصفون بالمفكرين و منظري مستقبليات و بعضهم محللين برتبة خبير بما في ذلك بسطاء الأمة و شرائحها الإجتماعية المفقرة و المهمشة " يقرون من أنه و منذ العدوان الثلاثيني علي العراق سنة 1991 و بصفة أساسية منذ احتلال هذا القطر قد أصبحت المنطقة العربية ساحات صراع لمصالح دولية وإقليمية مختلفة ، في ظلّ غياب {{ المشروع العربي}} القادر على مواجهة " المشاريع " الإقليمية والدولية المتنافسة على المنطقة... مما يعني أن مسألة العقل العربي و العربي في حد ذاته مرهونة بإحدي الثنائيتين : بقائنا كعرب أمة لها فعلها و أثرها المادي و المعنوي في التاريخ الإنساني من عدم البقاء لنتحول إلي شتات في صيغة مشابهة للأشجار المثمرة علي حافات طريق الفعل الإنساني ... تماما كتلك الأشجار التي تكون علي الطرق العادية المار بها يقطف منها ما شاء وطاب له حتي اذا ما انتهت ثمارها تصبح هدفا للرعاة يقطعون منها لدوابهم ما شاؤوا من أغصانها لتنتهي جذوعا متناثرة يقطعها كل حطاب.

و حتي لا نتحول الي أشجار في أحسن حالاتها تزين فعل الآخر الإنساني أو توفر المادة الأولية لفعل علينا أن نقر من أننا اليوم كعرب في حاجة لحاجة بمستوي حاجة العرب في الجاهلية إلي الإسلام ، نعم في حاجة تحقق إنقلابا في حياتنا و في نفسيتنا . حاجة تجعل القيم لا تستمد من المجموع ــ ( القبيلة ــ الطائفة بكل أشكالها الدينية أو الإثنية ــ ) و لا من فرد يفرضها ، و إنما تصدر من مكان هو فوق المجموع و الفرد معا .

نعم في حاجة لهذا المكان ــ المؤسسة ــ (رسالة الحاضر والمستقبل العربي في هذه المحطة ) الذي يضمن الحرية للفرد و انسجامه مع المجموع في ذات الوقت .

نعم صدر الإسلام حقق اتحاد النفس العربية مع القدر بعد ان كانت متجاهلة له ، أو لا تستحضره فأصبحت إرادة القدر هي ارادتها قاطعة العلاقة مع عزلتها مكانا و وحشتها زمانا ... و أصبح لا العالم فحسب بل كل الكون بكل ما هو منظور فيه و غير منظور مسرحا لنشاطها و لتطبيق القيم التي ظهرت في الحياة العربية . فاليكن اليوم المشروع القومي هو رسالة حاضر و مستقبل العرب ، المؤسسة التي تضمن تحرير الأمة و استقلاليتها و امتلاكها لإرادتها بما يمكن الفرد من ابنائها من انسجامه مع المجموع و ضمان حريته الفردية في آن واحد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) :ــ خطيب الجامع الاموى بدمشق يصرخ: نعاهد الله على ان نموت دفاعا عن روسيا وقائدنا الفذ بوتين ـ اليوتوب ـ .

ــ القرضاوي في قولته الشهيرة و تبريره الفج و الوقح للعدوان علي ليبيا و تدمير مكتسبات الشعب الليبي و تحويل القطر الليبي مرتعا للفوضي " لو كان محمدا بيننا لتحالف مع الناتو " .

ــ تصريح راشد الغنوشي اثر اغتيال الشهيد صدام حسين في مقالة له منشورة " بعد طيّ صفحة صدام والبعث، العراق الى أين؟"

d.smiri@hotmail.fr
 





الثلاثاء ١٠ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة